الخميس 28 نوفمبر 2024 الموافق 26 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

عبير سليمان تكتب: قوامة المرأة

السبت 12/ديسمبر/2020 - 12:10 م
عبير سليمان
عبير سليمان


 «قوامة».. تلك الكلمة التي أُلصقت بالرجل دومًا، حتى وإن لم يتم العمل بشروطها، أو لم يكن لديه مسوغات تؤهله لها، والتي أقرها الله - عز وجل - في كتابه الكريم حين ألصقها بالإنفاق والتفضيل، وذلك فقط استرشادًا لما قيل عن تلك الآية ودلالتها من علماء ثقة وليس...؛ ولأنني لست شيخة، سأتناول هذا المصطلح الذي يفرح به الرجال مجتمعيًا، وهل تسقط القوامة عن الرجل إذا لم ينفق على زوجته؟، وإذا لم يكن هو الأفضل على كل المستويات الحماية والأمان والقدرة على الاحتواء لمشاكل الأسرة وأعبائها التي هي واجب عليها، أم لا ينفق ولا يتحمل أدنى مسئولية ويبقى مهيمنًا ومتشدقًا بهذا المفهوم الذي يتم استغلاله خطأً في مجتمعنا الشرقي، خاصة المصري التي تجاوزت المرأة المعيلة به نسبة الـ40% والمرأة العاملة قرابة الـ70%.

هذا ما جعل بعض الممارسات المستفزة من بعض الرجال تحت مظلة "القوامة" أمر يدعو للتهكم والسخرية؛ حيث يرى الرجل الشرقي في المرأة المصرية مصباح علاء الدين الذي لا بد أن يحقق له كل أمنياته ويطيع كل أوامره، هكذا دون أدنى مسئولية أو عطاء يذكر، فمن المفروض أنها تشارك في مصروف البيت، وتربية الأولاد، وتلتزم بملابس هو يرضى بها وتحديدًا الحجاب، إذا كانت غير محجبة أو غيره من ملابس ترضى رجولته.

وهذا غالبًا لا يتعلق بالدين، وإنما نابع عن حب الامتلاك، فهو يريدها لا تحدث رجالا حتى وإن كانوا زملاء عمل، ولا تقوم بشراء شيء من مالها إلا إذا أقره هو، وتكون دافئة مطيعة حنونة ذات أنوثة نادرة ترضى ذكورته.. حتى لا يأتي شبح الزواج من أخرى؛ لأنها لم تراعِ زوجها الحاكم بأمره صاحب الفضل والحكم والقوامة دون سند، والمبارز دون سيف، ورب الأسرة بلا عمل. وفي المقابل يملأ الدنيا ضجيجًا بسفور النساء ونكدهن وإهمالهن في شكلهن وأنوثتهن ومطالب أزواجهن، ويصدع أدمغتنا بأن الدين يطلب من المرأة إرضاء زوجها وأن تحتشم في لباسها وتطيع زوجها، ولا يذكر من قريب أو بعيد مفهوم القوامة في الدين ولا ينظر لذاته وما يفعله أنه صلب الحرام ذاته على المستوى الديني والإنساني.

هذا واقع حتمي تعيشه عدد من النساء هن يملكن القوامة كاملة داخل البيت وخارجه هن يحملن الأعباء كافة، وتسلب منهن كامل الحقوق، وتبقى أسيرة للمجتمع من ذكوره وإناثه الذي يبارك كلمة قوامة حتى وإن كان حاملها والملتصق بها فاقد شروطها أو أهليتها أو عمق وجمال خصالها، عار علينا أن نبارك انتهاكا ذكوريا إنسانيا لا يراعي وجود المرأة في الحياة وحمل أثقالها، وبدلًا ما أن نردد مفاهيم خاوية، من باب أولى أن يقابل الرجل جمال وصدق وقوة المرأة بمزيد من التفاهم والحب والأمان لها دون أن يثقلها بمزيد من النعرات الكاذبة وحب الامتلاك الواهي، وتعاسة المطالب والتقليل منها دون النظر في مرآته.

ads