«الطلاق الصامت».. قصص من دفتر حكايات الزوجات: «بنتحمل علشان ولادنا وشكلنا قدام المجتمع»
الأربعاء 13/يناير/2021 - 04:10 ص
ميادة فتحي
تنعدم لغة التواصل الجسدي والفكري، فيضطر الزوجان للجوء إلى ما يُسمى بـ«الطلاق الصامت»، من أجل الحفاظ على كيان الأسرة، لكن الزوجة تكون الأكثر تضررًا، لأنها تخاف على أولادها، وأسرتها، من الضياع، والتفكك الأسري، فتضطر للتحمل فوق طاقتها.
«هير نيوز» تُسلط الضوء على مشكلات الطلاق الصامت، من خلال متخصصين في الحياة الأسرية، والطب النفسي، فضلًا عن تجارب السيدات.
في البداية، تروي السيدة مريم. م.ع 37عامًا حكايتها مع الطلاق الصامت، فتقول: "تزوجت منذ 18 عامًا، وأنجبت 3 أولاد، أكبرهم في الصف الأول الثانوي، وأصغرهم في الخامس الابتدائي، لكنني انفصلت جسديًّا عن زوجي، منذ سنوات، ومن وقتها وأنا أدفع الفاتورة كاملة لأجل الأولاد، لأن أهلي رفضوا الطلاق، فما زلنا نعيش معًا في البيت، ونتعامل بشكل جيد أمام الأولاد، حفاظًا على التماسك الأسري".
ضحيت بحياتي
وتقول السيدة مروة عن تجربتها الأليمة مع الزواج: "وجدت نفسي، بعد سنوات طويلة من زواجي، عبارة عن جسد يتحرك في المنزل، دون عواطف أو مشاعر، أو أدنى اهتمام، أو حتى تحمل المسئولية من زوجي، فهو يعيش حياته كيفما يحلو له، ولا يفكر فيَّ، وحتى أثناء العلاقتة الحميمة كل مايهمه هو نفسه فقط، وقد حاولت معه الوصول لحلول لتلك المشكلة ولم أجد، فاتفقنا على الطلاق الصامت، وضحيت بحياتي، للحفاظ على شكلنا أمام الناس!".
شوكة في ضهري!
بينما تؤكد السيدة عبير. أ.أ 26عامًا، أنها اضطرت لتحمل آلام الطلاق الصامت مع زوجها الذي لا يقدرها، من أجل طفليها، اللذين مازالا صغيرين - 3 و5 سنوات - ولأن أهلها يرفضون فكرة الطلاق، وتقول بحزن: "مفيش أي مشاعر، فيه قسوة مكان الحب، وجفاء مكان الرحمة، لكني أتحمل لأجل أطفالي، اللي هما شوكة في ضهري، بس مضطرة أضحي بسعادتي وراحتي علشانهم".
وتضيف "عبير": "بيركز على حقوقه بس مش مهم حقوقي أنا فين، بجانب إنه إنسان أناني، عاوز رغباته فقط، عنده بخل في كل حاجة، ومكتشتفش ده غير لما إنسانه تانيه دخلت حياته، عن طريق الـ"فيس بوك"، فحاولت أحافظ على حياتي، نعيش مع بعض، لكن كل واحد لحاله، عشان نحافظ على شكلنا أمام الناس".
الحياة جحيم!
لم تختلف حياة السيدة شيماء.د.م 30 عامًا، كثيرًا عن سابقتيها، وهي تحكي حكايتها بأسى: "تزوجت مبكرًا في سن العشرين، ولكنني لم أكن أعلم أن حياتي الزوجية ستتحول سريعًا لجحيم، فاضطررت لدفن شبابي مع زوج غير متحمل للمسئولية، مع رفض أسرتي الانفصال تمامًا!".
