ليلى العفيفة.. جميلة العرب التي رفضت ملك الفرس وغنت لها أسمهان
هل سمعت يوما أغنية المطربة الراحلة أسمهان وهي تقول
"ليت للبراق عينا فترى ما أُقاسي من بلاء وعنا"؟، وكأنها بتلك الأغنية
تنسج خيوط حرير في مغزل تحت ضوء القمر.
كانت تلك الكلمات التي غنتها أسمهان هي قصة حقيقية دارت
أحداثها في زمن ما قبل الإسلام، وكانت بطلتها "ليلى العفيفة" فمن هي
العفيفة ولماذا سميت بهذا الاسم وما قصتها مع البراق؟.
من هي ليلى العفيفة؟
هي ليلى بنت لكيز بن مرة بن أسد بن ربيعة من قبيلة بني تغلب
بن وائل، وهي إحدى قبائل شبه الجزيرة العربية، وقد أطلق عليها اسم "ليلى العفيفة".
وكانت ليلى أجمل بنات العرب في عصرها، وكان يضرب بها المثل، فقيل عنها: "ما رأيت أجمل من
ليلى"، فكانت تامة الحسن.
ذاع صيتها وجمالها جميع أرجاء الجزيرة العربية، ووصل حتى
أطراف أفريقيا من ناحية الحبشة، فتقدم لخطبتها كثيرون من سادات العرب، وعلى رأسهم عمرو
بن صهبان، وكان من أبناء ملوك اليمن، فرفضته ورفضت من تقدم من بعده، فكانت تكره أن
تخرج من قومها.
سبب تسميتها بالعفيفة
عرفت ليلى بالعفيفة لأنها كانت قد تعرضت للخطف من أحد
ملوك الفرس، وعرض عليها ما لا يتخيله أحد من متاع الدنيا على أن تسلمه نفسها، ولما
أبت أذاقها ألوانا من العذاب.
وعرفت قصتها في مسامع الجزيرة العربية، فكانت بهذه
العفة نموذجا لاعتزاز العرب وفخرهم على الآخرين، وظلت قصتها يضرب بها المثل في
العفة، حتى أنها صارت تراثا من أشعار العرب.
ووجدت المطربة أسمهان في قصة ليلى العفيفة، استلهاما لتصوير فيلم عنها تحت اسم "أميرة الشرق"، و"ليلى بنت الصحراء"، وغنت
أسمهان في "أميرة الشرق" قصيدتها الشعرية "ليت للبراق عينا"
في عام 1938م، إبان حكم الملك فاروق.
ما قصتها مع البراق؟
البراق هو فارس بنو ربيعة، وهو ابن روحان بن أسد بن بكر بن
مرة، من بني جشم أحد فروع قبيلة بنو تغلب، وكان فارسا معروفا، وصفه المؤرخون بأنه "إليه
انتهى عزّ ربيعة وشرفها"، وكانت حياته سابقة لكليب بن ربيعة المعروف بالزير سالم.
فكانت قد نشأت بينهما قصة حب قوية، تعلق فيها قلب البراق
بليلى، لكن والدها كان يريد أن يزوجها بأحد ملوك الفرس، وكان قد يأس البراق من
الزواج بها فرحل لقوم بنو حنيفة في شمال الجزيرة العربية.
وبعد رحيل البراق، دارت حرب بين بنو تغلب وبين قبائل قضاعة،
وتزايدت وتيرة الحرب حتى أنه قتل المئات من القومين، فاستنجد قوم البراق به وطلبوه
بالعودة لديارهم.
فلما عاد البراق توجه لأعداء قومه من قضاعة، وأغار عليهم
وهزمهم شر هزيمة، فعاد بالغنائم واسترجع الأسرى من قومه، وسبى منهم العديد، ولما
علم ابن كسرى ملك الفرس عن ليلى وجمالها، وعرف انشغال البراق في الحرب مع قضاعة، أراد
أن يخطبها لنفسه.
فأنشأ كمينا لقوم ليلى وهي معهم، واستطاع أن يأسرها
وأخذها معه إلى مملكته الفارسية، فظلت هناك أسيرة، وحاول ابن كسرى أن يتزوجها
لكنها رفضت، فأغراها بالمال والجاه عن نفسها فأبت، ولم يزدها الأمر إلا رفضا وإصرارا.
ولم يجد ابن ملك الفرس حلا إلا أن يعذبها ليرى وجهها، فأبت
وخيرته بين أن يقتلها أو يعيدها لأبيها، وظل التعذيب يشتد يوما بعد يوم، فأنشدت
شعرها لتستحث قومها على إنقاذها، مستنجدة بابن عمها البراق لانقاذها.
وكان مما قالته ليلى
وهي في الأسر:
ليت للبرّاق عيناً فترى .. ما أقاسي من بلاء وعنا
يا كليباً يا عقيلا إخوتي .. يا جُنيداً ساعدوني بالبكا
عُذبتْ أختكمُ يا ويـــلكمْ .. بعذاب النُكر صبحاً ومسا
تخليص ليلى العفيفة من الأسر
كان في منطقة أسرها بعض رعاة الغنم، ولما سمعوا شعرها، أسرعوا
الخطا يريدون ديار أهلها، حتى بلغوا البراق وأنشدوه شعرها، وما إن أكمل الراعي شعرها
حتى وضع البراق رجله في الركاب واعتلى فرسه، وصاح لفرسان ربيعة فتبعوه.
فتجمع حوله فرسان قبائل ربيعة بن نزار وأحلافهم، وأعلنوا
الحرب على الفرس، وتوجهوا لديارهم وانتصروا
عليهم، وحرر البراق ليلى من أسر الفرس، وتزوجها، لكنه لم يمكث طويلا بعد الزواج
حيث توفي في عام 479 م. ولحقته زوجته ليلى العفيفة بعد أربعة أعوام، بما قدره
المؤرخون بـ144 عاما قبل الهجرة النبوية.