"تيك توك" يتسلل إلى قبة الجامعة.. تسلية أم سبوبة؟
فاصل بين محاضرتين وسط الحرم الجامعي لجامعة القاهرة، تتجمع فتيات من عدة كليات مختلفة يشاهدن بعض مقاطع "التيك توك" لعدد من المشاهير، تبدو على ملامحهن الاهتمام الشديد والفرح بما يشاهدنه، يتفاعلن بالضحك تارة وبالتجهم أخرى والتشوق ثالثة.
ذاع صيت التطبيق بين فتيات الجامعة، حتى أصبح المتنفس لهن، وقد كسب تعاطف الكثيرات منهن بعد المشكلات التي أثارها التطبيق وتورطت معها بعض الفتيات من بينهن كانت "حنين حسام" أو كما أطلق عليها "هرم مصر الرابع" والتي دارت حولها ضجة كبيرة منتصف العام الجاري، تسبب في اتخاذ إدارة جامعة القاهرة قرارا بالتحقيق معها، بسبب بثها بعض الفيديوهات غير اللائقة، تبعه إلقاء القبض عليها من داخل الحرم الجامعي.
التطبيق الخطير
أطلق على تطبيق التيك توك التطبيق السحري بسبب قدرته على جذب انتباه متابعيه بصورة كبيرة خاصة الفتيات، فهو عبارة عن منصة يقوم الأشخاص خلالها بتصوير أنفسهم لعمل فيديو قصير ويضيفون إليه عدد من المؤثرات الموسيقية مأخوذة من أفلام عربية وأجنبية ورقص، وغناء، وموضة وأزياء وغيرها من المواد المتوفرة عبر الإنترنت ثم يبثون تلك المقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
وكل تلك المزايا ساهمت في أن تجعل التطبيق يحقق نجاحا كبيرا في وقت قصير وتفوق على التطبيقات التي تقدم نفس الخدمة من بينها تطبيق "فاين" و"كيك" وغيرها من تطبيقات الدردشة والتواصل الفوري، حيث تجاوز عدد مستخدميه 85 مليون مستخدم حول العالم، ومن مختلف الجنسيات يقومون بنشر مقاطع فيديو مختلفة تتجاوز مدتها ١٥ ثانية وتصل لبضع دقائق.
تسلية الوقت
"بتفرج على فيديوهات الفنانين والمشاهير للتسلية بين المحاضرات"، تقولها ندى سيد طالبة بجامعة القاهرة معبرة أنه ليس لديها موقف شخصي من التطبيق المثير للجدل إلى الآن، وبالرغم من ذلك تتجنب أن يراها أحد وهي تتابع مشاهدة فيديوهات التيك توك، خوفا من أن يعتقد البعض أنها مثل الفتيات اللاتي يصفهن المجتمع ببعض الصفات السيئة.
توافقها الرأي مي طالبة الفرقة الثانية بكلية التجارة التي ترى في الأمر مكاسب مادية أكثر منها تسلية، فوفقاً لخبراتها ترى أن الفتيات يقمن بإعداد هذه الفيديوهات وبثها بغرض كسب المال من خلال الإعلانات التي يحصل عليها كل فيديو وفقا لدرجة الجذب.
مصدر دخل
على صعيد متصل تقول نيرمين عادل طالبة الفرقة بكلية الآداب، إن هناك تطبيقات أخرى تشبه تطبيق تيك توك من حيث الخصائص والسمات منها لايكي وتطبيق ستار ميكر، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا توجد تسعيرة ثابتة لتلك البرامج فيبدأ الربح فيها بداية من دولار واحد إلى آلاف الدولارات ويرجع تحديدا لنوع المنتج الذي يتم الإعلان عنه، وحجم المشاهدات والشهرة التي يحصل عليها الفرد، موضحة أن التطبيق يعد لبعض الفتيات مصدرا أساسيا لجلب المال.
فتيات مستهدفات
على الرغم من انجذاب عدد كبير من الشباب للتطبيقات سالفة الذكر، سواء بالمتابعة أو بالإشتراك الفعلي وتقديم فيديوهات، إلا أن الفئة الأكثر استهدافاً هي شباب الجامعات لا سيما الفتيات، وذلك لأن التطبيق بطبيعته يعتمد على الغناء والرقص والتمثيل، وهي أكثر الأمور التي تنجذب لها الفتيات في ذلك السن.
وهو أمر شديد الخطورة وفقاً لما أوضحه محمود علاء الدين أخصائي علم النفس، الذي أكد أن معظم المترددين على عيادته خلال الفترة السابقة هم من فئة المراهقين بسبب تلك البرامج ويأتي معهم آبائهم وأمهاتهم بنفس المشكلة ليحكوا عن اضطرابات أبنائهم ومشكلاتهم النفسية التي يتعرضوا لها جراء تلك التطبيقات يأتي في مقدمتها معاناتهم من ضعف التركيز والوسواس القهري وفقدان الثقة في النفس.
علاج سلوكي
بدوره يرى الدكتور محمود علاء الدين، استشاري علم النفس الاجتماعي بجامعة القاهرة، أن العلاج في هذه الحالات يكمن في الأسرة أولا من خلال تقديم الدعم لأبنائهم باحتوائهم، وفتح قنوات تواصل بينهم تقضي على الأوقات التي يجلس بها المراهق بمفرده، ومن بين تلك الوسائل هي اللجوء للعلاج السلوكي المعرفي، بتغيير بعض السلوكيات التي يقوم بها الفرد، من خلال تغيير مفهاهيمه عنها، وإشراك الفتاة أو الشاب في نشاطات جماعية مختلفة ومتجددة.
وأشار إلى أنه يجب في البداية أن يتقبل الوالدان أبنائهم بأخطائهم، وأن يكون التغير مرن ولا يتسم بالعنف أو الإجبار نظراً لأن الأبناء في هذه المرحلة يتسموا بالعناد ورفض تقبل النصائح التي تتسم بالشدة أو يشوبها صيغة الأمر.