من أرشيف محكمة الأسرة| عاوز يسمي بنتنا «محفوظة» بأمر أمه
السبت 11/مارس/2023 - 08:00 م
وائل كمال
كانت تحلُم أن تعيش حياة رومانسية كما تشاهدها في الأفلام والمسلسلات التركية والهندية، وعاشت قصة حُب مع زميل لها في الجامعة وتمنت أن يجمعهُما يوما ما سقف واحد، لكن غالبا لا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
فتاة في الفرقة الثالثة بإحدى كليات الجامعة، تقطن في قرية ريفية تابعة لمحافظة سوهاج، تعيش مع أسرتها المحافظة التي تحترم العادات والتقاليد، نشأت بينها وبين زميل لها بالجامعة علاقة حُب شريفة، وتمنى كلاهُما أن يجمعهُما سقف واحد.
وفي أحد الأيام طرقت الأم باب غُرفة ابنتها ووجدتها ممتدة على سريرها تفكر في عالم آخر بعيدا عن الواقع، وبطريقة لطيفة أبلغت الام أبنتها أن ابن عمها يرغب في الزواج منها، انتفضت الفتاة واعتدلت على سريرها في غرابة شديدة وكأنها سمعت خبر وفاة عزيز عليها.
صمتت الفتاة قليلا وهى تنظر الى امها لا تعلم ماذا تقول، وردت قائلة: "أنا مش بفكر ارتبط دلوقتي يا أمي"، ردت الام مؤكدة أن العريس أبن عمها وعلى خلق جيد، ووسيم وجميعهم يعرفه جيدا وصاحب وظيفة مرموقة، وستعيش حتما حياة سعيدة، وهذا ما تتمناه كل فتاة وأم لابنتها.
ردت الفتاة على أمها قائلة: "انتي يا أمي صاحبتي وكل حاجة ليا وهصارحك بحاجة، أنا بحب زميل ليا بالجامعة وبيحبني وهييجي يخطبني منكم رسمي"، تفاجأت الام بكلام ابنتها، وكتمت بداخلها غضبها ولم ترد عليها بما يجعلها لها خصم، واستفسرت الأم من ابنتها عن زميلها وأحواله وقالت لها إن ذلك لا يناسبها وظروفه لا تسمح حاليا بالزواج، وأمامه الكثير والكثير حتى يكون قادر على الزواج، وأن ما بينهم لا يتعدى الاعجاب، وسيزول يوما ما، وتنشب بينهم المشاكل الاسرية بسبب ظروفه المعيشة وخاصة أنه لم يتخرج بعد أو يلتحق بوظيفة يُمكنه من خلالها فتح منزل والانفاق على أسرة.
وأضافت الام لابنتها أن ابن عمها يمكنه فتح منزل ويمتلك شقة فى منزل والدة ومجاوره لهم، ويمكنه الانفاق على اسرة ولا يعيبه شيء، واللي تعرفة أحسن من اللي متعرفوش.
تركت الام أبنتها وخرجت من الغرفه، ودخلت الفتاة في دوامة التفكير، وبدأت تقارن بين حبيبها الذى لا ترى أو تعرف سوى مميزاته، وابن عمها الذي ترى مميزاته وعيوبه، ولم تستطع فى النهاية أن تتحمل مسؤولية اختيارها خوفا من الفشل واللوم.
بعد الحاح شديد من والدة الفتاة والتقريب والتبعيد لها فى عملية الزواج والحياة الاسرية وما سيحدث مستقبلا، رضخت الفتاة لامها وضحت بحبها من أجل رغبة أمها والزواج بابن عمها، وتمت الخطبة وبعد شهور قليلة تم العرس فى ليلية بهيجة حضرة كل الاهل والاقارب وتمنى لهم الجميع السعادة وحياة أسرية ناجحة، وسافرت برفقة زوجها الى أحدى امدن الساحلية لقضاء شهر العسل.
