الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

نظرة خاطئة وعلاقات تعويضية.. اختيار شريك الحياة رحلة عذاب لذوي الإعاقة

الجمعة 26/فبراير/2021 - 12:24 م
هير نيوز

نادية جمال الدين: المجتمع لا يتقبل ذوي الاحتياجات الخاصة أن يكونوا أزواجًا لبناتهم
ميرفت هلال: يجب تبني خطط إسكان تخفف عن "المعاقين" آلام رحلة العذاب في اختيار شريك الحياة
عمرو عادل: حل مشكلة ذوات الهمم مع الزواج يتطلب فهم الرجل للفرق بين الظروف والصفات

نظرة المجتمع لهم، والأفكار المغلوط عنهم، ومقاييس البنت لفارس الأحلام ومقاييس الولد لفتاة الأحلام، كلها أمور تجعل بحث ذوي الاحتياجات الخاصة "بنين وبنات" عن شريك حياة أشبه برحلة عذاب، وتضطره إلى اتخاذ أصعب قرار فى حياته، وهو الزواج من أمثاله، بما يصعب عليهم الحياة في فترة ما بعد الزواج، فضلًا عن معاناتهم وخاصة محدودي الدخل منهم في توفير تكاليف الزواج المرتفعة، "هير نيوز" تفتح هذا الملف المسكوت عنه، وتجرى هذا التحقيق للوقوف على كل جوانب المشكلة والحل، فإلى التفاصيل:

تقول الدكتورة نادية جمال الدين، استشاري علاقات أسرية وزوجية، إن ذوي الاحتياجات الخاصة يواجهون بالفعل تعب ومشقة وعذاب في اختيار شريك الحياة والزواج، وخاصة البنت لأننا في هذه الحالة نبخسها حقها ولا نفكر في زواجها، ونقول لأنفسنا "خليها قاعدة في البيت"، ولا نسعى من أجل تزويجها لشخص سليم أو حتى شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة مثلها.

نظرة اجتماعية مغلوطة

وتوضح "نادية" أن الفكر الخاطىء في المجتمع يجعل الناس تنظر إلى الرجل من ذوي الاحتياجات الخاصة على أنه ليس واجهة اجتماعية، وبالتالى فإن فرصته في الزواج من فتاة سليمة تكون أقل وأضعف، لأن الأسر تفضل لبناتها شخص سليم حتى ولو كانت ظروفه المادية أقل كثيرًا، بما يعنى أن الشباب والرجال ذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء تكون فرصتهم منعدمة في الزواج من فتاة سليمة، ويتزوجون من بنات أمثالهم بما يزيد عليهم أعباء الحياة أكثر.

وتشير "نادية" إلى أن الأغنياء من ذوي الاحتياجات الخاصة يمكن أن يتزوجون من بنات سليمة، والعكس صحيح بالنسبة للفتيات من ذوات الهمم، وذلك لوجود أسر فقيرة تحب المال، ولكن الزواج هنا يكون علاقة تعويضية، وليس علاقة إنسانية، ويكون أشبه بالصفقة، فلا يوجد فيه مشاعر ولا أحاسيس، وهذا هو العذاب الحقيقى، لأنه غالبًا ما يترتب عليه عذاب نفسى للزوج.

وتؤكد "نادية" أن المشكلة تكمن أن المجتمع عندنا لا يتقبل ذوي الاحتياجات الخاصة أن يكونوا أزواج لبناتهم، وكذلك العديد من المجتمعات العربية، لأنها مجتمعات تحترم مظهر الإنسان أكثر من احترامها لعلمه وأخلاقه، وهو ما يجعل الفتاة السليمة ترفض بشدة زواج الصالونات من شخص "معاق"، وحتى لو أحبته تصطدم برفض أسرتها له.

الإعاقة في الفكر

وتصف نادية جمال الدين، الفتاة السليمة التي ترفض الزواج من شخص لكونه من ذوي الاحتياجات الخاصة بأنها معاقة في أفكارها، فهي تبحث عن الشكل والمظهر، ولاتبحث عن الأخلاق والجوهر، على الرغم من أنها يمكن أن تتزوج شخصًا سليمًا، ويصبح لسبب ما معاقًا، أو غنيًا ثم يصبح فقيرًا، أو تتزوج شخص سليم تكون أخلاقه غير حميدة وصفاته غير سوية ويحول حياتها إلى جحيم لا يطاق.

