ريم بسيوني لـ"هير نيوز": لا أنتمي إلى مدرسة معينة في الكتابة.. حوار
الجمعة 25/ديسمبر/2020 - 11:40 ص
إسلام علام
- تخصصي في علم اللغة الاجتماعي جعلني حساسة جداً في الكلمات
- روح البطلة في رواياتي مصرية قوية.. وأحياناً أكتب من منظور الرجل
كاتبة وروائية مصرية، من العيار، تدرك جيدأ كيفية انتقاء المفردات والكلمات بحكم تخصصها فى علم اللغة الاجتماعى، حصلت على جائزة نجيب محفوظ للأدب من المجلس الأعلى للثقافة عن روايتها "أولاد الناس ثلاثية المماليك", وفائزت بجائزة ساويرس الأدبية عن روايتها "الدكتورة هناء"، كما حصلت على جائزة الملك فهد كأحسن عمل مترجم في الولايات المتحدة الأمريكية عن روايتها "بائع الفستق"، إنها الروائية ريم بسيونى أستاذة علم اللغة الاجتماعي بالجامعة الأمريكية التقتها "هيرنيوز" فى حوار صريح, تحدثت فيه عن كيف تقرأ وكيف تكتب، وكيف تعبر عن المرأة في كتابتها الإبداعية، فإلى الحوار.
- جرى العرف بين الكتاب المصريين على وجود مدرستين للكتابة, مدرسة نجيب محفوظ، المدرسة النظامية، ومدرسة يوسف إدريس، المدرسة المزاجية، لأي المدرستين تنتمين؟
لست متأكدة بأنني أنتمي لمدرسة بعينها، ولكني أؤمن بفكرة الإلهام، أرى أن الروائي يكتب عندما تكون لديه فكرة ملحة عليه وتسيطر على تفكيره وتريد أن تخرج، فأنا لا أستطيع الجلوس يوميًا للكتابة من أجل الكتابة فقط؛ ولكن إذ نبتت فكرة ما وسيطرت عليّ، عندئذ من الممكن أكتب 24 ساعة متواصلة لإخراج ما بداخلي من أفكار ومشاعر وترجمته لحروف وكلمات على الورق، وهذا ما جعلني أتوقف عن الكتابة لمدة سبع سنوات بعد رواية "أشياء رائعة"، ثم عدت بـ "مرشد سياحي" و"أولاد الناس، ثلاثية المماليك".
-احكي لنا عن ريم قبل ثلاثية المماليك، وبعد ثلاثية المماليك، وهل تقبلين بقول البعض أن "أولاد الناس ثلاثية المماليك" كانت علامة فارقة في حياتك الأدبية؟
فعلا أرى أن رواية "أولاد الناس, ثلاثية المماليك" علامة فارقة في حياتي الأدبية لأنها نشرت أثناء وجودي بمصر, وكانت الأكثر مبيعًا من قبل حصولها على جائزة نجيب محفوظ, وأعتقد أن من أسباب شهرتها الجولات الميدانية التي كنا نقوم بها في أماكن أحداث الرواية، كمسجد السلطان حسن, وقبلها كان لدي 6 روايات, ولكن التفاعل مع القراء كان قليل للغاية، على الرغم من أنني حصلت على جائزة ساويرس مركز أول 2009, وجائزة الملك فهد عن أحسن عمل مترجم في أمريكا عن "بائع الفستق"؛ ولكن وقتها كنت خارج مصر فلم أتمكن من تسلم الجوائز, وتعرف القراء عليّ، ولكن كاسم فقط وليس كشخصية.
وأول رواية تاريخية أكتبها هي "ثلاثية المماليك", ثم كتبت "سبيل الغارق", فحدثت نقلة نوعية في مسيرتي الأدبية, وفي الحقيقة أصدقكم القول أنني وجدت نفسي أيضًا في الكتابة التاريخية, أتذكر الآن أنني كتبت في سن الـ16 عاما, رواية عن طارق بن زياد وفتح الأندلس, مكثت في كتابتها ما يقارب الثلاث أعوام, ثم انقطعت فجأة عن الكتابة التاريخية, ولكن لم يجف بحر شوقي وشغفي للتاريخ إلى أن عدت إليه في الثلاثية, صاحبة الفضل عليّ في عودتي لحبي القديم.
- من الكاتب أو اللون الأدبي الذي كان سببا قويًا وكافيًا في دفعك للكتابة؟
لا يوجد كاتب بعينه أو لون أدبي محدد أفضله عن غيره, وبصراحة لا أستطيع الجزم بأنني تأثرت بكاتب عن غيره، لأني متنوعة القراءة منذ صغري، حيث قرأت في الأدب الإنجليزي والروسي والعربي, والمترجم كالأسباني والبرتغالي, فمثلا أعجبت جداً بالرواية الروسية الأشهر في تاريخ الأدب الروسي "الجريمة والعقاب"، وانبهرت بالرواية الإنجليزية الرائعة "مرتفعات ويذرنج", وهما مختلفتان جداً عن بعضهما وعن كتاباتي أنا الشخصية، كما أعجبت بـ"حرافيش نجيب محفوظ"، والتي أعتبرها أجمل رواية عالمية، فأنا لدي كوكتيل خاص من أنواع الأدب والأدباء.
