المرأة المُعلقة.. إنسانة ضائعة وزوجة مع إيقاف التنفيذ
"المرأة المعلقة" لقب مخيف ومرعب تخشاه أى سيدة فى مصر، فهو يحمل فى طياته هجر وكره ونسيان متعمد مصحوبًا بآلام نفسية رهيبة للمرأة، خاصة أنها تصبح بموجبه "زوجة مع وقف التنفيذ"، حيث يرفض الزوج الانفصال عنها، ليس حبا فيها، وإنما إذلالًا لها، وهى حالة يسميها أهل الريف "الحيطة الوقف"، والحقيقة أن آلاف النساء فى المحروسة يعانين من تلك المشكلة، بعضهن يعانين منه بسبب هجر الزوج، والأخريات يعانين منه بسبب خوفهن من نظرة المجتمع القاسية إليهن فى حال حصولهم على الطلاق، وحصولهن على لقب مطلقة.
" هير نيوز"، يفتح هذا الموضوع الشائك والمثير ويسلط الضوء على تلك المشكلة التي يعاني منها سيدات كثيرات فى المجتمع المصري، لمعرفة أسبابها وتداعياتها على المرأة والأسرة والمجتمع، وذلك من خلال قصصهن ورأى المختصين.
"داليا.ي"، فتاة تبلغ من العمر 24 عامًا، تزوجت حين كانت في سن الـ19 عامًا، حينها لم تكن تعلم معنى الزواج، فوجدت نفسها تتحمل مسئولية أسرة وعائلة كاملة، وبعد مرور نحو عامين على زواجها من محاسب يكبرها بـ4 أعوام، تبدل حالها، وهجرها زوجها متجهًا لإحدى الدول العربية، رافضًا الإنفاق على طفلهما.
تروي "داليا" قصتها قائلةً،" تزوجته لكنني شعرت أنني تزوجت عائلة كاملة، استيقظ مبكرًا لتأدية طلبات أفراد، وأظل طوال اليوم قائمة على خدمة والديه وأشقائه، وتركني وسافر، وحينما طلبت منه الإنفاق على طفلنا، كان رده "هبعت الفلوس على أهلي وأهو أنتي عايشة معاهم"، شعرت أنني أعيش تحت رحمتهم، فلا أنا متزوجة، ولا أنا سعيدة".
تضيف،" تركت منزل الزوجية وذهبت لمنزل أسرتي، وطلبت منه العودة من السفر والاستقلال في منزل خاص بي، إلا أنه رفض على الرغم من قدرته المالية، فطلبت الطلاق فرفض أيضًا، فلجأت لمحكمة الأسرة وطلبت الطلاق للضرر،لكن حتى الآن لم يُحكم في قضيتي، وأصبحت إمرأة مُعلقة".
لم يختلف حال" سعاد.ب"، البالغة من العمر 31عامًا، كثيرًا عن داليا، فسعاد تزوجت منذ 3 اعوام ولم يرزقها الله سبحانه وتعالى بالإنجاب، ما أدي لتغير سلوك زوجها تجاهها.
تقول سعاد:" وجدته شخصًا آخر مع طلب أهله الدائم بزواجه لعدم إنجابنا أطفالًا حتى الآن، أصبح بعاملني كأي شئ موجود في الشقة، شعرت بإهانة، خاصة أنه هجرني ولم يعد يمارس العلاقة الحميمة معي، تركت المنزل وعدت له طالبةً الطلاق إلا أنه يرفض طلاقي".
تضيف الزوجة،" عرضت على أهلي إقامة دعوى خلع للخلاص منه، إلا أنهم يرفضون بسبب صلة القرابة التي بيننا، وأنا الآن معلقة لا متزوجة ولا مطلقة، أواجه قسوة المجتمع وحدي".