عادت الفتاة من رحلتها "شهر العسل"، وبدأت تمارس حياتها الطبيعة وتختلط بحماتها بحكم المعيشة فى منزل اسرى واحد، ومن هنا نشبت بينهما خلافات وخاصة عندما أرادت والدة زوجها تقمص دور الحماوات القادرات أصحاب الكلمة الاولى والاخير عليها وعلى ابنها.
كان الحماة على حد قول الفتاة تطلب منها أشياء فوق طاقتها فى خدمة المنزل، وبطريقة مستفزة، ولم تعتاد عليها فى روتين حياتها، اشتكت الفتاة حماتها لزوجها، فطلب منها أن تتحمل، مرت الأيام والشهور وزادت الحماة فى قسوتها وطلباتها، فاشتكت الفتاة لزوجها واهلها وان حماتها بأفعالها تلك تهدم حياتها وتعرضها للخطر وعدم الاستقرار، وكان الرد واحدا "استحملى دي ست كبيرة وايامها معدودة.. اعتبريها امك".
لم تجد الفتاة من زوجها أو أهلها الرد الذي تنتظره، ووجدته لا يقدر على مخالفة والدته فى أي أمر ويصدقها في كل شيء، ويطيعها طاعة عمياء ولا يمكنه مواجهتها، وحتى إن تأكد من عدم صحة حجتها، وأكد لزوجته أنه من رابع المستحيلات أن يكذب والدته فطاعتها واجبة حتى لا تغضب أو تدعو عليه، واستسلمت الفتاة لقول زوجها واهلها وتحاملت على نفسها الكثير والكثير.
مرت الأيام وأنجبت الفتاة طفلة، وهنا تفاقمت وحدثت بينها وبين حماتها فجوة كبيرة لم تتحملها، حيث رغبت الام في تسمية ابنتها باسم حديث جميل، ولكن ذلك لم يكن على رغبة حماتها وأرادات ان تسميها "محفوظة"، فتعجب الفتاة ولم ترى رد فعل من زوجها، فقالت لا يمكن ان اتحمل هذا الاستعباد والتحكم وسلبية الزوج، ورفضت ان تُبقي ابنتها في منزل تعرضت هي فيه للظلم، خوفا عليها من الظلم القادم الذي قد يقع عليها وأوله اسمها الغريب.
ازدادت الخلافات بين الفتاة وحماتها حتى اتهمتها الاخيرة في عرضها، وكانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير، ولملمت الفتاة ملابسها وملابس ابنتها، وكانت فى الايام الاوائل من الولادة وذهبت الي منزل أهلها.
انتظرت الفتاة واهلها يوما وأثنين وثلاث وأكثر، أن يأتي زوجها أو أحد أسرته يطرق بابها، ويعيدها معززة مكرمة وينفى اتهام حماتها لها، وخاصة أنها تحملت منها الكثير والكثير، وسيأتي يوما زوجها ويراجع ذاته ويفرق بين حقوق زوجته وواجبات والدته.
بعد أسبوع تفاجأب الفتاة بمُحضر يطرق باب الشقة ليسلمها ورقة طلاقها، سقطت الفتاة على الأرض وانهمرت في البكاء وقالت بعد أن أفاقت بين أيادي والدتها "دي اخرتها.. فعلا ابن امه وميستهلش اللي عملته عشانه.. ضحى بينا عشان أمه".
مرت أيام واسترد الفتاة قوتها وعافيتها وتوجهت لمحكمة الاسرة بسوهاج، تطالب بحقوقها وحقوق ابنتها الذى سلبتها حماتها ودمرت حياتها وحياة طفلتها التي تعيش بعيدا عن والدها، طالبة من الله عزو جل ان يقتص لها من حماتها وزوجها ضعيف الشخصية، وأن يُقدرها الله على تربية أبنتها التي باتت سندها في الدنيا وتعيش من أجلها وطاعه الله.