قاتلة مسيلمة الكذاب.. "نسيبة بنت كعب" أول مقاتلة في صفوف جيش المسلمين
الجمعة 19/أغسطس/2022 - 04:02 م
حسن الخطيب
شخصية اليوم، هي شخصية نسائية عظيمة، عدها المؤرخون أول مقاتلة من النساء في الإسلام، شهدت غزوة أحد وكانت تحمل الماء للمقاتلين من جيش المسلمين، فكانت بمثابة هيئة إغاثة لهم، فهي "نسيبة بنت كعب" أو كما تشتهر "أم عمارة" أول امرأة تحارب في صفوف الجيش الإسلامي وتدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وعندما رأت المسلمين ينهزمون حملت سيفها واقتربت من الرسول صلى الله عليه وسلم، حين ابتعد عنه المقاتلون يحاول كل منهم أن ينجو بنفسه، وبدأت تدافع عنه بالسيف والقوس، هي وابناها عبدالله وحبيب وزوجها زيد ابن عاصم.
حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام، قال عنها في هذه الغزوة :"ما التفت يميناً أو شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني، ومن يطيق ما تطيقينه يا نسيبة"، إنها الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية نسيبة بنت كعب الأنصارية وكنيتها "أم عمارة".
من هي نسيبة بنت كعب؟
اسمها نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن النجار، وهي تنتمي إلى بني الخزرج، من بطن بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد النبي، وأمها الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة.
نشأت في المدينة المنورة، ولما شبت تزوجت زيد بن عاصم الأنصاري، وهو من الصحابة الذين شهدوا بيعة العقبة وبدر ثم أحد، وأنجبت له ولدين منهما "حبيب" الذي شهد بيعة العقبة وأحد والخندق وباقي الغزوات مع النبي، وقُتل زوجها على يد مسيلمة الكذاب، الذي قتلته فيما بعد. فحين بعث النبي زوجها إلى مسيلمة بن حبيب في اليمامة، قطّع مسيلمة أطرافه وألقاه في النار حتى مات.
ثم تزوجت نسيبة غزية بن عمرو الأنصاري، وكان أيضًا ممن شهد بيعة العقبة وأحد، وهو أخو سراقة بن عمرو، وأنجبت له "ضمرة" الذي قتل في موقعة الجسر.
شخصيتها المقاتلة
كانت نسيبة من أوائل أهل يثرب دخولاً في الإسلام، فقد كانت إحدى امرأتان بايعتا النبي في بيعة العقبة الثانية، ولما هاجر النبي إلى المدينة، كانت أم عمارة من المخلصات في نشر الدين، واشتركت في عدد من الغزوات.
وشاركت نسيبة، في غزوة أحد مع زوجها غزية بن عمرو وابنيها، لتسقي الجرحى وتطبّبهم، لكنها بعد أن دارت الدائرة على المسلمين قاتلت هي وزوجها وابناها دفاعًا عن النبي.
وأبلت بلاء حسنًا، وجُرحت ثلاثة عشر جُرحاً بين طعنة برمح أو ضربة بسيف، فدعا لهم النبي محمد أن يكونوا رفقاءه في الجنة. وحين نادى النبي في أصحابه صبيحة اليوم التالي لأحد للخروج لمطاردة قريش، همّت نسيبة للخروج معهم، لكنها لم تقو على المشاركة في تلك الغزوة بعد أن أثقلتها جراح اليوم الأول لأحد.
مبايعتها للنبي عليه الصلاة والسلام
ثم شاركت نسيبة، بعد ذلك في غزوة بني قريظة، وغزوة خيبر، وفي سنة 6 هـ، خرجت نسيبة مع النبي محمد وألف وخمسمائة من المسلمين لأداء العمرة، وقبل أن يدخل النبي وأصحابه مكة، أرسل عثمان بن عفان ليبلغ قريش أنهم جاؤوا للعمرة، تأخر عثمان في العودة بالرد.
فظنّ المسلمون أن عثمان قُتل، فبايعوا النبي محمد بيعة الرضوان على الموت ثأرًا لعثمان، وكان فيهم نسيبة، وهي البيعة التي نزل فيها الوحي بقوله تعالى: " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا ".
وبعد فتح مكة، بلغ النبي محمد أن هوازن قد جمعت لقتاله، فقرر الخروج لقتالهم بكامل الجيش الذي فتح مكة، وكان قوامه عشرة آلاف مقاتل، تقابل الفريقان في حنين ووقع المسلمون في بداية المعركة في كمين نصبته هوازن.
وفر معظم جيش المسلمين وقتها، ووقفت نسيبة وفي يدها سيف تصيح في الأنصار: «أيَّة عادة هذه؟! ما لكم وللفِرار؟!» ووقفت تقاتل، ثم عاد المسلمون للقتال لمّا رأوا ثبات النبي محمد في قلة معه.
حروب الردة
وبعد وفاة النبي، ارتدت بعض القبائل عن الإسلام، فقرر خليفته أبو بكر الصديق قتالهم، ودارت حروب الردة فالتحقت نسيبة ببعث خالد بن الوليد الذي خرج لقتال بني تميم ومن بعدهم بني حنيفة ومتنبئهم مسيلمة بن حبيب الذي كان قتل ابنها حبيب ومثّل به.
كما شاركت نسيبة ومعها ابنها عبد الله بن زيد في قتال معركة اليمامة أعتى معارك حروب الردة وأبلت فيها بلاءً حسنًا، ونجح ابنها عبد الله في الثأر لأخيه، وقتل بسيفه مسيلمة.
وفاتها
وقد أصيبت نسيبة في تلك المعركة بأحد عشر جرحًا، وقُطعت يدها فبعث إليها خالد بن الوليد بطبيب كوى لها القطع بالزيت المغلي. وتوفيت أم عمارة بعد معركة اليمامة بعام متأثرة بجراحها في خلافة عمر بن الخطاب، ودفنت في البقيع.