بين اغتصاب فلذات الأكباد والقتل.. منازل بـ«لون الدم»
الثلاثاء 02/مارس/2021 - 01:30 ص
رضا يوسف
بين الحين والآخر تُطالعنا الوسائل الإعلامية بألوان من الجرائم المختلفة، ما بين تمزيق جسد الآباء، واغتصاب فلذات الأكباد، الأمر الذي أكدته أحدث الإحصائيات والمؤشرات الخاصة بالجريمة.
أرقام صادمة تكشف عنها دراسات رسمية صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، تؤكد أن ما يقرب من 90% من الجرائم الأُسرية، تتنوع ما بين الشرف والاعتداء بالضرب على الزوجات والشقيقات، وهذه الجرائم بُنيت على شائعات وسوء ظن من قبل الزوج والأخ.
*«هير نيوز» ترصد عددًا من الحوادث التي شغلت المجتمع المصري وكان من بينها ما يلي:
قرر ابن طعن والدته بسلاحه الأبيض للتخلص منها، وأثبتت التحريات أنه يُعاني من حالة نفسية، بينما قتلت الزوجة زوجها لتفوز بأحضان عشيقها، حيث دسّت له "السُم" في طعام العشاء، ثم تخلصت منه هي وعشيقها أمام قرية "الخرس" التابعة لدائرة مركز منيا القمح، إلى أن عُثر عليه جثة هامدة، وبعد القبض عليهما ومحاكمتهما حُكم بالإعدام شنقًا في القضية رقم 1395 جنايات منيا القمح لسنة 2018.
- خبيرة علم نفس تُحمّل الأسرة المسؤولية
أكدت الدكتورة منال عاشور، أستاذ علم النفس بجامعة حلوان، أن السلوك العنيف هو نتاج عدة عوامل مجتمعية أفرزت كل التغيرات التي طرأت على الشخصية المصرية سواء العنف أو القتل أو الانحرافات الأخرى بكل صورها، لافتة إلى أن انهيار منظومة القيم في المجتمع أدت إلى انتشار الأنانية واستحلال دم الآخرين.
وأضافت، أن الأسرة هي أُولى المؤسسات الاجتماعية التي تخلت عن دورها، فهي كذلك أُولى المؤسسات التي تفشت فيها الجرائم، وجنت ثمار العنف في صورة جرائم غاية في القسوة لم تكن متوقعة في مجتمع كان في وقت قريب متسامحًا ومترابطًا.
وتابعت: "نحتاج إلى وقت طويل لإصلاح أحوال المجتمع ونحتاج لمواجهة أولًا مشكلة الفقر وعلى الأقل أن نُلبي الاحتياجات الأساسية للمواطن، فلابد من إشباع احتياجات الناس بالقدر الذي يجعلهم قادرين على العيش وهذه هى البداية.. ثم يأتي بعد ذلك إصلاح التعليم والخطاب الديني والإعلاء من شأن القيم الإيجابية".
- دور الإعلام في تهذيب الأخلاق
كما نوهت إلى دور وسائل الإعلام بتوضيح سمات الشخصية التي تُعاني من اضطرابات نفسية وأهمية عرضها على المختصين حتى لا يتفاقم الأمر، وهذا الإصلاح لن يحدث بين ليلة وضحاها بل يجب أن يكون تدريجيًا حتى يكون له مردودًا إيجابيًا.
وترى د. نادية رضوان، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، أن الاعتراف بتدهور أخلاق المصريين هو السبيل علاج، مشيرة الى أن هذا ميراث التعليم منذ 50 عامًا.
وأشارت إلى أن التعليم قديما كان يعطي رسائلًا غير مباشرة فى ثنايا القصص تتضمن القيم والأخلاق وتحث على الصدق والأمانة، وتقول: "أتذكر مثلا أن قصة راعي الغنم علمتنا الصدق والأمانة، فتعلمنا هذه المبادئ بدون الحاجة إلى شيخ الجامع، فالمدرسة كانت الأساس، وأيضًا الأسرة، أما الآن فالأب والأم منشغلان عن تربية أبنائهما، مما أدى إلى ظهور أجيال لاعلاقة لها بالأخلاق، وأيضا الاستخدام السيئ "للسوشيال ميديا" وما تحويه من لغة مبتذلة، وكذلك تردي الدور الثقافي في المجتمع عبر وسائل الإعلام والدراما وتسليط الضوء على الجرائم وأعمال العنف والبلطجة التي تزيد من التقليد الأعمى لكل ما نراه على الشاشات، الأمر الذي يتسبب في انحدار المستوى الأخلاقي والمستوى الفكري وزيادة أعمال العنف، فأصبحت المادة المعروضة تبرز العنف والسلوكيات الخاطئة أكثر من كونها تعالجها، فهناك العديد من المشاهد التي تبث في نفوس الأطفال روح العنف والتحريض عليه، وجعلهم يخلطون بين الواقع وما يحدث على الشاشة.
وأضافت أن الأعمال السينمائية والدرامية، غاب عنها الاحترام وأصبحت تشجع على الانحراف تحت شعار محاكاة الواقع، لافتة إلى أن الأغاني الهابطة التي انتشرت وأصبحت قاموسًا في السُباب مما يجعلنا نندهش ونتساءل: ”معقول مصر أصبحت كده؟!”
وأكدت أن البعد الديني لدى معظم الناس وتراجع دور العبادة في تعليم روح الدين وسماحته أحد أهم العناصر التي أدت إلى تدني الأخلاق وزيادة معدلات الجريمة والعنف، ونتج عن ذلك إنتاج أجيال تجهل تعاليم الدين وتقبل على العنف والجريمة، ويحلل الأعمال المحرمة في إطار جهله بتلك القيم والمبادئ الدينية الموجودة في الكتب السماوية وتحض على عدم العنف، وتمنع إسالة الدماء، وأوضحت أننا في حاجة الى خطاب ديني جديد.