وفي رأيي الشخصي ككاتبة أن القراءة مهمة للغاية للكاتب، فالموهبة والقراءة الجيدة هما عمودي وأساس أي كاتب جيد.
-من أكثر كاتبة تأثرتي بها؟
أحب وأقدر جدا الروائية جاين أوستن, والروائية إميلي برونتي, وتأثرت بهن وأشعر أن لديهن موهبة عبقرية في الكتابة عن النفس البشرية.
-كيف تقرأين؟ وكيف تعدين مصادرك؟ وهل الفكرة أولاً أم المصدر؟
أقرأ بتمعن شديد في العادة, ولكن إذا كنت أبحث عن معلومة بعينها فهناك طريقة في انتقاء المعلومات, ولأنني أستاذة بالجامعة, فالبحث العلمي سهل وميسر لي, فأستطيع البحث عن المصادر بسهولة وتصفح المكتبات القديمة والحديثة وبلغات مختلفة أيضًا، والفكرة تأتيني أولاً، ثم أبحث عن المصادر، ومن الممكن للمصادر أن تغير من فكرتي قليلا بما يتناسب مع العام.
-هل كان لتخصصك في علم اللغة الاجتماعي أثر وفائدة على كتباتك؟
طبعا أثر كثيراً, فعلم اللغة الاجتماعي، هو علاقة المجتمع واللغة، وهو شيء في صميم الكتابة الأدبية، ولهذا هو مهم ومفيد للغاية، فعندما بحثت في علم اللغة الاجتماعي في الوطن العربي، كتبت رواية الحب على الطريقة العربية، وتعلمت أشياء كثيرة عن الوطن العربي لم أكن أعلمها من قبل وهذاعن طريق اللغة، كما تخصصي جعلني حساسة جدا في استخدام المفردات والكلمات، فلا أستخدم كلمة في غير محلها أو وقتها.
-أقرب الأعمال لقلبك؟
اثنتان، الأولى رواية "مرشد سياحي"؛ لأنني أجد فكرتها مهمة ومختلفة وعميقة، والثانية أولاد الناس لأنها قربتني من القراء.
- ما هي أول رواية كتبت ونشرت؟ وكيف تقيمنها بعد مرور السنوات؟
أولى رواياتي كتابة لم أنشرها بعد، ولكن من الممكن أن أنشرها مستقبلاُ، أما أول رواية نشرت كانت "رائحة البحر" عام 2005, وتقييمي لها أنها جميلة وتلقائية تعبر عن شخصية مصرية أصيلة، سيجد القارئ فيها تلقائية وبراءة الكتابة، وأعتقد أنه سيتمتع بها.
- هل هناك شخصية بعينها في إحدى رواياتك نستطيع أن نقول هذه هي الأقرب لك؟، أما لك القدرة على منع إقحام سيرتك وحياتك الشخصية في الكتابة؟
لا توجد شخصية في رواياتي قريبة مني، ولكن أنا دوماً أعبر عن بطلاتي كمرأة مصرية قوية، وباعتبار أن كل المصريات فيهم أشياء مني، ففكرة التصميم والقوة ومحاولة الوصول كلها في بطلاتي.
- هل بـدأت كتابة سيرة ذاتية لك أو تنوين قريبًا؟
لم ولن أكتب سيرة ذاتية، لأني لا أرى سيرتي تستحق أن تكتب، وأعتقد أن الكاتب الجيد هو من يكتب عن شخصيات مختلفة عنه، وأنا أحب دوماً تحدي نفسي في الكتابة، مثل أن أكتب من منظور رجل مثل ثلاثية المماليك، فالجزء الثاني هي كلها من منظور رجل.
- ما موقف الرجال في حياتك، الأب والزوج والأخ، من نشاطك الأدبي؟
الرجال في حياتي كلهم داعمون ومشجعون لي، فوالدي هو من علمني وشجعني على القراءة, حيث كان يجلب لي كتب متنوعة ومختلفة بعدة لغات، وأتذكر أنه اشترى لي من خارج مصر مجموعة انسكلوبيديا كاملة وأنا صغيرة، وكنت أطلع عليها باستمرار وكانت مفيدة وداعمة لي بالمعلومات، فأنا ككاتبة يرجع الفضل لأبي وأمي، لأن كان لديهما حس أدبي، غير أن والدي قارئ جيد، فكان لديه حس بماذا سيحب القراء.
- "الرجال أنواع يا بنيتي كالسيوف"، هكذا كتبتِ فاشرحي لنا أنواع الرجال كما ترينها؟
كما قالت البطلة دينا الرجال أنواع فهناك نوع ينكسر في يدك, ونوع جميل وتطول مدة رؤية جماله, ونوع ليس له نفس العمق، ومازالت أنواع الرجال كثيرة.
- تحدثتِ عن الرضا والسعادة والوصول؟ كيف تحقيقنهم في حياتك؟
في حياتي الشخصية، الرضا هو مجاهدة وسعي، مثل في رواية "سبيل الغارق" عندما قال الشيخ الزمزمي لحسن هل استطعت أن تصل للرضا؟ فقال حسن له أسعى فالسعادة لا تأتي بما لدينا؛ ولكن تأتي بالسعي والوصول لها، وفي السعي الوصول.