ميرهان خليل تحكي قصتها مع سرطان "المايلوما" في رواية "كلهن أنا"
الجمعة 15/يناير/2021 - 02:05 م
إسلام علام
- من يرى الموت بعينيه أكثر من مرة هو الأكثر تقديرًا لنعمة الحياة
- بدأت رحلة علاج جديدة للتعافي من آثار زرع نخاع لمدة سنة كاملة
- "كلهن أنا" رواية نهايتها مفتوحة وهي أول نجاح في حياتي
مريهان خليل، زوجة وأم مصرية، تزوجت في سن الـ 19 عامًا، وأنجبت بعد زواجها بعام واحد، أي في سن الـ 20 عامًا، وبعد 20 سنة أخرى من حياتها أصيبت بأندر وأخبث أمراض السرطان "المايلوما المتعددة"، ولكن بثقتها في ربها وفي نفسها، استطاعت أن تقهر هذا المرض، وأن تضيف لنفسها لقب "كاتبة" وذلك بتأليفها رواية بعنوان "كلهن أنا"، يجمع بين الخيال والحقيقة.
تحكي ميرهان خليل في تصريحات خاصة لـ"هير نيوز" مجمل قصتها، فتقول: "اسمي ميرهان خليل زوجة وأم مصرية وست بيت، تزوجت وأنا في سن الـ19 من عمري كنت وقتئذ في ثانية جامعة، وأنجبت ابني وأنا في الفرقة الثالثة بالجامعة، وبعد أن أكملت الـ 20 بـ 13 يومًا، أنهيت المرحلة الجامعية، وتفرغت لرعاية ابني، وبعد 5 سنوات أنجبت بنوتة جميلة، وأخذتني الحياة وغرقت في حياة أولادي، مدارسهم، تمارينهم، دكتور الأطفال".
تتابع "ميرهان": "ومرت 20 سنة في غمضة عين، وفي 5 نوڤمبر 2011 استيقظت ليلًا على ألم في رجلي اليمنى لا يُحتمل، ودخلت طوارئ بأحد المستشفيات وشخصها الدكتور وقتئذ "عِرق النسا"، وكتب مسكنات وحقن وأدوية أعصاب، وتحسنت حالتي لمدة أسبوعين فقط، وبعدها الألم زاد وتوقفت رجلي عن الحركة تمامًا".
وتضيف "ميرهان" عن بداية رحلة اكتشاف المرض الحقيقي: "بدأت رحلة جديدة للكشف عن أسباب الألم، وبعد 3 شهور من البحث هنا وهناك اكتشف الأطباء أنى مصابة بمرض سرطان "مايلوما متعددة"، ولم أكن أفهم أو أستوعب الأمر".
وتستطرد: " قلت لنفسي وقتها، يعني إيه يجيلي كانسر، لا على فكرة مش دا تصوري عن حياتي، ولا دي النهاية اللي كنت بفكر فيها أنا خطتي كانت غير كدا خالص"، وبعد أيام وليالي قضيتها في الحزن والبكاء والخوف من المجهول قررت التسليم لله، فناديت ربي، أنا بين يديك، والشفاء منك وحدك ولا حول لي ولا قوة إلا بك ومنك".
واستكملت: "وبدأت في فبراير 2012 جرعات الكيماوي، على أن أبدأ في شهر يونيه المرحلة الثانية وهي زرع النخاع، آه ياربي عندما أتذكرها كم أشعر بالمرارة والتعب ولا أستطيع التحدث عنها، ألم، وجع، خوف، وِحدة، ولكن في القلب أيضًا سكينة غريبة جدًا، وعلى الرغم من أنها عكس كل المشاعر السابقة بالنسبة لي، فإنها كانت موجودة وبقوة وتحولت كل الأحاسيس، إلى أنني أخذت قرارًا بأن أختلي في خلوة مع الله، لأن الزيارات كانت ممنوعة ولم أكن أستطيع رؤية أولادي ولا أهلى ولا أصحابي، إذن ربنا بيقولي "إنتى بتاعتي لوحدي، وأنا قررت أرمي نفسي في حضن ربنا ومفكرش".
وعن فترة العلاج، تقول "ميرهان": "بدأت أًصاب بالكثير من الأمراض بسبب ضعف المناعة، أقساها كان التهاب رئوي، غير سقوط الشعر، ومن أصعب المراحل عندما بدأت الصفائح الدموية تنزل للصفر في جسمي، مما أوجب نقل صفائح لي، فأخذت حوالي 13 كيس صفائح، ومع كل كيس كان يحدث ما يسمى بـ reaction أو رد فعل، وهو عبارة عن تشنجات عنيفة أو حالة تشبه الصرع وكانت تستمر لمدة 20 دقيقة".
