بقلم ميسون الدخيل: إن صمت الأبواق أبلغ من كل الشعارات الفارغة

بقلم ميسون الدخيل: إن صمت الأبواق أبلغ من كل الشعارات الفارغة.. أرجوز اليوم هي «لورا لومر» ولا أتحدث هنا عن هيئتها الخارجية التي دمرت على يد أطباء عمليات التجميل، رغم أنها لم تكن أصلًا ذات وجه مقبول قبل عمليات التدمير، حقا لا أستطيع إلّا أن أتذكر هجاء ابن الرومي لعمر بن عيسى كلما اقتحمت صورتها مروري على موقع x، من شدة الدعم الذي تلقاه على المنصة، فهي تظهر للذي يتابعها والذي لا يتابعها.
ابقلم ميسون الدخيل: إن صمت الأبواق أبلغ من كل الشعارات الفارغة.. لمهم هنا أنها ناشطة سياسية أمريكية يهودية يمينية متطرفة، دأبت على نشر نظريات المؤامرة واستخدام خطاب الكراهية، واكتسبت شهرة واسعة كمرشحة لمجلس النواب الأمريكي عن ولاية فلوريدا التي خسرتها بجدارة ما زالت تضرس مرارتها إلى اليوم. كما أنها تُعرف بمشاركتها في حملات إعلامية متنوعة تتسم بالشراسة والهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي، غالبًا ما تستهدف الشخصيات والمنظمات التي تعارضها.
بقلم ميسون الدخيل: إن صمت الأبواق أبلغ من كل الشعارات الفارغة.. أرادت «لومر» جذب انتباه الرئيس «ترمب» وأنصاره من خلال التمادي في تقديم ادعاءات متطرفة، واختلاق نظريات المؤامرة، ونشر محتوى عنصري ومعادٍ للإسلام على الإنترنت، لمجرد الحصول على نقرات وإعجابات ومتابعين على مواقع التواصل، ونجحت حيث أصبحت شخصية محورية في تعيينات وإقالات موظفي ترمب، كما نجحت في الضغط لإقالة مساعدين في عدة مناصب حكومية رئيسية، بما في ذلك مجلس الأمن القومي، يبدو أن مهمتها هي تشكيل إدارة ترمب وفقًا لرؤيتها، لكن «أمريكا أولاً» تخفي النية الحقيقية ألا وهي «إسرائيل أولاً».
بقلم ميسون الدخيل: إن صمت الأبواق أبلغ من كل الشعارات الفارغة.. وقد أثار غضبها مؤخرًا على الإنترنت وصول بعض الأطفال الفلسطينيين المصابين بجروح خطيرة إلى الولايات المتحدة لتلقي علاجات ضرورية للحالات الحرجة، إضافة إلى الأطفال الذين تعرضوا لبتر أطرافهم، وأعلنت وزارة الخارجية أنها علقت جميع تأشيرات الزيارة للأفراد من غزة؛ حيث أشارت وزارة الخارجية على تويتر إلى أنه لن يُسمح لمزيد من الأطفال المحتاجين إلى علاج عاجل بدخول الولايات المتحدة، بينما تُجري مراجعة كاملة وشاملة للعملية والإجراءات المُتبعة لإصدار عدد محدود من التأشيرات الطبية الإنسانية المؤقتة في الأيام الأخيرة.
كانت لومر قد أضافت حساب وزير الخارجية روبيو وحساب الوزارة في سلسلة من المنشورات المحمومة، مطالبة؛ بمنع الأطفال الفلسطينيين الجرحى من تلقي الرعاية الطبية في الولايات المتحدة، وشاركت مقاطع الفيديو التي سلطت الضوء فيها على عمل منظمة «HEAL Palestine»، وهي منظمة غير ربحية مسجلة في الولايات المتحدة، تقدم رعاية متخصصة لإنقاذ حياة الأطفال المصابين بجروح خطيرة من غزة - الأطفال الذين لا يمكنهم تلقي العلاج المناسب محليًا -، وقد نقل العشرات إلى المستشفيات الأمريكية حتى الآن.. لكن بعد أن نشرت التالي: «حصريًا: على الرغم من قول الولايات المتحدة إننا لا نقبل اللاجئين الفلسطينيين إلى الولايات المتحدة في ظل إدارة ترمب، فقد حصلت على لقطات فيديو لفلسطينيين يزعمون أنهم لاجئون من غزة وهم يدخلون الولايات المتحدة عبر سان فرانسيسكو وهيوستن بولاية تكساس هذا الشهر. سافر الفلسطينيون من غزة إلى الولايات المتحدة بمساعدة مجموعة تسمى (Heal Palestine). كيف حصل الفلسطينيون على تأشيرات في ظل إدارة ترمب لدخول الولايات المتحدة؟ هل وافقت وزارة الخارجية على ذلك؟ كيف خرجوا من غزة؟ هل الوزير روبيو على علم بهذا؟» واثقة لدرجة تظهر نفسها أنها تتحدث باسم رئيس الدولة!
