نار «الربط» ولا جحيم «الاغتصاب».. سيدات: بنحافظ على بناتنا من الحرام
الإثنين 01/فبراير/2021 - 09:21 م
شريف حمادة
سادت حالة من الرعب والخوف بين معظم العائلات الجزائرية بعد تزايد حالات اختطاف العديد من الفتيات القاصرات والتعدي عليهن جنسيًا.
وأشارت التقارير الأمنية إلى أن أغلب المُختطفات يتم استغلالهن في أغراض شتى يتصدرها الاغتصاب، كل هذه المؤشرات المفزعة والمروعة جعلت الأولياء يبحثون عن حلول للاطمئنان على بناتهن وحمايتهن من الذئاب البشرية وضعاف النفوس الذين يتربصون بهن داخل البيوت وخارجه، ليجد بعضهم الحل في أن يقوم بـ"ربط" أو "تصفيح" بناتهن بالسحر حفاظًا على شرف العائلة.
ويعد ربط البنات أو كما يُطلق عليه باللغة العامية الجزائرية "التصفيح" أحد أقدم أنواع السحر الذي عرفته القبائل العربية في بلاد المغرب العربي ومارسته لسنوات عديدة قبل الإسلام وبعده، رغم محاربة الدين وتصدي رجاله من الأئمة والدعاة لهذا النوع من السحر الذى يتم استخدامه بطرق تضر بعض الأسر وقد تؤدي إلى انتحار بعض الشباب، واضطرت بعض العائلات الجزائرية إبان ثورة التحرير وعدها لاستخدامه لحماية بناتهن من الجنود الفرنسيين الذين كانوا يداهمون البيوت ويغتصبون البنات على مرأى من أهاليهم.
ويشترط هذا النوع من السحر أن تقوم به عجوز مُسنة بلغت سن اليأس وانقطع عنها الطمث، في بيت خال من الذكور وتردد فيه تعويذة معينة في طقوس خاصة يجعل الفتاة محمية ولن يتمكن أي رجل من مجامعتها وسيشعر بالضعف والوهن كلما هم بذلك، ويفك هذا السحر عادة في عدة سويعات فقط قبل أن تزف البنت لمنزل الزوجية.
والغريب أن هذه العادة لا يزال سكان الأرياف يقبلون عليها بشدة رغم محاربة الأئمة والخطباء لها لما تسببه من خطر على الوضع النفسي للبنت وحياتها الزوجية المستقبلية، إلا أن الظروف والأوضاع الراهنة جعلت الكثير من الأسر بالعاصمة الجزائرية تتبعه لحماية بناتها.
- تعويذات سحرية
تقول الحاجة "فاطمة"، تبلغ من العمر 63 سنة، وتعالج آلام الرأس الشديدة عن طريق ما يسمى "القطيع" في العاصمة الجزائر: إن أهم شرط لربط الفتاة هو أن يكون سنها ما بين السادسة والعاشرة، أي قبل سن البلوغ البيولوجي.
وتؤكد السيدة "الزهرة م" عجوز تُمارس عملية الربط كمصدر رزق لها: "أن مفهومه مقتبس من الهدف الذي وجد من أجله، وهو تفادي فض غشاء البكارة وحماية الشرف، ويتم الربط من خلال ( جروح خفيفة على فخذ الفتاة المراد ربطها وذلك عندما تكون صبية صغيرة باستعمال شفرة حلاقة، ثم يؤتى بقفل أو مفتاح وتتلفظ المرأة التي تقوم بهذه العملية بكلمات سرية، ثم يغلق القفل أو يحرك المفتاح يمينًا أو شمالًا حينئذ تصبح البنت محمية من كل محاولة لفض غشاء بكارتها ولا يمكن ذلك إلا بعد فتح القفل أو تحريك المفتاح أو أكل شيء ممزوج بدم الفتاة).
وتضيف "الزهرة" أن هناك طريقة أخرى وهي إحداث 7 جروح في ركبة الفتاة المعدّة للربط أو "التصفيح" ثمّ تمريغ 7 حبّات من التمر أو الزبيب في الدم المراق وتُجبر الفتاة على أكلها الواحدة تلوى الأخرى مردّدة في كلّ مرة (أنا حيط وابن الناس خيط)، وهى متوجّهة نحو القبلة.
كما يجب أن تُجرى العملية في بيت خال من الذكور، والمقصود من التعويذة هو أنها أصبحت جدارا للرجل المغتصب أو المحبوب خيطًا رفيعًا، ولإبطال السحر ونزع مفعوله لفتح مجال للجنس في إطار الزواج الشرعي، يطلب خدمة العجوز التي قامت بعملية الربط نفسها فهي الوحيدة التي تعلم الطريقة التي ربطت الفتاة بها، ومن المفضل أن تكون حاملة لاسم إسلامي دالّ كعائشة أو فاطمة لتقوم بعكس ماقامت به ولتطلب من الفتاة ترديد كلمة العبور معكوسة (أنا خيط وابن الناس حيط)، مشيرة في سياق حديثها عن طرق أخرى وتعويذات أخرى ووضعيات أخرى لتحصين البنات وتقوية مناعتهن.
- زفاف المربوطة
وأوضحت السيدة "ز.ج" تبلغ من العمر 35 سنة، أن ابنتها عانت الويلات جراء سحر الطفولة، فقد ربطتها جدتها عندما كانت فتاة صغيرة وتم ذلك في سرية دون أن أعرف بالأمر ولما كبرت زفت لعريسها في حفل بهيج غير أن زوجها لم يتمكن من إكمال مهمته، وبقيت على تلك الحال لمدة 15 يومًا ثم أرجعها لمنزلنا ودموعها على خدها لتشتكي الحال لي وكانت جدتها مريضة قبل العرس ولكن شفاها الله وعادت لوعيها فأخبرتنا عن أنها ربطت البنت فى صغرها خوفا عليها من الحرام، ونسيت أن تفكه لها قبل ليلة عرسها بسبب المرض وتقدم سنها".
وأضافت الأم: "لما أردنا أن نفك الربط تم الاستعانة براقى شرعي وخضعت الفتاة عدة جلسات وهى تعذب إلى أن تخلصت من السحر وخادمة".
وكان عدد من علماء الجزائر قد أفتى بحرمة ما يقوم به الأسر من ربط بناتهن، حيث دعا الشيخ "نسيم بوعافية" إمام مسجد فرجيوة بميلة العائلات الجزائرية للتوقف عن ممارسة عادة ربط البنات، مؤكدا أنه نوع من السحر والسحر حرام ولا يجوز شرعا مهما كانت الدوافع والمبررات للقيام به كالخوف على البنت والحفاظ على شرف العائلة، فالأصل في المرأة أن تبقى على الفطرة، مضيفا أن طقوس عملية الربط تعتبر شركا بالله رغم اختلافها من عجوز لأخرى ومن منطقة لأخرى، إلا أنها تجتمع في الاستعانة بشياطين من الجن تسخر خصيصًا لجعل الرجال ينفرون من الفتاة وعدم تمكينهم من مجامعتها، إلا أن الجني والذي يسكن جسد الفتاة لسنوات طويلة قد تفوق العشرين عاما يغير من وظيفته على حد قول الشيخ "بوعافية"، ففي الكثير من الحالات التي عالجها الشيخ أصبح الجني المسخر لحماية الفتاة عاشقا لها ويرفض مغادرة جسدها ويصيبها بأذى والأمراض المتعددة والتي لا ينفع معها العلاج الكيماوي.