وأضافت: "قال لي إتحمليني، أنا عندي ضغوط في الشغل، وكل حاجة هترجع زي ماهي، ولكنني فوجئت بأن الحياة بتزيد ضغوط، وإنه مش قادر يتغلب عليها، ولا هو متفهم، ولا متحمل للمسئولية، وانعدمت لغة التواصل العاطفي بينا، ومعاها انعدمت الثقة، وبقى زوجي زي الشوكة اللي في ضهري، لكنني متحملة علشان ولادي، لما بغضب بأروح لأهلي ألقيه بيعامل أطفالنا بشكل سيئ، وأنا مش عاوزة أدمر عيالي، فبارجع واتحمل، لكننا منفصلين عن بعضنا البعض".
الخرس الزوجي
ومن حكايات السيدات، إلى رأي الخبراء، تقول الدكتورة عايدة نوفل، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية، إن الطلاق الصامت، أو مايعرف أيضًا بالطلاق العاطفي ما هو إلا الحياة الزوجية الرسمية الخالية من أي مشاعر أو عاطفة، يبعد فيها الزوجان عن بعضهما، لكنهما يعيشان معًا تحت سقف بيت واحد، وذلك لأسباب متعددة، أهمها الحفاظ على التماسك الأسري، وحماية الأطفال من التشتت.
وتضيف: "وخلف هذا النوع من الطلاق تكمن أسباب كثيرة، أهمها "الخرس الزوجي"، وهو انعدام المشاعر بين الطرفين، وانعدام لغة الحوار والتفاهم والتواصل، حتى يصلا لدرجة البرود الجنسي، نتيجة عدم حل المشاكل، فضلاً عن ضغوطات الحياة التي لا ترحم، وغياب الوازع الديني، وعدم فهم معنى الزواج الأساسي وهو أنه مودة ورحمة وليس مجرد متعة جسدية، فضلًا عن غياب المشاعر الحقيقية بين الزوجين".
اضطراب الشخصية
ومن جانبها، أكدت الدكتورة فاتن قنصوة، أستاذ علم النفس، أن انعدام الثقة بين الزوجين من أهم أسباب الطلاق الصامت، بالإضافة إلى عدم وجود كلمات الحب والكلمة الحسنة، وإلتزام الزوجين الصمت الدائم، والعتاب الزائد.
وترى "قنصوة"، أن الطلاق الصامت يؤثر على الأم والأطفال بشكل أكبر من الأب، حيث يؤذي نفسية الطفل، ويجعل لديه رغبة في الهروب، فضلًا عن تربية الأطفال على الجمود في المشاعر، والسخط على الوالدين، مايؤدي في النهاية إلى اضطرابات عنيفة في الشخصية، والشعور بالإحباط الدائم".
روشتة الحب
وتضع أستاذة علم النفس روشتة لعلاج الطلاق الصامت، فتشير إلى أنها تبدأ برغبة الطرفين في استعادة العلاقة مرة أخرى، بالاعتراف أولًا بالمشكلة، فضلًا عن الاهتمام بالعلاقة الخاصة بينهما، ومشاركة كل طرف هوايات واهتمامات الطرف الآخر، وكسر الروتين اليومي وتذكر الذكريات المبهجة".
وتنصح "قنصوة"، الزوجين بالرجوع إلى لغة الحوار والتفاهم، والابتعاد عن اللوم والعناد والعتاب، فضلًا عن كسب الثقة مرة أخرى بينهما، ومحاولة استعادة كلمات الحب بينهما، وتقبل كل طرف الآخر كما هو، وعدم تدخل أطراف خارجية، والتصالح مع بعضهما البعض، بالإضافة إلى تحمل كل طرف المسئولية، وألا يلقيها على الشريك الآخر وحده، لأن الحياة الزوجية مشاركة بين الطرفين، مع ضرورة إبعاد الأطفال عن الخلافات الزوجية، والحرص على عدم إشعارهم بتغير العلاقة بين الزوجين، حتى لا يتسبب ذلك في تدمير نفسية الأطفال، وانحرافهم سلوكيًّا.