لم تُرِد وزارة الخارجية لها أن تنتظر طويلًا، بل استجابت بسرعة بنشر تغريدة قالت فيها: «سيتم إيقاف جميع تأشيرات الزيارة للأفراد من غزة ريثما نُجري مراجعة شاملة ودقيقة للعملية والإجراءات المُتبعة لإصدار عدد محدود من التأشيرات الطبية الإنسانية المؤقتة في الأيام الأخيرة».
وتسأل الأراجوز ببراءة: لماذا لا تُعالج الدول الإسلامية الأطفال مبتوري الأطراف؟ أولًا، فعلت دول كثيرة ذلك، لكنها لا تُريد الاطلاع على المعلومات أو تجاهلها. ثم، من دفع وأرسل كل هذه القنابل والذخيرة لإسقاطها على الأطفال؟ من وفّر كل الغطاء والحماية اللازمين لوقوع هذه الفظائع؟ على الأقل دعهم يُعالجوا بعض من الأرواح التي ساهموا في تدميرها.
ومع ذلك، تلتزم سيدة «أمريكا أولاً» الصمت التام عندما تُرتكب جرائم ضد الأمريكيين، وخاصة الأطفال، على يد مجرمين إسرائيليين! قدّمت قناة «سي بي إس» تقريرًا حول قضية معروفة جيدًا ولكنها نادرة النقاش: قضية حماية إسرائيل المتحرشين بالأطفال، حيث كشف التحقيق كيف يستغلّ متهمون أمريكيون بالتحرش بالأطفال، مثل «جيمي جوليوس كارو»، قانون العودة الإسرائيلي للتهرّب من العدالة.
«كارو»، المطلوب لاعتدائه على طفل في التاسعة من عمره في ولاية أوريغون عام 2000، فرّ إلى إسرائيل، وحصل على الجنسية الإسرائيلية كشخص يهودي. رغم إدانته في إسرائيل عام 2002 بتهمة التحرش بأطفال، استمر في الإساءة، مع ظهور مزاعم جديدة من الضحية «أمون»، بدءًا من سن الخامسة! تتابع منظمة «مراقبة المجتمع اليهودي» هؤلاء الهاربين، وتُقدر أن أكثر من ستين منهم فروا إلى إسرائيل منذ عام 2014، وغالبًا ما تحمي المجتمعات اليهودية الأمريكية المتماسكة المعتدين، وتخنق ضحايا مثل «ميندي هاوك»، الذي اعتدى عليها «موردخاي يوموتوف»، والذي فر أيضًا إلى إسرائيل؛ من الواضح أن عدم تسليم المجرمين، إلى جانب تراخي إجراءات الشرطة الإسرائيلية، يُمكّن الهاربين من الاختباء!
إذا فاتها التقرير فكيف يمكنها أن تفوتها كل العناوين الرئيسة التي تخرج من الصحف الإسرائيلية؟ من أين نبدأ؟ صحيفة تايمز أوف إسرائيل: «العديد من اليهود المتهمين بالاعتداء الجنسي على الأطفال في الولايات المتحدة يفرون إلى إسرائيل»، و«بلس 61J ميديا»: «إيمانويل، المدينة الإسرائيلية التي يجد فيها المتحرشون بالأطفال ملاذًا آمنًا: إنهاء ظاهرة الاعتداء»، و«جيروزاليم بوست»:
«إسرائيل تسعى لتقنين الاعتداء الجنسي على الأطفال»، و«إسرائيل، الأرض الموعودة للمتحرشين بالأطفال: مخرج هوليوودي آخر متحرش جنسي يجد ملجأ في إسرائيل»، ولم أذكر الصحف الغربية، وهي كثيرة. ناهيك عن العناوين الرئيسية للصحف الإسرائيلية المتعلقة بالاغتصاب والاعتداء داخل جيش الدفاع الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي. والحالات كثيرة!
علاوة على ذلك، كيف يمكن لأراجوز «أمريكا أولاً» أن تصمت على الفضيحة الأخيرة لشخصية إسرائيلية بارزة في مجال استخبارات التهديدات السيبرانية والدفاع النشط، والتي شاركت في صياغة السياسة السيبرانية الإسرائيلية وفي المحافل الدولية، وأيضًا في العديد من الوكالات الحكومية الأمريكية: «توم ألكسندروفيتش»، الذي أُلقي القبض عليه في 13 أغسطس في عملية إغراء أطفال، وُجهت إليه اتهامات، لكن أُفرج عنه بعد استجواب قصير وعاد إلى إسرائيل وسط توقعات... لوائح اتهام؛ لم يُعلن عن سبب رسمي؛ وتشير التكهنات إلى تدخل دبلوماسي!
بالإضافة إلى صمت بقية أبواق الكراهية، إن صمت «لورا لومر» هنا أبلغ من كل الشعارات الفارغة!