الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق 22 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

أمل قنديل تكتب: مخدر «طنش تنتعش»

الإثنين 24/مايو/2021 - 12:32 ص
هير نيوز


إن خسوف مبادئ المعاملات السوية من أخطر ما يكون على حياة البشر، وأهم شىء لرخاء البشرية هو علاقة الإنسان بنفسه، فالإنسان نواة الكون، أو كما قال المستنير الصادق الجميل جلال الدين الرومي: "لستَ قطرةَ ماءٍ فى محيط بل أنت محيطٌ فى قطرة". لست متبحرة فى علوم الدين وليس التبحر فيها غايتى، فالعمر أقصر من أن يغوص الإنسان فى علوم شتى ثم يعود للسطح للإفادة بها جميعاً، لكننى موقنة بأن صلاح المجتمعات أو خرابها متوقف على معاملة الناس لبعضهم، والتى تعود بالنفع أو الضرر على أنفسهم أولاً ثم على مجتمعاتهم لا محالة.

ولا بديل لصدق الإنسان مع نفسه لكى تصلح معاملاته ولسلامه الداخلي أولا قبل أن يرجو الصدق والسلام والنمو والبناء مع من حوله ومجتمعه، فإن ناقض الإنسان نفسه وإدراكه للحقيقة وفق فهمه، أبداه أو أخفاه، فقد هذا التناغم مع نفسه ومع الآخرين لأنه بذلك قد فقد صوته بل ووعيه فشرد وتاه. إن الواقع بدون تحوير أو تزييف هو الأساس الوحيد السليم لتكوين خريطة وعى وإدراك صادقة لدى الإنسان تبين له مساره السوى البناء فى الحياة، ذلك المبدأ الذى أولاه عالم السيكولوجى مرجان سكوت بيك اهتماماً كبيراً فى كتابه الشهير "الطريق الأقل سفراً". فإن حاد الإنسان عن تلك الخريطة ضل الطريق وأضر بغيره.

فإن اتبع الفرد فى مجتمعه خريطة وعى وإدراك صادقة سليمة لم يلحق بنفسه أو بالناس أو ببلده أذىً متعمداً إلا إذا كان مهملاً او مجنوناً او شريراً، وكف الأذى أضعف الإيمان، على الأقل لا تفسد به المعاملات ولا تقوض بسببه مصالح الناس والشعوب.

وهذا مما يئول إليه الحال حين يختلط على الناس فهم مبادئ المعاملة السوية كمبدأ العفو المختلف جذريا عن مفهوم "معلهش أو طنش"، فالعفو الذى نزهه الله وعظمه بقوله الكريم "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو" جاعلاً إياه من أوجه إنفاق الناس على بعضهم البعض ليعم الخير والصفاء والحب، براء من مفهوم "معلهش" حين يتعلق الأمر بمصالح ومصائر البشر والشعوب، فالله جل جلاله أكرمنا ببيان مغفرته لكل خلقه الذين "لم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"، تأكيداً لأهمية العلاقة بين الوعى والإدراك وتعاملات الإنسان التى عليه أن يتحرى فيها الصدق، لتستقيم أحوال الأفراد ومجتمعاتهم. ولا يتأتى الصدق فى التعاملات الصالحة المخلصة بإلحاق الضرر مع الوعى بذلك وعدم التوقف عنه، ولا بمداهنة الضرر الصادر من الآخرين بحق غيرهم ومجتمعاتهم مع إدراك وقوعه.

إن مفهوم "طنش تنتعش" بحجة التسامح كتعاطى المخدر، يقود لإلغاء الإدراك وترك التعامل مع الواقع لخوف أو ضعف، فيعيش الإنسان بلا وعى وبلا تكامل مع ذلك الواقع أو مع نفسه فلا يتحمل مسئولية وجوده أو معاملاته، ويؤدى بأوضاع ضارة أن تتفاقم، ولخراب مصالح البشر والمجتمعات. هذا ليس بالإصلاح ولا بالإحسان بل تدمير وإفساد، أفلا يعقلون؟!

الأخبار

الكلمات المفتاحية
ads