الإعاقة ليست وصمة عار

ومن جانبها تقول الدكتورة ميرفت هلال، استشارية علاقات زوجية ومعالجة نفسية، إن هناك أشخاص ذوي إعاقة ذهنية كبيرة، وهؤلاء غير مؤهلين للزواج، ويحتاجون رعاية كاملة من الأهل، ويؤكد أن نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة، هي التي تجعل رحلة اختيارهم لشريك الحياة بمثابة رحلة عذاب بالفعل، فالمجتمع وبسبب ثقافته الخاطئة وأفكاره المشوهة، ينظر للإعاقة على أنها وصمة عار، وهذه النظرة تجعل الأب يرفض زواج ابنته من "معاق رجله بتوجعه"، حتى ولو كانت ابنته تحبه.

وتضيف: أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة دائما ما يكون لديهم خوف شديد من التقدم لأسرة ثانية لخطبة ابنتها لإبنهم "المعاق"، خاصة وأن أسرة البنت السليمة غالبًا ما تنظر لهم بنظرة دونية، نظرة "إحنا فوق وانتوا تحت"، ولذلك تكون رحلة زواج ذوي الاحتياجات الخاصة صعبة جدًا، بسبب معاناتهم الشديدة نتيجة نظرة المجتمع لهم، فضلًا عن الألام النفسية التي يشعرون بها نتيجة لهذه النظرة، خاصة وأنها نظرة فيها عطف وشفقة ومشاعر نفسية سلبية تؤثر على الحالة المزاجية لذوي الاحتياجات الخاصة، وتسبب لهم تعب نفسي وتصيبهم بمرض الاكتئاب، وهذا كله يرجع لعدم اقتناع المجتمع بأنهم أشخاص قادرون على الزواج والعمل والانجاب وتكوين أسرة ورعايتها رعاية كاملة، شأنهم شأن باقي الناس.

وتكشف "ميرفت" ملمحا آخر من ملامح رحلة عذاب ذوي الاحتياجات الخاصة في اختيار شريك الحياة، بقولها: هناك أسر تستغل ظروف ذوي احتياجات الخاصة أسوأ استغلال، عند تقدم أحدهم لخطبة ابنتهم للزواج حيث يحملونه تكاليف الزواج كلها، بمنطق "شيل الشيلة لوحدك.. كفاية إننا رضينا بيك وأنت معاق"، ويشترطون عليه أن يكتب لها شقة أو فيلا، أو يضع باسمها مبلغًا كبيرًا في البنك، وقد يضطر العريس قبول ذلك على مضض، وهذا وإن كان فيه حل لمشكلة الأغنياء من ذوي الاحتياجات الخاصة، فإنه في الوقت نفسه، يوضح إلى أي حد يكون الزواج صعبًا جدا على الفقراء من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكونهم لا يملكون مالا، يسيل لعاب الأسر الطماعة عليه، ويجعلها توافق على تزوييج بناتها لهم.

وتؤكد "ميرفت"، أن هناك نقاط مضيئة كثيرة فى العالم، لناس ذوي احتياجات خاصة، ومتزوجين زواجات عادية، والدنيا جميلة معهم، ويعيشون حياة سعيدة، ولديهم أولاد، ويحققون دخلا كبيرا، منهم شخص أمريكي مقطوع اليدين والقدمين، وتزوج وحقق نجاحات كبيرة لم يحققها غيره، ويعطي محاضرات بهدف بث الثقة في نفوس ذوي الحاجات الخاصة.

نصائح للأسر
وتنصح "ميرفت" أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة، بأن يخففوا على أبنائهم رحلة العذاب في اختيار شريك الحياة بأن يعرفوا إمكانات وقدرات ابنهم الفعلية، وبأن لا ينظروا إليه نظرة سطحية، وبأن يبحثوا عن شريك حياة له، يتوافق معه ثقافيا واجتماعيا، وأن يختاروا له بنتا أخلاقها حميدة، تتفهم طبيعة مشكلة ابنهم وتكون مستعدة للتعايش معها، وأن تقدم له دعمًا نفسيًا ومعنويًا، وليس علاقة حميمية فقط.

