معالج نفسي: الكبت الانفعالي يصيب المرأة بالفصام
السبت 26/ديسمبر/2020 - 03:41 م
حبيبة عبدالعزيز
هناك عامل مشترك لمعظم الأمراض النفسية التي تعاني منها المرأة، يتمثل في عدم القدرة على فهم الذات، وعدم القدرة على التنفيس عن النفس بالحديث مع الآخرين، بما يتتبعه من كبت شديد للمشاعر والأحاسيس، وتحول ذلك فيما بعد إلى كبت تراكمي، وحدوث ما يسمي بالكبت الانفعالي، وبالتالي إصابة المرأة بالعديد من الأمراض النفسية، منها الفصام، وربما يصل الأمر إلى عدم مقدرتها على مواصلة الحياة.
أكد محمد عبد الحليم المعالج النفسي، عضو الجمعية المصرية للمعالجين النفسيين، أكد أن الثقافة السائدة في المجتمع قد تشوه المسار الطبيعي للتعبير عن المشاعر، حيث تتدخل الثقافة بصورة غير حكيمة لقمع المشاعر وكبتها.
وأضاف: "هناك مع الأسف، كثير من القواعد العرفية داخل ثقافتنا المصرية تدفع فتياتنا في مراحل العمر الأولى لقمع وكبت مشاعرهن وعدم السماح لها بالظهور على أية صورة، مثال ذلك نجد التوجيه للولد" مفيش راجل بيعيط" وتوجيه للبنت" خليكي جدعة مفيش بنت قوية بتعمل كده أو تقول كده" وبذلك يتم تطبيع وتنميط الجيل منذ نشأته المبكرة على عدم السماح للمشاعر الطبيعية بالظهور وعدم التعبير والإفصاح عنها".
وتابع "عبد الحليم": "أن مثل هذه الحالات تتأزم مع مرور الوقت، حيث تتحول من الكبت إلى الكبت الانفعالي، وتستمر في مرحلة المراهقة والشباب ثم الرشد، وقد تنفجر على شكل أمراض نفسية متعددة"، مؤكدًا أن خطورة هذا الأمر كبيرة، إذ تنشأ الفتاة على هذه الصورة الاجتماعية، وهي تجاهد نفسها في عدم ظهور مشاعرها الحقيقية وتسعى لكبت هذه المشاعر بل وقتلها بداخلها خشية انتقاد المجتمع لها، إذ سيتم وصمها بأنها شخصية ضعيفة ومدللة لمجرد أنها تعبر بصدق عن عواطفها ومشاعرها وانفعالاتها.
واستطرد عبد الحليم: "أن هذا الأمر تزداد خطورته، حين نعلم أن هذه الظاهرة المتمثلة في كبت الشعور الفطري الطبيعي وعدم التعبير عنه بأي وسيلة، تسبب العديد من الأمراض النفسية التي تأخذ أشكالًا متعددة، على رأسها أمراض القلق والاكتئاب والوسواس، وأشكال من الأمراض السيكوسوماتية النفسية الجسيمة، مثل: آلام الظهر والكتفين والمعدة، والصداع النصفي وغيرها، بل لا أبالغ إذا قلت أن الكبت الانفعالي والصراع الوجداني الداخلي قد يصل إلى حد الإصابة بالمرض العقلي "الفصام".
وأشار "عبد الحليم" إلى أن المربيين عليهم مسئولية كبيرة في تعديل أفكار أبنائهم تجاه التعامل مع أبنائهم بخصوص هذه الظاهرة الخطيرة، مؤكدًا أن الأسرة مسئولة عن تعليم الأطفال منذ البداية كيفية فهم المشاعر وكيفية الإفصاح عنها بالصورة الراقية الصحيحة، وعلى الأسرة أيضًا عدم توجيه أي انتقاد اجتماعي أو توبيخ تجاه مشاعر أبنائها أو كيفية تعبيرهم عن مشاعرهم وانفعالاتهم.
وأوضح أن المدرسة والجامعة لكل منهما دوره في كيفية التعامل مع الطلاب وإكسابهم طرق للتعبير السوي عن العواطف، قائلًا: "نحن في نطاق العلاج النفسي دائمًا ما نسعى إلى تعليم وتدريب المرضى على فهم المشاعر، ومن ثم التعبير عنها سواء بالحديث مع الذات أو بالكتابة للخواطر، أو بالتحدث مع شخص مقرب وموثوق في فهمه وفي حكمه، وكذلك من وسائل التعبير الانفعالي ممارسة الهوايات، مثل الرسم أو كتابة الشعر، ومنها أيضًا الروحانيات بالخلوة مع الله سبحانه وتعالى، والتحدث إليه بكل ما تمتلئ به النفس من أفكار ومشاعر".