بقلم مريم النويمي: ( إحالتي) آلية تطبيق غير منضبطة
كل ممارس صحي يعلم علم اليقين ما عليه من واجبات نحو مريضه، أحيانًا من شدة حرصه يرتكب أخطاءً من الممكن أن تعيق سرعة العلاج! فوزارة الصحة أوجبت للمريض حقوقًا كثيرة، علمها من علمها وجهلها من جهلها.
الوزارة اعتمدت نظام «إحالتي» لخدمة المريض الذي لا يوجد له سرير في المنشأة أو لا يوجد التخصص الذي يحتاجه. وهناك نوعان من هذا النظام؛ «إحالة إنقاذ حياة» وهي تخص الحالات الحرجة التي تحتاج النقل على وجه السرعة، إمّا أن تكون منقولة من المستشفيات الطرفية أو مستشفيات داخل المدينة لا تتوفر فيها الخدمة، وتُنقل للمستشفى الذي يناوب فيه استشاري التخصص المطلوب. قد يوجد الاستشاري ولكن من الممكن جدًا حينما يصل المريض للمنشأة الموجود فيها هذا الاستشاري، ألا يكون هناك سرير شاغر. وعبارة «حالة إنقاذ حياة» تعني أنه ليس هناك داع لأخذ موافقة المستشفى المنقول إليه المريض، حيث يخرج مريض من عناية مركزة لا يتوفر فيها الغسيل الكلوي على سبيل المثال إلى مستشفى آخر تتوفر فيه الخدمة ولكن لا يوجد سرير بالعناية المركزة، فيبقى المريض في طوارئ المستشفى المنقول إليه، وعادة لا يمكن إجراء غسيل الكلى في قسم الطوارئ، بل يحتاج أن يكون المريض في قسم مختص لتقديم الخدمة، فيعمل المستشفى مُستقبل الحالة «إحالة للحالة» لعدم توفر سرير شاغر، وهذا من شأنه أن يؤخر علاج المريض، فماذا كان سيحدث لو نوقش قبول الحالة بين المستشفيين، وإن لم يتوفر سرير يتم شراء خدمة للمريض في مستشفى لديه التخصص المطلوب والسرير قبل نقله؟ وهذا حق تكفله وزارة الصحة لأي مريض لا يتوفر له سرير في المنشأة الصحية، وإن كانت حالة إنقاذ حياة. وهناك أمثلة عديدة، فمثلًا ولد طفل خديج في أسبوعه التاسع والعشرين ونقل كحالة إنقاذ حياة لأحد المستشفيات التي لديها وحدة عناية مركزة لحديثي الولادة، ولكن –للأسف– لم يكن هناك سرير شاغر، فتم تنويم المريض الخديج في الطوارئ وقدم له العلاج المناسب في المكان غير المناسب، وعمل المستشفى المُستقبل إحالة للمريض للمستشفيات الحكومية الأخرى بحثًا عن سرير، وحين لم يتوفر ذلك، رفع طلب شراء خدمة.
أقسام الطوارئ لا تناسب حديثي الولادة لارتفاع معدل الإصابة بالعدوى والذي من الممكن –لا قدر الله– أن يودي بحياتهم. ماذا لو استشير الطبيب المختص من البداية ووضع الخطة العلاجية، وإن احتاج الأمر ذهب وعاينه، وحول بعد ذلك للمستشفى الذي يوفر السرير والخدمة؟ لا بد أن تستقر حالة المريض قبل نقله، فنقل المريض لأي مكان وهو في حالة حرجة من الممكن أن يضره أكثر مما يفيده. المسألة ليست فقط التخلص من مسؤولية المريض بنقله لمستشفى آخر، بل العمل على استقرار حالة المريض أولًا ومن ثمّ تنسيق التحويل.
بالنسبة لأسرة حديثي الولادة وهي الأكثر طلبًا واحتياجًا، لا سيما ونحن نمر بموسم الالتهابات التنفسية خاصة (الفيروس التنفسي المخلوي RSV)، فأقسام الطوارئ تكتظ بالمواليد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10-28 يومًا وهؤلاء حسب التعريف العالمي (مواليد)، ولكن من الممكن جدًا تنويمهم مع أمهاتهم في أقسام الأطفال، إذا كانت حالتهم مستقرة حتى لا نفصل بين المولود وأمه مما يسرع عملية التعافي، أو تنويمهم في أقسام العناية المركزة للأطفال إذا كانوا يحتاجون إلى دعم تنفسي، لأن استشاري الأطفال يستطيع تقديم خدمة من المستوى الأول والثاني لحديثي الولادة، ولكن المستوى الثالث عادة يقدمه مختص بالعناية المركزة لحديثي الولادة أو الأطفال لأنها حالات حرجة. ورغم أن وزارة الصحة وحسب البروتوكول الأخير الذي أصدر بتاريخ 20/10/2022، والذي ينص على أن المواليد الذين يدخلون من خلال قسم الطوارئ وتتجاوز أعمارهم ثلاثة أيام، ويحتاجون إلى دعم تنفسي وأوزانهم تتجاوز 2.5 كيلوجرام ولا يحتاجون إلى تغيير دم، من المفترض تنويمهم في وحدة العناية المركزة للأطفال، بدلًا عن وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، إلا أن ما يجري في بعض المستشفيات الحكومية، هو رفض قسم العناية المركزة للأطفال استقبال المواليد بهذا العمر وينومون في الطوارئ حتى توفر سرير في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، أو تحويل الحالة، أو شراء خدمة لها، وهذا لا يتماشى مع توجيهات وزارة الصحة، وليس بجيد للمولود وشراء الخدمة مُكلف، فلماذا لا تدخل الحالة لعناية الأطفال إذا كان هناك سرير شاغر، وتوفير الوقت والمال؟! وقبل كل هذا الحفاظ على صحة المريض. علينا أن نفهم آلية الإحالة والهدف الذي وجدت من أجله.