وتضيف: "ومن كتر ما كنت بتعب منها كنت بتخيل أن مَر عليا ساعتين، والمدة في العزل طالت والنخاع لم يشتغل إلى أن دخل علي الدكتور ذات يوم وقال لي بكل صراحة وجراءة "ميرهان إنتِ هتدخلي مرحلة الخطر لو وصلنا لليوم الواحد وعشرين والنخاع ما اشتغلش"، وجاءت لليلة الـ 20 والنخاع مش عايز يشتغل، وليلتها، وعلى الرغم من الخوف والرعب الذي كنت أعيشه، فإن قلبي كان مليئًا بالسكينة والاطمئنان، "وكل اللي عملته إني نمت باصة للسما من الشباك الإزاز اللي في وشي وبقول لربنا فوضت أمري ليك"، لأن فعلًا الموضوع كان بين يدي ربنا فقط".
وتابعت "ميرهان": "استيقظت صباح اليوم الثاني على صوت الممرضة تصرخ "النخاع اشتغل"، وأيقنت يومها أن التسليم لله لازم يتصدق في القلب، وهذا هو اليقين الحقيقي في أن الله يدبر لنا أمورنا في الخفاء، وبعد 4 أيام تم نقلي لغرفة عادية لمدة 3 أيام ثم عدت لبيتي بعدها لعزل جديد مدته 30 يومًا، وعدت هذه الفترة أيضا ولكن بآثار ما بعد الزرع التي كان أعنفها التهاب أعصاب شديد لدرجة أن القدرة على فتح إزازة مياه كانت حلمًا بالنسبة لي".
وأوضحت: "وساعتها عرفت نِعَم ربنا علينا، والتي نعتبرها مسلمات، وبدأت رحلة علاج جديدة للتعافي من آثار الزرع وكانت مدتها سنة كاملة من حقن وعلاج طبيعي، وعدت على خير وفجأة بدأ نشاط المرض يظهر من أول وجديد مرة أخرى، والدكتور زَوِد جرعة الكيماوي، وكانت أقراص، وحمدت الله أنها كذلك، واستمر العلاج سنتين ونصف، بهدف السيطرة على الوضع، ولكن للأسف المرض رد علي ورجعت لنقطة البداية".
وعن تلك الانتكاسة، تقول "ميرهان": "انهرت تمامًا ولكن كان هناك صوت داخلي يهمس لي بالذهاب لطبيب نفسي، وفعلا بدأت علاج نفسي مع علاج من أول وجديد للمايلوما ولكن هذه المرة بـ 3 أنواع كيماوي، أقراص، وريد، حقن تحت الجلد في البطن وبعد 8 شهور من العلاج الدكتور قال لي "لازم زرع نخاع تاني"، وهنا قررت أن أهرب من العلاج كله وقلت لنفسي مش عايزة أتعالج حتى لو هعيش أيام محدودة، عايزة أعيشهم مبسوطة، وفعلا ربنا كرمني بأحلى سنة و8 شهور في حياتي، أتعالج نفسيًا والدكتور النفسي طلب مني أعبر عن كل مشاعري ومخاوفي بالكتابة وهذا كان أحلى واجب أقوم به".
وتتابع "ميرهان" عن بداية مشوارها الكتابي: "أخذت ورش كتابة وكورسات في الطاقة وتعلمت كيف يمكن الشفاء من السرطان بالأكل، وبدأت أتعرف على نفسي في هذه الفترة، ولكن كالعادة فترات السعادة لا تدوم كثيرًا، فبدأ المرض يرد وبشدة، وهنا كان لازم أرجع للعلاج من تاني ولكن هذه المرة دي رجعت أقوى وبحالة نفسية أفضل بكثير، وكملت في ورش الكتابة والسيناريو وأخذت قرار أن أكتب رواية أتكلم فيها عن المعاناة النفسية والاجتماعية لمريضات السرطان".
وتضيف "ميرهان": "وفعلا كتبت روايتي "كلهن أنا"، وهي أول شيء أقوم به في حياتي لنفسي، وأول نجاح لي، لأني كنت قبلها أستمد نجاحي من نجاح أولادي، لكن هذه المرة أنا التي نجحت وحققت حلمًا لم يكن يخطر على بالي أصلًا، فروايتي ليست سيرة ذاتية، وإنما حياة البطلة خيال ولكن تجربتها مع المرض هي أنا بمشاعري ومخاوفي وأفكاري، أردت الحديث عن جانب لا يراه ولا يتكلم عنه أحد، وهو الجانب النفسي لمريضة السرطان، والرواية موجهة للمرأة لأن الست عندما تمرض أغلب الوقت لا تجد دعما نفسيا كافيا من الزوج والأهل، لأنها هي التي تقدم الخدمات دوما وليس العكس".
واختتمت: "في الرواية قصة حب لذيذة، أردت القول من خلالها أن الحب والأحاسيس الجميلة موجودة في القلب رغم المرض، السرطان مش نهاية حياة، بل بداية حياة، وبالعكس قد تكون الحياة أسعد بعده، لأن الذي يرى الموت بعينيه أكثر من مرة هو الأكثر تقديرًا لنعمة الحياة، الرواية نهايتها مفتوحة من أجل أت تقرر كل سيدة ما تريده وما تحلم به، إيمانًا مني بحق المرأة فى اختيار حياتها".