الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

دعاء زكريا تكتب: منصة الحياء

الجمعة 14/يناير/2022 - 07:25 م
هير نيوز


جلست وهى تهتز من داخلها تتحسس مقعدها وكأنها سوف تجلس على كتلة من اللهيب المشتعل نعم هو الخوف من المواجهة تملك كل جزء من كيانها فالقلب ينتفض كطائر سقط فى بئر ماء تجمدت جدرانه ودقات   نبضاته تكاد من سرعتها أن تتوقف حتى خشيت أن يسمع  الحضور صوتها  كدقات المسرح التى تسبق بدء العرض ، ينهمر العرق البارد  كالسيل الجارف على جبينها حتى ابتلت رموش عينيها فلم يكتفى بذلك  ليحفر طريق له حتى مقلتاها  التى غرقت من قبل فى طوفان من العيون المحدقة فيها على مرمى البصر تحت المنصة التى اعتلتها للمرة الأولى بعد ألحاح من أصدقائها  لمناقشة روايتها الوحيدة ، وهى التى كانت تهرب دائما من الناس حتى فى المناقشات العادية التى تطرح على ساحة  اى تجمعات أسرية أو فى المناسبات الاجتماعية للجيران والمعارف كما أن أصدقائها لا يتجاوزو عدد أصابع اليد الواحدة  حتى أطلقوا عليها  فى المنطقة التى تقطن بها لقب  "بروية"، تسير ورأسها لأسفل تمد الخطى  حتى لا تلتقى عينها بأحد تعرفه فتضطر للوقوف ثم السلام والذى يعقبه جرجرة فى الكلام وهذا ما تكرهه فهى لا تريد أن تعرف شئ عن أحد أو يعرفون عنها شئ ،
ها هى الان مكبلة بخيوط من الأضواء المسلطة عليها تسمع أصوات متداخلة لا تستطيع تمييز صوت تعرفه ليزيد ذلك من احساسها بالخوف والغربة فما اصعب على الإنسان من أن يتعرض لمأزق أو يسجن فى موضع  ويلتفت حوله فلا يجد من يسانده أو قلب يطمئنه ،
 لتأتى هذه اللحظات القاتلة المسكونة بخيالات لما قد يحدث بتصورات لمسار شريط العرض أمام عينيها وما قد يطعن سلامها النفسى بكلمات حادة  ، فجأة تسمرت عيناها  على مجموعة من النقاد يتأهبون بسن ألسنتهم وتجهيز أوراقهم المحشوة بمختلف مفردات وأدوات الذبح والتشفية على مرأى ومسمع من جميع الحاضرين فى حفلة صاخبة على شرف تناول كلماتها المسكينة دون حول لها ولا قوة ،
اقترب مقدم الحفل جلس إلى جوارها ازدادت أصوات دقات قلبها صراخا  لتحاول بكل ما لديها من قوة أن تسكتها فى نفس الوقت  تحاول استجماع جزء ولو يسير من عزمها وما تبقى لديها من إرادة لصد الهجوم المفترض عليها وهى منزوعة السلاح بدافع الحياء 
ولسان حالها يقول ارجوكم لا تقذفونى بسهامكم وانا عارية من رداء التخفى على منصة مقصلة الاحلام  فكلمة منكم قد تطيح بكل ما حلمت به لتقتل امنياتي البريئة التى غزلتها بداخلى منذ زمن طويل ارجوكم اى هجوم شرس قد يغتال اللبنة الاولى التى بدأت بها صرحآ كم تمنيت أن يصل إلى عنان السماء لا تجعلونى أندم على تحدى إنعزالى وقرارى بالخروج من شرنقتى التى كنت أدفن فيها كل ضعفى وعيوبى والآن أنا بينكم على المنصة ضعيفة هشة لا امتلك حتى قلمى الذى حاربت به اعدائى سنين  لأدافع به عن نفسى ولا امتلك حسن المنطق الذى استطيع من خلاله إقناعكم بوجهة نظرى لأرتباكى وتشتت حروفى وارتعاش حجتى حتى كلماتى المسجاة أمامكم على طاولة التشريح والتى  أنشأتها  من صمتى طوال عمرى لتكون  درعى فى أوقاتى الصعبة  لن تحمينى الأن  لأنها بين أياديكم تنتظر الحكم عليها إما بالأعدام  أو الإطراء فلا حيلة لها وهى منزوعة الأختيار ،
 بعد تباحثها مع نفسها قررت  نعم اليوم لابد أن أتكلم وحدى  مجبرة على ان أفتح فمى وأتناول حياتى واجردها من غموضها  واشرح المواقف التى دفعتنى لأكتب تلك النصوص التى اخرجتنى من الظل الدافئ إلى أنوار السماء وصقيع خشبة هذا المسرح لتكون تلك المنصة فصل جديد فى حياتى وبداية لعوالم أخرى لم اعرف شئ عنها وانا فى بياتى الشتوى الذى حصد نصف عمرى فى كهف الخجل والحياء .
قصة قصيرة
بقلم دعاء زكريا

دعاء زكريا تكتب: منصة الحياء

دعاء زكريا تكتب: منصة الحياء
ads