الإعلامية حنان عبدالله تكتب.. الساموراي الأخير
ماسبيرو يحتضر وسط صرخات أبنائه التى تخرج من جنباته منددين بالظلم حينا
ومطالبين بالحق حينا داعين الله حينا ٱخر لأجد نفسى فى نهاية المطاف اقف أمام لوحة
تجريدية عميقة المعنى لا أدرى فيها هل ما يحدث حقا صراخ وداع أم أنه قبلة الحياة .
فى البهو ذلك الشاهد العظيم حيث يقبع تمثال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر
حيث دارت رحى السنين و طحنت اجيالا لتخرج للعالم سياسة وفنا ومازلت الرحى تدور
لتخرج اليوم اسثغاثات فى الهواء ليشهد
القاصى و الدانى.. المسؤول و المتفرج النخبة و العامة ضياع جهد قادة مصر ومفكريها
وصفوتها وفنانيها وعلمائها وكل من وطأت قدمه أرض ذالك الحلم على مدى عقود .
.. ضياع ماسبيرو .
حضرنى الجزء الأخير من حوار فيلم الساموراي الأخير بين الفنان توم كروز المحارب الذى حارب مع
الساموراي وشهد مقتله والامبراطور الياباني الذي تتلمذ على يد الساموراي و امر
بقتاله ..
بينما يسأل الأمبراطور باكيا : كيف مات
ليرد عليه كروز قاىلا : استطيع ان اخبرك كيف عاش .
حقا ليس من قبيل المبالغة أن أشبه ماسبيرو بالساموراى فهو الدرع الذى لا
طالما تلقى السهام عن الوطن .. لم ير أحدكم منه سوى الشاشة التى هى حق لكل مواطن
وواجب على كل عامل داخل ماسبيرو أن يخرج بها على أفضل ما يكون مهما تكبد من جهد أو
تقاضى من أجر زهيد .. فاحد أساتذتنا فى الإذاعة نقل إحداث المنصة على الهواء و شاهد
السادات يقتل أمام عينيه ..فما كان منه ألا أن صرخ فى الميكروفون قائلا :
خيانة
ثم اخذ العاملين معه فى الإذاعة
الخارجيةو ميكروفون الإذاعة ليهربوا من
المنصة أثناء ضرب النار خوفا من أن يقع
ميكروفون الإذاعة فى يد أحدهم ويعلن انقلابا .
لم يفكروا فى حياتهم بل فكروا فى
الوطن .
و اذكر فى القناة الثالثة كنت أغطى احداث إلارهاب فى الزاوية الحمراء و كان
هناك تبادلا لإطلاق النار فى شارع صلاح سالم .كان من الضرورى عمل التغطية أثناء
إطلاق النار وليس بعد ان ينفض المولد و لم يكن تم القبض على المتهمين بعد كان
الهرج يسود المكان ..والازدحام شديد كعادة الشعب المصرى وقت إطلاق الرصاص .. ماكان
من المخرج إلا أن صرخ(حوطوا على المذيعة) خوفا
على من التحرش و بدأنا نخترق
الجماهير التى لا نعرف لماذا تتكدس هكذا و زملائى يمسكون بذراعى إلى أن وجدت جثة ملقاة
إمامى لحظتها فقدت الوعى ( أغمى على)
لفترة بسيطة و افقت وانا محمولة من
ذراعى و قدامى على الأرض ليتم سحبى بعيدا عن الجثة ؛وبعد ذلك اكملت عملى
أثناء اطلاق النار بشكل عادى جدا ليتم بث الشريط خلال فترة وجيزة جدا من الأحداث
..بالمناسبة وقتها لم تكن هناك قنوات منافسة لنحاول تقديم سبق
نحن فقط نؤدى عملنا لأن هذا هو
واجبنا وليس لأننا تتقاضى مرتبا مجزيا ولا
بدل طبيعة عمل ولا حتى لدينا تأمينا على
الحياة ولا أى شىء سوى حب الوطن و الإحساس بالمسؤولية ..توارثناها جيلا بعد جيل على مدى عقود داخل
ماسبيرو فهذا هو ميثاقنا و عهدنا حتى اصغر
جيل فينا جنود فى هذا الصرح .
هكذا عاش ماسبيرو الساموراي
الأخير ... الأسد الذى ينتظرون أن يلفظ
أنفاسه الأخيرة ..ليرقصوا فوق جثته .