رأي الدين
قال الدكتور محمود شلبي، مدير إدارة الفتاوى الهاتفية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الله سبحانه وتعالى- نهى الأزواج أن يمسكوا زوجاتهن من أجل الإضرار بهن، قال - تعالى-: « وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُۥ وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا.. ۚ»، (سورة البقرة: آية 231).
وأوضح" شلبي"، في تصريحات سابقة له، أن إمساك الزوج لزوجته ورفضه طلاقها وإعطائها حقوقها من الاعتناء والرعاية والإنفاق؛ خطأ كبير ولا يجوز شرعًا، لقوله - سبحانه- « وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا»، ( سورة النساء: الأية 129).
وأضاف مدير إدارة الفتاوى الهاتفية بدار الإفتاء: فإما امساك بمعروف أو طلاق بمعروف، قال - عز وجل-: « وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍۢ ۚ..»، ( سورة البقرة: آية 231)، منبهًا: " إمساك الزوج بالزوجة مع الضرر حرام ونهى عنه الله- عز وجل-".
وفي وقت سابق، أكد الدكتور مبروك عطية، الداعية الإسلامي، أن وعد الرجل زوجته بالطلاق لا يُعد طلاقًا، مؤكدًا أن تعليقه لامرأته وتهربه من الإنفاق عليها، ينزع البركة من صلاته وصيامه.
وتابع، أن تهرب الزوج من نفقة زوجته وتركها كالمُعلقة، ينتزع البركة من صيامه وصلاته، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى نهى عن تعليق الرجل لزوجته، مؤكدًا أن الشرع لا يعرف ذلك ولا يقبله.
مشاكل نفسية واجتماعية
تتعرض المرأة المعلقة لمشاكل كثيرة، منها اجتماعية ونفسية، حسبما أكدت الدكتورة أمل عطوة، استشاري العلاقات الأسرية والنفسية، رصدتها فى التالي.
1- رفضها من قبل أهلها
إذ تتعرض المرأة المعلقة للرفض من قبل أهلها أو أولادها، فيقبل بعض الأهل بناتهم لكن بشرط التخلي عن الأطفال.
2- رغبتها الجنسية وحاجتها إلى الإشباع الجنسي.
تحتاج الزوجة لتلبية رغبتها الجنسية، لذلك تشعر بالاكتئاب أحيانًا، حال وجودها كامرأة معلقة.
3- تحتاج للمال
تحتاج الزوجة المعلقة للمال كثيرًا، كي تنفق على نفسها وعلى أولادها في حالة تخلي الزوج والأهل عنها وعدم وجود مورد مالي خاص بها.
4- رغبة فى الانتقام من الزوج
تشعر الزوجة المعلقة أحيانًا برغبتها في الانتقام من زوجها الذي هجرها، كما تتولد لديها رغبة في الانتقام من المجتمع الظالم الذي يرى أنها السبب.
5ـ عدم وجود الوعي الثقافي
عدم وجود الوعي الثقافي لديها عند الزواج، فقد تتزوج دون وجود مهارات حياتية تعينها على تحمل المسئولية.
نصائح للمرأة المعلقة.
1-إذا تعنت الرجل ورفض الطلاق، فعلى المرأة أن تستجمع شجاعتها وتلجأ إلى الأساليب القانونية.
2-ـ يجب أن تدرك المرأة أنها إضافة للرجل، ولا تترك نفسها للتحكم فيها.
3-عدم الاستسلام للأفكار المجتمعية السلبية وأن تعيش حياتها بما يرضيها.
رأي القانون
يقول المحامى رائد نوفل، إن هناك الكثير من الخطوات يجب على المرأة المعلقة أن تتبعها لحل مشكلتها، وهى، محاولة الوصول إلى حل ودي في البداية، يرضي جميع الأطراف، وإذا لم يكن هنالك نتيجة، تُرفع القضية للمحكمة بالخلع أو الطلاق، وبعد إثبات الضرر يمكنها الحصول على حريتها.