الفريضة الغائبة عن الأسرة المصرية
هى لحظاتٌ تمرُّ على الإنسان، يشعر فيها بالضعف أحيانًا، يعتزلُ خلالها فى غرفة ضيقة، تنهمرُ دموعه المحبوسة بين مُقلتيه؛ تعبيرًا عن حزن متدفق، استوطن قلبه المسكون بآهات سنين مرت، يكافح ويبحث عن يوم يشعر فيه بلحظة رضا .
الجميعُ يشغله البحثُ واللهاثُ
وراء لقمة العيش؛ ليُشبعَ بطونًا جائعة مسؤولة منه على كل حال. وسط كل ذلك.. يأتى على
الإنسان وقتٌ يشعر فيه بالضعف المهين، يجلس مع أسرته يومًا، هو يوم إجازته الوحيد الذى
يقضيه فى الغالب نائمًا؛ لتراكم تعب الأسبوع، وحينما يستيقظ يسأل عن أفراد أسرته، فيجد
فقط زوجته تضع يدها على خدها، وتحمل فوق كتفيها وفي قلبها همومًا كثيرة، فيطلب منها
تجهيز الطعام، لتنظر الزوجة إليه وتردد: "حاضر".
تدخل الزوجة مطبخها رغمًا
عنها، تذرف دموعها، وتردد بلا وعى: "حتى يوم الإجازة.. لم تفكر في أن تسأل عن
حالى، وكيف أعيش، وهل أنا مريضة أم صحيحة، هل سعيدة ام حزينة.. هل أحتاج إلى أن أتحدث
إليكَ، أم أكتفى بما أفضفض به لشقيقتى؟
نمرُّ بهذة المرحلة ونعيشها
دون اختيار، بل فُرضتْ علينا قسرًا؛ بسبب ظروف اقتصادية صعبة فرضت سطوتها على معظم
المصريين.. فهل يمكن أن نعيد للأسرة مكانتها المفقودة، فنجتمع ونضحك ونشكو ما بداخلنا
لبعضنا، وليس للغرباء عنا؛ حتى لا نمنحهم الفرصة ليعايرونا بمشاكلنا وهمومنا وأخطائنا
يومًا ما؟!
هذة هى لحظاتُ الضعف التى
تحتاج إلى قوة تحميها من الوقوع فى برائن الغربة التى يعيشها الإنسان داخل نفسه وداخل
أسرته، هذه الحالة أصبحت ظاهرة متفاقمة تحمل في طياتها خطرًا مستطيرًا.
أولادنا يحتاجون إلينا، لا يجب أن نتركهم لأصدقاء
السوء بداعي الظروف الاقتصادية، يتعلمون منهم كيف
يجترؤون على أبائهم وأمهاتهم، ويتفاخرون بسوء الأدب وطول اللسان وافتقاد أدنى
درجات الأدب والاحترام والتوقير.
بناتنا يحتجن إلينا، لا
يجب أن نتركهن لصديقات السوء، تعلمهن السلوكيات المحرمة والمنحرفة والآثمة، ودخول التطبيقات الملعونة. بناتنا
فى أمسِّ الحاجة الينا، نمنحهن قليلاً من الوقت لنغرس في قلوبهن الإحساس بالأمان، وبأننا
أسرة يشعر كلٌّ منا بالآخر، أسرة الجسد الواحد، لا يجب أن نغفل عن واجباتنا حتى تحدث
المصيبة ويقع ما لا يحمد عقباه، ويومئذ لن يُجدي البكاء على اللبن المسكوب شيئًا مذكورًا
ولن يصلح ما كسره الزمان وأفسده الإهمال. أحيوا الفريضة الغائبة عن الأسرة المصرية
باستعادة الدف والاهتمام واستشراف المستقبل وليس النظر تحت الأقدام. الأسرة المصرية
في مرمى الإهمال والتشتت والضياع، فليعد كل منا إلى رشده، وليقم كل منا بدوره، فهذا
واجب ديني ومطلب اجتماعي، وعدم الاضطلاع به يجلب خسائر لا حصر لها.
شاركونى آراءكم، وإذا كانت
لديكم قصص فيها العبرة، أرسلوها لنشرها، لتعود أسرتنا الى ما كانت من قبل.