د.عادل عامر في حواره لـ «هير نيوز»: "العنوسة ارتفعت بصورة مخيفة تهدد استقرار المجتمع"
للأسف.. تمكين المرأة، لم يتحقق ذلك في مصر بالصورة المطلوبة.
البطالة بين النساء 3 أضعاف الرجال، والمرأة الأكثر تضررًا بكورونا.
أكد الدكتور عادل عامر مدير مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والقانونية أن تمكين المرأة لم يتحقق بالمستوى المطلوب حتى الآن، مشددًا على أن تحقيقه يتطلب تضافر جهود الجميع، وليس مسئولية الحكومة وحدها.
وأضاف "عامر" أن المرأة المصرية واجهت العديد من المشكلات خلال السنوات الماضية، متأثرةً فى ذلك بالظروف الاقتصادية والعوامل المستحدثة فى المجتمع، وكشف فى حوار له مع "هير نيوز" معلومات غاية فى الأهمية عن مشاكل المرأة، وعلى رأسها مشكلة العنوسة، فإلى الحوار..
. ماذا يعني كلمة تمكين المرأة اقتصاديًا، وهل تحقق ذلك في مصر..؟
- للأسف تمكين المراة لم يتحقق في المجتمع المصري بالصورة المطلوبة، إذ يعني التمكين الاقتصادي للمرأة: التوزيع النسبي لكل من الرجل والمرأة في الوظائف الإدارية والتنظيمية والمهنية، والتوزيع النسبي للدخل المكتسب بواسطة السكان النشطين اقتصاديًّا من الجنسيين، والأجور النسبية للإناث مقارنة بالذكور، فالتمكين الاقتصادي المطلوب يهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديا؛ لمساعدتها على مواجهة الأزمات الحالية في المستقبل.
. كيف يمكن تحقيق ذلك؟
- هناك عدة متطلبات لتحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة، منها التركيز على تنظيم قطاع المشاريع الصغيرة عمومًا الذي تنخرط فيه معظم النساء، وهذا يتطلب العمل على توحيد الجهود المبعثرة التي تهدر في إنشاء مشاريع متشابهة، وإغراق السوق بنفس المنتجات دون العمل على تطويرها؛ لتصبح قادرةً على المنافسة، وتحقيق ذلك يتطلب توفير بيئة قانونية تشجع على قيام النساء بتأسيس مشاريعهن الخاصة من خلال حزمة من التسهيلات مثل الإعفاء الضريبي والجمركي لبعض المعدات التي يتم استيرادها من الخارج، إضافة الى توفير المنح المشروطة، بدلًا من القروض التي تثقل كاهل المرأة، وتزج بها في بعض الأحيان في السجن، نتيجة عدم القدرة على السداد.
ــــ هل تمكين المرأة يحتاج إلى تضافر جهود الجميع أم أن تحقيقه يقع على عاتق الدولة؟
- لا، يجب تضافر الجهود، فهو ليس مسئولية الحكومة وحدها، إذ يتطلب تمكين المرأة في المجتمع تدخلًا من القطاع الخاص إلى جانب ما تقوم به المؤسسات التي تدعم المشاريع الريادية للمرأة عمومًا، إضافة إلى ضرورة إحياء التعاونيات بما يضمن توفير دخل مرض ومنصف للمرأة العاملة، وهذا أيضًا مرتبط بتوفير البيئة القانونية الملائمة، وكذلك العمل على فتح الأسواق الخارجية".
. هل خلقت جائحة انتشار فيروس كورونا تحديًا لتمكين المرأة اقتصاديًا؟
- نعم، فهذه الجائحة خلقت تحديات مباشرة تتطلب حلولًا، ومبادرات ذكية وشاملة على مستوى مركبات المجتمع، مبادرات تواجه التداعيات على المشاريع القائمة، وأفكارا لفتح باب التمكين لفرص جديدة، مع الأخذ بعين الاعتبار الدور النسوي في بناء الخطط والأولويات؛ لأن الضرر وقع على الجميع، مع تداعيات أكثر حدة على القطاع النسوي.
. هل تستطيع المرأة المشاركة بقوة في بناء اقتصاد قوي؟
- نعم، يُمكن بناء اقتصاد قويّ لأيّ مجتمع من خلال تمكين المرأة، وإتاحة الفرص لها بالمشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية في جميع القطاعات، فذلك يُساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتّفق عليها دوليًا، كما يُساعد على تحسين حياة المجتمعات بشكلٍ عام، وحياة الأُسر والرجال والنساء بشكلٍ خاص، كما يُساعد على الحدّ من الفقر سواءً على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع، إذ إن الاستفادة من مهارات ومواهب وقدرات أفراد المجتمع يُساهم في ازدهاره، ومن جهةٍ أخرى يُساعد تمكين المرأة اقتصاديًا على زيادة قدرتها على صنع القرارات في أسرتها؛ لأنّ النساء عادةً يستخدمن الدخل الذي يحصلن عليه في دعم أسرهنّ، إضافة إلى ذلك إتاحة الفرصة للمرأة وتكافئ الفرص لها مع الرجال سيحد جدًا من مشكلات العنوسة ويشجع الشباب على الزواج.
