مهزلة في إنتخابات رئاسة البرلمان الأفريقي: صراع علي الميكرفون وإشتباكات بالأيدي وقطع النور
شهدت إنتخابات رئيس البرلمان الأفريقي خلال الاجتماع الذي عقد بمدينة ميدراند في جنوب أفريقيا الإثنين أحداث مؤسفة فقد وقعت إشتباكات بالأيدي والألفاظ بين أعضاء البرلمان بسبب عدم رغبة بعض المناطق الإقليمية إحترام مبدأ التناوب الجغرافي وفقا لقواعد الاتحاد الافريقي والتي اتضح ضرورة الامتثال له في الفتوي القانونية الصادرة من مكتب المستشار القانوني للإتحاد الأفريقي بناءا علي طلب الرئيس المؤقت للبرلمان الأفريقي شارومبيرو من زيمبابوى ومرشح للرئاسة عن منطقة الجنوب.
وقد رجحت الفتوي عدم أحقية ترشح أعضاء البرلمان من دول المناطق الجغرافية التي سبقت وان تولت رئاسة البرلمان ومنها غرب ووسط وشرق أفريقيا وذلك لإتاحة الفرصة لمرشحى المنطقتين الشمال والجنوب بتولى الرئاسة أسوة بما هو معمول به في كل أجهزة الاتحاد وتنفيذا لقرارات المجلس التنفيذي التي سبق وطالبت البرلمان بتطبيق هذا المبدأ .
وهو ما رفضه أعضاء البرلمان من دول الغرب والوسط الأفريقي (واغلبهم من متحدثي اللغة الفرنسية) وأصروا علي إجرء الإنتخابات علي أن تشمل مرشحي دول الغرب الأفريقي وأعلنوا انهم مستقلين و غير تابعين للإتحاد الأفريفي ، مما أسفر عن صعود أعضاء من كتلة الجنوب (واغلبهم من متحدثي الإنجليزية) الى المنصة لاقناع الرئيسة جانيت كابيلا والتي ترأست الجلسات بعدم الاستمرار في الانتخابات بدون تطبيق مبدأ التناوب الجغرافي.
كما قام البعض بالإستيلاء علي صندوق الاقتراع لوقف الإنتخابات والسيطرة علي ميكرفون سكرتير البرلمان الذى كان من المقرر ان يدير العملية الانتخابية، وقد طلب بعضهم من رئيسة الاجتماع إستدعاء أفراد شركة الأمن المسئولة عن التأمين ليدخلوا قاعة البرلمان وفرض النظام به ، الا ان السكرتير أوضح ان افراد الامن غادروا المبنى لأن عملهم انتهى في السادسة مساءا بتوقيت جوهانسبرج ، وانه طلب من سلطات دولة المقر وهي جنوب افريقيا إرسال قوات من الشرطة المحلية لحفظ الأمن داخل القاعة ومنع الشغب ، مما اضطر رئيسة الجلسة تأجيل الإنتخابات إلي أمس الثلاثاء.
واغلق الفنيون التيار الكهربائي في القاعة لفض الإشتباك و لإخراج الأعضاء وإنهاء الفوضي ، إلا أن أعضاء برلمان دول الغرب و الشرق والوسط إستمروا في ظلام القاعة حتي بعد قطع التيار الكهربائي عنها لمدة من الوقت حتي إقتنعوا بالإنصراف .
وقد علق أحد المواطنين الأفارقة كتابيا المتابعين لوقائع الجلسات والفوضى التي حدثت أثناء إنتخابات رئيس البرلمان التي تبث مباشرة علي موقع اليوتيوب أنه "برلمان وبيت ميكي ماوس" .
وقد إستمرت المعركة في اليوم التالي أمس الثلاثاء في جلسة البرلمان، وطالب الأعضاء البرلمان من سكرتير المجلس قراءة فتوي المكتب القانوني علي الأعضاء علنيا او توزيعها، الا ان صياح الأعضاء المتكرر أعاق ذلك، بالإضافة الى إصرار مجموعة الجنوب بضرورة خروج ممثلي دولة مالى من القاعة وسحب مرشحتها عن إقليم الغرب نظرا الى تعليق عضوية مالى في الاتحاد الافريقي اليوم من قبل مجلس السلم والامن.
وقد أرسل موسي فقيه محمد رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي بصفته الممثل عن الاتحاد رسالة الي الرئيس المؤقت للبرلمان الأفريقي ينصحه فيها بتأجيل الإنتخابات لمدة شهر على الأقل ليهدأ الموقف، وهو ماحدث اليوم بتأجيل إنتخابات رئيس البرلمان الأفريقي .
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد في تغريدة على تويتر: “مشاهد العنف المروعة في البرلمان الإفريقي تلطخ صورة هذه المؤسسة المشرفة، لذلك أناشد جميع البرلمانيين باستعادة رباطة جأشهم والامتثال لقواعد وإجراءات المؤسسة”.
وكان آخر رئيسين للبرلمان الأفريقي من غرب ووسط أفريقيا، ولم يكن هناك رئيس من الجنوب او الشمال الأفريقي في التاريخ القصير للبرلمان، الذي ظهر عام 2004.
يذكر أن البرلمان الإفريقي يضم 229 نائبا، يمثلون 52 دولة إفريقية، ويُعرف أيضًا باسمِ برلمان عموم أفريقيا وهو الهيئة التشريعية للاتحاد الأفريقي.
عقدَ جلسته الافتتاحية في مارس 2004 حيث كان يتخذ في البداية من أديس أبابا في إثيوبيا مقرًا له قبل أن يُنقل في وقتٍ لاحقٍ إلى جوهانسبرج في جنوب إفريقيا.
وكان فتوي إستشاريةً مماثلةً قد أصدرتها السفيرة نميرةً نجم المستشار القانوني للاتحاد وتبناها روءساء الدول الأعضاء في قمة لجنة التيسير لوكالةً التنمية الافريقية- نيباد في ٢٥ مايو الماضي والتي استبعدت إختيار مدير تنفيذى للوكالة من منطقة غرب أفريقيا ، لأنه طبقا لقواعد الإتحاد الأفريقي لابد أن تتدوال رئاستها المناطق الافريقية الخمسة لمدة أقصاه فترتين بإعتبار ان رئاسة النيباد ظلت قبل وأثناء ضمها لهياكل الإتحاد الأفريقي يرأسها الدكتور إبراهيم مياكي من دولة الجابون وهى من غرب أفريقيا لمدة ١٢ سنة متصلة .
وكانت اللجنة المختصةً لتصفية المرشحين قد إستبعدت اكثر من ٤٤٥ مرشح من أربعة مناطق جغرافية ، ووافقت علي ثلاثة مرشحين متقدمين لرئاسة أودا- نيباد من منطقة الغرب الأفريقي ، فقررت القمة الأفريقية للنيباد التي إنعقدت مؤخرا أونلاين برئاسة بول كاجامي رئيس رواندا تأجيل اختيار المدير التنفيذي للوكالة ، وإعادة فتح باب الترشح للمنصب من جديد للدول الأعضاء مع إستبعاد دول جنوب وغرب أفريقيا .