في ذكرى ميلاد توفيق الحكيم.. حكاية «عدو المرأة» الذي تزوج بالواسطة
الأحد 09/أكتوبر/2022 - 07:08 م
نور احمد
رائد من رواد الأدب العربي، ما إن تأتي سيرة الرواية والكتابة إلا ويتبادر إلى ذهنك اسمه؛ إذ كان لأدبه عظيم الأثر على أجيال متعاقبة من الأدباء.. إنه الروائي والأديب المصري توفيق الحكيم الذي تحل اليوم 9 أكتوبر ذكرى ميلاده.
واشتهر الأديب الكبير توفيق الحكيم بأنه كان "عدو المرأة" حيث قال عنه البعض بأنه يبغض المرأة بغضًا كبيرًا، ويتخذ تجاهها موقفا معاديا ضدها، حتى وصل الأمر إنه حينما سئل عن المرأة في باريس، قال: لا يجب أن يكون لها دخلٌ كبير في حياتي.
وما يخفى على الكثير إن للنساء أثرًا كبيرًا في حياة الأديب توفيق الحكيم منذ إن كان طفلًا لم يتجاوز عمره عدد أصابع اليد،، وهو ما يقدمه "هير نيوز"
الطفل العاشق
في كتاب "سجن العمر" الذي دوّن فيه سيرته الذاتية تحدث توفيق الحكيم عن حواء الأولى والثانية في حياته وهو دون العاشرة فقال: يُخيل لي أني كنت أحس بإحساس خاص نحو طفلة في مثل سني أو أصغر قليلاً. أذكر أنها كانت شقراء الشعر، وكانت ابنة لإحدى الأسر في الأقاليم.
وقال في كتابه :" يبدو أنني شعرت بشيء كهذا، على نحو غامض بالطبع يخيل إلي أن كنت أحس بإحساس خاص نحو طفلة في مثل سني، أذكر أنها كانت شقراء الشعر، هي ابنة لإحدى الأسر في الأقاليم، كنت أحلم ليلا بهذه الشقراء الصغيرة، وكنت أتلهف على اللعب معها، والغضب المكتوم والحسرة والاكتئاب، كلما لمحت منها اهتماما بغيري من الأطفال، وكنت أشعر بسعادة بالغة إذا فضلتني عليهم في اللعب".
كما نالت الفتاة السمراء نصيبا من قلبه أيضا، فيقول حينما أحضروا إليهم فتاة ريفية في العاشرة من عمرها لتعمل خادمة، "تأملت وجهها الخمري اللون دقيق القسمات ولا أدري ما الذي حدث لي.. كل ما أعرف أن ميلا غامضا جذبني إلى هذه الصبية اللطيفة فصرت أعطف عليها وأحميها ممن يغضبها" وحينما جاء أهلها ليأخذوها حزن لفراقها حزنا شديدا.
- مغامرات شبابية :
لم تكن حكاية واحدة مر بها الحكيم في مراهقته، لكن حبه الأول الحقيقي الذي روى عنه كان في سن الخامسة عشر وهو ما سجل وقائعه في رواية "عودة الروح" بين الفتى محسن وجارته "سنية".
وكان محسن - وفق ما ذكره توفيق الحكيم - يتردد على سنية التي تعزف البيانو ليغني لها، لقد شغفها حبا في هدوء وصمت، ولكنها قد انتهت نهاوية مأساوية تركت من الأثر السيء في نفسه ما لم يتركه غيرها.
كما عاش محسن مع سنية قصة حب متأرجحة ما بين الشك تارة والهناء تارة أخرى؛ كان يشك في حبها من آخر، وما لبث أن تحول الشك ليقين حينما أزاحت الستار لتكشف له أنها أحبت جارها الثري مصطفى.
