محمود سلامة يكتب: الاغتصاب الزوجي أحد أسباب التطليق
السبت 03/سبتمبر/2022 - 12:21 م
لعل الكثيرون من أهل الفقه الشرعي تحدثوا عن الاغتصاب الزوجي كبدعة غربية، وأن على المرأة طالما لم يكن لها عذر شرعي أو طبي ألا تمنع نفسها عن زوجها ولو كانت أمام النار تخبز، أو كانت على ظهر البعير، مستعينين ببعض ما حدث به النبي صلى الله عليه وسلم، مسلمين بظاهر الآيات والأحاديث، دون تعمق في فلسفة النص.
ويعرف الشرع والقانون المرأة التي تمتنع عن طاعة زوجها في فراش الزوجية دون عذرٍ شرعي، كالحيض والنفاس والإحرام، أو لعذر جسدي كالمرض، أو تلك التي تهجر بيتها بالكلية، يعرفها بأنها (ناشز)، ولكن ماذا لو كان السبب معنوي، نفسي، أو أدبي، فهل يكفي ليكون مبررًا لها للامتناع؟ كأن تكون في حداد على أحد من أهلها، أو في حالة نفسية سيئة لا تسمح لها بالتواصل الجنسي؟ بل كيف لو كان الأمر أنها لا تشعر بالرغبة حد النفور؟
التصرف الصحيح من الزوج هو ألا يكون كالبهائم، وأن يقدر ما بزوجته ويحترم رغبتها، لا أن يجبرها على الجماع غاصبًا حقها في السلامة والأمان والاطمئنان.
فإن مجرد عدم رغبة المرأة في ممارسة الجنس كافٍ للابتعاد بالقدر الذي تريد، أما إذا طال النفور فيجب على الزوج أن ينتبه أن لديها مشكلة نفسية أو اجتماعية تمنعها من قبوله، وعليهما الحديث بصراحة، لأن ممارسة العلاقة الحميمة تضمن استقرارهما واستقرار مؤسسة الزواج.
ولكن ماذا لو أجبر الزوج زوجه على ممارسة العلاقة الحميمة رغما عنها دون النظر إلى رغبتها؟
ونقول: إن الأمر طالما لم يكن برغبة المرأة قهرًا لها فإنه لا محالة يؤدي إلى أضرار مادية ومعنوية، وطالما تحقق الضرر بسبب خطأ، فالضرر يستوجب على المخطئ أمرين، الجبر أي إصلاح ما أفسد، والتعويض.
ولكن القانون المصري لم يعتمد مصطلح الاغتصاب الزوجي كجريمة، وإنما اتجه إلى التعبير عن هذه الحالة بمصطلح عام، وهو الضرر.
وطالما استطاعت المرأة إثبات الضرر فإن لها أن تتجه للقضاء لطلب الطلاق للضرر، كما لها أن تتجه للحلول الودية إذا رأت ذلك أصلح.
ولا يشترط عدد معين من مرات إرغام المرأة جبرًا على ممارسة العلاقة الحميمة، فيكفي أن يتحقق الضرر ولو مرةً واحدةً شرط ثبوته.
ولعل القراء يتساءلون، كيف نثبت ما يدور بين الزوجين؟ ونقول إن الجبر الجسدي من الضروري أن له آثار جسدية على أثر ضرب، أو عنفٍ جنسي قد يؤثر على أعضاء المرأة سلبا بنزيف وما شابه، كما أن تكرار الشكوى يعد قرينة على حدوث فعل الجبر.
ولا نقول بأنها مسألة سهلة الإثبات، بل هي صعبة تماما كجريمة هتك العرض في مكان خاص؛ كما نقول بأن الاغتصاب الزوجي غير مجرم إلا في نطاق الأذى الجسدي البالغ الذي يشكل جريمة الضرب والجرح العمدي والإصابة الخطأ، وهذا يعني أن الضرر المعنوي لا يراه القانون ناتجًا عن جريمة إذ يرتبط بالقضاء الشرعي خصوصا والمدني عموما كسبب من أسباب الطلاق للضرر، وفي نطاقٍ ضيق.
وأخيرًا نقول: إن من أسباب عدم تدخل المشرع بالتفصيل في هذه المسألة وعلاجها بمسمياتها ومصطلحاتها الصحيحة هو أنه أمر تسكت عنه الكثيرات رغم ما قد يتعرضن له من سلوكياتٍ همجيةٍ أو ساديةٍ غير مقبولة من الأزواج، وكذلك أن المجتمع لا زال بحاجة إلى توعيةٍ وتصحيحٍ للمفاهيم ليواجه مشاكله بوعي سليم.
وأخيرًا، فهذه الكلمات ليست دعوة للنشوز أو الشقاق بين الأزواج، ولا هي محاولة لطرح الطلاق كحل، ولكنها دعوة للتفكير بوعيٍ سليمٍ لينتبه المجتمع لكارثة قد تنفجر من أكثر الأماكن سرية بالعالم، فراش الزوجية.