. ما المشكلات التي تواجه المرأة مجتمعيًا؟ وهل لها أسباب اقتصادية؟
- هى مشكلات عديدة، أهمها أن الزواج الذي لم يعد ممكنًا للفتاة كما كان فى الماضى، وعلى الرغم من أنه حلم يداعب كل فتاة وفتى، حيث من خلاله تمارس الفتاة غريزة إنسانية أودعها الله في قلب المرأة وهي الأمومة، ولكن في «زحمة» الحياة، وبسبب تعدد مسئوليات المرأة، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية الصعبة، التي تواجه الشباب في العالم العربي يكاد هذا الحلم أن يتواري في أغلب المجتمعات العربية، ويوشك أن يتحول إلى سراب تلهث وراءه الفتاة بعد فوات الأوان، وبخاصة بعد أن ارتفعت نسبة العنوسة بصورة مخيفة تهدد أمن واستقرار المجتمعات، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي وحتى على المستوى الأمني، إذ أصبح الزواج مشكلة تعجز أمام حلها المعادلات الحسابية، لتشكل كابوسًا أو شبحا بات يهدد ملايين الفتيات في العالم العربي.
. ولكن مصطلح العنوسة يطلق على السيدات دون الرجال.. وله أسباب كثيرة، ما رأي حضرتك في ذلك..؟
- يطلق مصطلح العنوسة على المرأة والرجل أيضًا، فالعانس هي البنت التي تخطت سن الزواج المتعارف عليه في كل بلد، أو الرجل الذي لم يتزوج بعد، وبالأرقام فإن معدلات نسبة العنوسة في مصر، وفقًا لأحدث الإحصائيات الرسمية التي أعدها الجهاز المركزي للتعبة العامة، تؤكد زيادة المعدلات، إذ يوجد 9 ملايين شاب وفتاة، أعمارهم تجاوزت الـ 35 عامًا، ولم يتزوج منهم 5.5 مليون شاب، و3.5 مليون فتاة فوق سن الـ 35، ومعدل العنوسة في مصر يمثل 17 % من الفتيات اللاتي في عمر الزواج، وهذه النسبة في تزايد مستمر، وتختلف من محافظة لأخرى، فالمحافظات الحدودية النسبة فيها 30 % لأن هذه المحافظات تحكمها عادات وتقاليد أم مجتمع الحضر فالنسبة فيه 38 %، والوجه البحري 27.8 % كما أن نسبة العنوسة في الوجه القبلي هي الأقل حيث تصل إلى 25 % ولكن المعدل يتزايد ويرتفع في الحضر.
. إذًا مشكلة العنوسة أسبابها اجتماعية أكثر من اقتصادية، فما تعليقك؟
- الواقع يؤكد وجود تغيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة، منها عدم امتلاك الشاب النفقات المادية للارتباط، فارتفاع معدلات العنوسة نتاج تفاعل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مع بعضهم، فالعوامل الاقتصادية أو المادية تتلخص في ارتفاع معدلات البطالة بين الفئات العامة للشباب، فارتفاع معدلات البطالة وانحسار الوظائف وغياب فرص العمل أمام الشباب حالت دون تمكنه من الحصول على وظيفة تدر عليه دخلا ثابتا تمكنه من تحمل أعباء الزواج، وقد أكدت الدراسات والنتائج الأخيرة التي تمت في مصر بارتفاع معدلات البطالة على الصعيد العام سواء بين الرجال أو النساء، تبلغ النسبة بين النساء 3 أضعاف النسبة بين الرجال، إضافة إلى أزمة الإسكان فإذا وجد الشاب عملا فإنه يتعذر عليه العثور على مسكن ليتزوج فيه وعليه يمتنع عن فكرة الزواج طالما أنه غير قادر ماديًا.
. وكيف يساعد الآباء والأمهات في حل تلك المشكلة؟
-التيسير على المتقدمين للزواج، ومراعاة الظروف الاقتصادية، فمع غلاء المعيشة نجد تكاليف باهظة لحفلات الزفاف والظواهر المصاحبة للزواج، فالفتاة تريد حفل عرس «يحكي عنه الناس» وفستان وجهاز يتحدث عنه الناس، ويتكلف الكثير بعيدًا عن ظروف الأسرة، فكل ما يهما الاستمتاع بحياتها، إضافة إلى ارتفاع المهور والغلاء فيها هو أحد أهم القواسم المشتركة لارتفاع العنوسة في المجتمعات العربية، فضلا عن التشدد في تحديد مواصفات عش الزوجية والأثاث التي تفوق قدرة أغلب الشباب فنجد أن أهالي الفتيات مقتنعون بأن جميع الأجهزة والأشياء التي كانت تعد سابقا من الكماليات، لكنها الآن أصبحت أساسيات، وضرورة من الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عنها حتى إن كان أغلب الناس غير قادرين على توفيرها، كل هذا دفع الشباب للهروب من هذا التجربة المكلفة.