الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

دعوى غريبة أمام محكمة الأسرة.. الخالتان تتنافسان على حضانة ابنة شقيقتهما

السبت 29/يناير/2022 - 12:57 م
هير نيوز

لم يكن الحاج فؤاد يشعر أنه أنجب ثلاث بنات وإنما ثلاث زهرات لكل منها رائحتها ولونها ومكانتها الخاصة جدا في دنيا الزهور البريئة، ملأت البنات الثلاث على أبيهن بيته بعد أن رحلت عنهن ملكة هذا البيت وست الحبايب وهن ما زلن في أول المشوار يتلمسن الحياة ويرتجفن من قطر الندى، لكن الحاج فؤاد سرعان ما تفرغ لبستانه الصغير دون أن يترك عمله أو يندب حظه أو يعلن اليوم الذي ماتت فيه شريكة عمره دون سابق إنذار أو حتى ساعات مرض تشير إلى أن النهاية قد اقتربت، وأن طائر الحب الجميل آن له أن يحلق بجناح واحد، كانت عبقرية الحاج فؤاد أنه اكتفى من عطر الحياة برشفة ومن مائدة الدنيا بوجبة ومن نساء العالم بامرأة لم يتبق منها غير الذكريات، رفض أن يتزوج، أقسم ألا يفرض زوجة أخرى على بناته، ولا تجلس امرأة أخرى على نفس المائدة التي كانت المرحومة تتوسط عليها أسرتها.



 

قصة كفاح


اقتنع أنه لم يعد بين كل النساء واحدة يمكنها أن تخلف زوجته الراحلة فتقاسمه الحلوة والمرة وتستر سره وتفهم معه سر الليل وحلاوته وجماله بين عاشقين لم يصبهما الزواج بالملل أو الرتابة أو الصمت الجميل، وهب الحاج فؤاد شبابه لبناته الثلاث، اجتاز امتحان الأبوه بامتياز وعوضهن فراق الأم بقلب أب لا يعرف غير الحب والعطاء والتضحية، لكن الزهرات الثلاث سرعان ما لعب الهوى باثنتين منهن، سعاد أحبت جارها سليمان حتى تخرجت معه في الجامعة، وليلي حاصرها المعجبون وتزاحم حولها العرسان وتسابقوا إليها طلبًا ليدها وسعيًا لإرضائها، وأملا في أن تكون من نصيب أحدهم، واختارت ليلي أحدهم بكراسة مواصفات العصر، فهو ثري ومثقف وفهلوي ويعرف جيدا من أين تؤكل الكتف، تزوجت سعاد ومن بعدها ليلي، وبقيت ياسمين إلى جوار أبيها، ترفض هجرة البستان، تحاول أن ترد الجميل للرجل الذي تكالبت عليه الأمراض وهدت الدنيا حيله وحرم نفسه كل متع الحياة من أجلهن، عز عليها أن تشاهد أباها وحيدا يتوكأ على عصا سميكة، ضعف بصره ووهنت عظامه واشتعل رأسه شيبا، فشلت وساطات العرسان ودموعهم في أن تغير ياسمين من فلسفتها ونظرتها للحياة، وكاد أحدهم أن ينجح في خطف الزهرة الثالثة حينما أعلن فوق رؤوس الأشهاد موافقته على أن يتزوج ياسمين بشروطها ويعيش معها في بيت والدها يخدمانه سويا لكن قلب ياسمين لم يدق له، وعقلها لم يستجب لتضحياته، جلست إليه تصارحه بأن مشكلتها الكبرى أن تجد هذا الرجل الذي يكون نسخة طبق الأصل من نماذج الرجال الذين احترمتهم في حياتها، رجل في نزاهة أستاذها بالجامعة وتضحيات أبيها وشخصية زوج خالتها الذي جعلت منه خالتها سي السيد العصري دون أن تغضب أمينة أو تتبرم أو تمنح الفرصة للآخرين للهجوم على زوجها واتهامها باستعذاب الرق والعبودية في بيته، وقالت ياسمين أيضًا إنها تحلم برجل في ثقافة عباس العقاد ورقه كامل الشناوي وإبداع صلاح جاهين وفهم نزار قباني للمرأة.




اقرأ أيضًا..


وفاة الشقيقة


صمت العريس لحظات ثم استأذن 'وطفش' حينما أدرك أن بمقاييس ياسمين لن يصبح رجلا بالمرة، وفجأة، توقف طابور العرسان، وبدأت ياسمين تسمع من الأمثال الشعبية ما يشبه السياط التي تجلد المشاعر وتقسو على كبرياء الأنثي، سمعتهم في البداية يقولون طلبوها اتعززت وسمعتهم في النهاية يقولون 'بارت من كتر عرسانها'، لكنها رغم هذا كله لم تهتم ولم تتحرك منها شعرة واحدة تشعر معه بالندم على ما فاتها من رجال وما قد يلحق بها من 'عنوسة'، اكتفت بسعادتها وهي تخدم الرجل الذي ابتلع بالنيابة عنهن كل سموم الحياة لتعيش بناته الثلاث، تستيقظ في الفجر تعد له ماء الوضوء وتمنحه حبات الدواء، وفي النهار تتفنن في طهي الطعام الذي يحبه، وفي المساء تلهو معه وبينهما حفيدته سمر ابنة اختها ليلي التي لم تتجاوز الرابعة من عمرها، وذات صباح تسمع ياسمين أسوأ خبر في حياتها، جاء من يهمس في اذنيها بأن ليلي ماتت هي وزوجها في حادث سيارة مروع، صرخت بأعلى صوتها تسأل بلا وعي، وأين سمر؟





خلاف على حضانة الطفلة


وجاءها الرد سريعا، سمر كانت في الحضانة بعد أن قام والداها بتوصيلها ثم اتجه أبوها بسيارته لتوصيل أمها إلى عملها، ورغم الأحزان القاتلة التي كادت لأن تعصف بياسمين إلا أنها تماسكت وهي تهمس لنفسها حمدا لله لأنه سبحانه وتعالي خفف عنها قوة القضاء وترك من رائحة ليلى طفلتها الصغيرة سمر، قررت ياسمين أن تمنح سمر شبابها وحياتها وتعوضها عن أمها الراحلة، لكن الأرض تنشق عن سعاد وتطلب حضانة سمر باعتبارها خالتها الكبرى والتي يمكنها أن تعوض الصغيرة عن رحيل أمها إن هي عاشت مع بنات خالتها الصغيرات واندمجت معهم في جو أسري دافئ، واشتعل الخلاف بين الخالتين حول سمر حتى وصل الي القضاء، ووقفت الخالة الكبري تدافع عن حقها في حضانة سمر خاصة وأن ياسمين طلبت من المحكمة أن تكون حضانتها لسمر بأجر تتقاضاه من تركة والد سمر وزوجته، ولم تنف ياسمين رغبتها في أن تحتضن سمر بأجر من ميراث والديها فهي الأولى بالحضانة لأن الصغيرة تحبها وتتعلق بها وتعشق اللهو في بيت جدها، وقضت محكمة الأسرة بمصر الجديدة بأحقية سمر في حضانة الطفلة؛ حيث إن ظروفها تسمح.

ads