- الحب الممزوج بالجنس :
أما الحب الممزوج بالجنس فقد عرفه بعد الحصول على الكفاءة "الثانوية العامة الآن"، فكتب يقول: منذ ذلك الوقت بدأنا نعرف المرأة كما يتاح لأمثالنا مقابلتها وقتئذ، في تلك الأماكن المظلمة في حي "وجه البركة" و"كلوت بك" كلما استطعنا تدبير عشرة قروش في ليلة الجمعة.
وقد حدث ذات مرة أن جاءتنا خادمة شابة أرملة، لاحظت أنها تحاول الاختلاء بي وإغرائي، وكدت أضعف وأهم بها، لولا أني جعلت أفكر في الأمر ومغبته، وما يمكن أن يترتب عيه من فضيحة في الأسرة، فتمالكت نفسي بسرعة وتماسكت وتغلبت إرادتي على نزوتي.
- نساء باريس في باريس :
وحينما استقر الحال بالأديب توفيق الحكيم في باريس، كان لمدينة الجمال قصة حب جديد له من سوزي ديبون، بائعة التذاكر في مسرح أوديون والتي ألهمته مسرحية "أمام شباك التذاكر"، فقد أحبها محسن نفس بطل "عودة الروح" الذي أحب سنية.
يقول إنه كان يجلس في قهوة الأديون ليراقب من بعيد طيف حبيبته سوزي وهي جالسة في شباك التذاكر، وأخذ يقتفي خطاها كلما فرغت من عملها أثناء الليل إلى أن عرف الفندق التي تقيم فيه، فانتقل إليه.
وتبعها ذات مرة إلى المترو، وظل يتودد إليها ويتبادلا أطراف الحديث، وشيئا فشيئا توطدت العلاقة بينهما بل وتطورت؛ فقد كان الحكيم يغمرها بالهدايا والحب.
ويحكي الأديب المصري أنهما كانا يذهبان إلى السينما ويختلسا بعض القبلات خفية في الظلام، وفي المساء يذهبان لتناول العشاء معا والتسامر طوال الليل، غير أن النهاية لم تكن تختلف كثيرا عن باق قصص الحكيم الغرامية.
- راقصة المعبد :
وأثناء سفره إلى فرنسا تعرف على الراقصة "ناتالي" ذات الجمال المخيف، على حد وصفه، في القطار، وقد فتن بها وأخذ يحاول التعرف عليها والتقرب منها، فبادلته إعجاب بإعجابٍ ولكنه بعد أن حجز معها في نفس الفندق، فر وتركها هاربا، إلا أنه قد ملأه الشعور بالندم والحزن وعاد أدراجه إليها على الفور يبحث عنها هنا، وهناك ولكن هيهات فقد وجدها وسط ثلاثة رجال غير عابئة به.
- الزواج بالواسطة :
عندما بلغ توفيق الحكيم سن الأربعين وجد أن الحياة لا معنى لها بلا امرأة وتاقت نفسه للزواج، لكنه قوبل برفض محتمعي نسائي لما عُرف عنه بعداوته للمرأة.
ويحكي الكاتب الصحفي ابراهيم عبد العزيز أن توفيق الحكيم، لجأ إلى زعيمة الحركة النسائية، فطلب منها "هدنة" بل "التوبة والصلح"، قائلا: "أطلب مساعدتك في الزواج.. زوجة واحدة لا أربع والله العظيم"، حيث كتب داعيا لضرورة زواج الرجل بـ4 نساء، مثل السيارة التي لا تستطيع السير إلا بـ4 عجلات. فقالت له هدى شعراوي: هل تعلن توبتك؟"، فقال: "تبت ولن أعيدها أبدا".
وفي النهاية تزوج توفيق الحكيم من السيدة سيادة بيومي التي أحبت الأدب والثقافة كثيرا وتعلقت بكتابات الحكيم، وكلن دواجًا بشروط صارمة أهمها بلا "زفة" وبلا "حفل"، أو مهر، وكان الشرط الأهم بالنسبة له ألا يبدو متزوجا، فكان لا بد لمن اختارها أن تشعره دائما بأنها وهي موجودة كأنها ليست موجود.
اقرأ أيضًا..