رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

بقلم مها عبدالله: الوظيفة كذبة الأمان الكبرى

هير نيوز

لنبدأ من الحقيقة العارية: الوظيفة لم تكن يومًا أمانًا، بل قصة مريحة صُدِّرت لنا حتى نبقى هادئين. كل ما قيل عن الاستقرار كان خطابًا اجتماعيًا ناعمًا لإدارة القلق، لا وعدًا حقيقيًا بالحماية. اليوم، تسقط الأقنعة، ويظهر الواقع كما هو: الوظيفة عقد هشّ، قابل للكسر في أي وقت.

قيل لنا إن الاجتهاد يحمي، وإن الولاء يُكافأ، وإن الصمت حكمة. فصدقنا. ثم اكتشفنا أن كل ذلك لا يمنح حصانة، ولا يشتري وقتًا، ولا يضمن تفسيرًا محترمًا حين يأتي القرار. سنوات تُمحى بجملة باردة، بلا اعتذار، بلا مساءلة، وبلا اعتراف بالخسارة الإنسانية.

الأمان الوظيفي لم يكن حقيقة، بل أداة تهدئة. قيل للناس تكيفوا، تطوروا، تحملوا، بينما يُسحب من تحتهم كل إحساس بالثبات. يُطلب من الفرد أن يكون منتجًا تحت التهديد، متزنًا تحت الضغط، ممتنًا وهو يعيش على حافة القلق.

ما يحدث ليس توترًا عابرًا، بل نمط حياة مفروض. الخوف أصبح جزءًا من الوصف الوظيفي: خوف من الاستغناء، من التغيير المفاجئ، من الغد الذي لا يمكن التخطيط له. ثم يُلام الإنسان على إرهاقه، ويُسأل عن «مرونته»، وكأن الطمأنينة ضعف، وكأن القلق فشل شخصي.

المشكلة ليست في التغيير ولا في القرارات الصعبة، بل في الكذبة التي لا تزال تُدار بوعي كامل. الاستمرار في بيع الأمان الوظيفي كحقيقة هو خداع اجتماعي صريح، وتأجيل الاعتراف بذلك لا يحمي المنظومة، بل يدمر الإنسان.

أخيرًا.. بيع الأمان الوظيفي كحقيقة لم يعد سذاجة، بل مسؤولية أخلاقية مسكوت عنها، والصمت عنها شكل آخر من أشكال العنف.

نقلا عن الوطن السعودية

تم نسخ الرابط