وتطالب "ميرفت" الدول والحكومات العربية، بتبني خطط إسكان تخفف عن "المعاقين" آلام رحلة العذاب في اختيار شريك الحياة، بحيث تأخذ في اعتبارها مشاكل واحتياجات ومطالب ذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة فئة الجالسين على كراسي متحركة بسبب الشلل وبتر القدمين، فهم يحتاجون لشقق سكنية في الدور الأرضي، ويحتاجون سلالم عمارات بمواصفات خاصة، فضلًا عن أهم شىء يحتاجه كل ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو خلق فرص عمل مناسبة لهم وكفالتهم ماديًا واجتماعيًا، وهذا يتطلب إلزام الشركات ورجال الأعمال بتطبيق المواد المتعلقة بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في قانون العمل.

ثقافة فارس الأحلام

ويتفق الدكتور عمرو عادل، استشاري الصحة النفسية وخبير العلاقات الزوجية، مع ميرفت هلال في أن زواج ذوي الاحتياجات الخاصة رحلة عذاب بالفعل، خاصة إذا ما أراد أن يتزوج "المعاق" من فتاة سليمة، ويقول، إن تلك الفتاة لها فارس أحلام في ذهنها بمواصفات خاصة، فهي تريده دنجوان مفتول العضلات وعروقه ظاهرة في رقبته، وهي تختار شريك حياتها بالشكل والمظهرية، وهذا لاتجده في ذوي الاحتياجات الخاصة من الرجال، وبما يصعب عليهم الزواج، ويدفعهم إلى الارتباط بأمثالهم من الفتيات، من باب الاختيار على أساس التكافؤ، على الرغم من أن ذلك يصعب عليهم الحياة في فترة مابعد الزواج.

ويضيف "عادل"، إن الفتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة تعاني من نفس المشكلة، فالرجال يختارون فتاة أحلامهم على مقياس الجمال، أي الشكل والمظهرية، والخيالات العاطفية التي تثور أذهانهم بشأن العلاقة الحميمية وما تفتضية من حركية، وهذا كله يدفعهم إلى عدم تقبل الزواج من فتاة "معاقة"، والسبب في ذلك كله هو البعد عن الدين والأخلاق، وعدم الإإكتراث بأمور مهمة منها، أنه يمكن أن يكون متدينًا وليس خلوقًا، فضلًا عن خلط الناس لمفهومي الظروف والصفات، وعدم معرفة الفرق الشاسع بينهما.

ويتابع "عادل": لو فهم الناس الفرق بين الظروف والصفات، ستحل مشاكل كثيرة، منها رحلة عذاب "المعاق" في اختيار شريك الحياة، فذوي الاحتياجات الخاصة شأنهم شأن المطقات والأرامل يعانون من ظروف خاصة بهم، تجعل كثير من الناس لا يقبلون على الزواج منهم بسبب أفكار مغلوطة، فالشخص المعاق يتساوى مع الشخص السليم في الصفات، وإن كان يختلف عنه في الظروف، وبالتالي هو شخص قادر على الزواج والامتاع الجنسي لشريك الحياة، وهذا ما يجب أن يعلمه كثير من الناس، والظروف يمكن أن تتغير، ولكن الصفات لاتتغير، وهذا هو المهم في الموضوع، وهو ما يجعلنا نشدد دائما في نصائحنا على اختيار ذوي الأخلاق الحميدة والطيبة.

وينصح الدكتور عمرو عادل، بأن الإعاقة النفسية هي التي يجب التخوف منها عند قبول شريك الحياة، وليس الإعاقة البدنية، فالأخيرة ظاهرة ولا يخفيها صاحبها، ولكن الأولى مخفية ويخفيها صاحبها، وهي السبب الأساسي في أكثر من 60 % من حالات الطلاق، ويشدد على ضرورة توفير الدولة فرص عمل للمعاقيين تساعدهم على الزواج وتكوين أسرة، خاصة وأن تكاليف الزواج من شقة وشبكة ومهر صارت كبيرة في الفترة الحالية بسبب ارتفاع الأسعار.

نظرة خاطئة وعلاقات تعويضية.. اختيار شريك الحياة رحلة عذاب لذوي الإعاقة

نظرة خاطئة وعلاقات تعويضية.. اختيار شريك الحياة رحلة عذاب لذوي الإعاقة

نظرة خاطئة وعلاقات تعويضية.. اختيار شريك الحياة رحلة عذاب لذوي الإعاقة
نظرة خاطئة وعلاقات تعويضية.. اختيار شريك الحياة رحلة عذاب لذوي الإعاقة