رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

كتاب رائع يشرح كيفية إعادة بناء الثقة بين الزوجين بعد الخيانة

هير نيوز

كتاب رائع يشرح كيفية إعادة بناء الثقة بين الزوجين بعد الخيانة.. ليس من المفاجئ القول إن معظم الأزواج يعتنقون فكرة الإخلاص الزوجي، وإن كانوا في الواقع غالباً ما يعجزون عن تحقيقها. والنتائج، كما يشهد ملايين البشر، تكون في غالب الأحيان مدمرة.

كتاب رائع يشرح كيفية إعادة بناء الثقة بين الزوجين بعد الخيانة.. الطبيب النفسي سكوت هالتزمان، مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً "أسرار النجاة من الخيانة الزوجية" The Secrets of Surviving Infidelity، والذي صدرت طبعة ثانية محدثة منه أخيراً، عاقد العزم على مساعدة الأزواج ليس فقط للنهوض من تحت أنقاض الخيانة، بل لإعادة بناء علاقاتهم على أسس أقوى من ذي قبل.

وأنا أطالع كتاب الطبيب النفسي المقيم في أميركا، قبل التحدث إليه عبر تطبيق "زوم"، تشكل لديَّ انطباع راسخ عن رجل يتمسك بحدود أخلاقية صلبة ولا يستحيي من قيامه بذلك، بخاصة في زمن هلامي يعج بالمؤمنين الجدد بتعدد الحب وحرية العلاقات. لا صبر لديه على أولئك الذين يخونون باسم الحب ثم يتذرعون بسلوك شركائهم أو طفولتهم التعيسة لتبرير نزواتهم. يوضح هالتزمان أن كتابه ذا النبرة الحادة هذا وضع خصيصاً لأولئك الذين خانوا، لكنهم لا يريدون أن تنتهي علاقاتهم، وأيضاً لأولئك الذين تعرضوا للخيانة، لكن ما زال في قلوبهم متسع لقوة الإرادة والمحبة كي يخطوا خطواتهم الأولى على درب الغفران.

كتاب رائع يشرح كيفية إعادة بناء الثقة بين الزوجين بعد الخيانة.. مرت 12 عاماً على صدور النسخة الأولى من كتابه، ومع ذلك لا تزال الخيانة من أبرز أسباب انهيار العلاقات الزوجية. وبحسب الدراسة التي نطالعها، فإن ما بين ربع إلى نصف حالات الطلاق كانت بفعل نوع من أنواع الخيانة، ومن الناحية الإحصائية، غالباً ما يكون الرجل الطرف الأكثر خيانة. أما فرص فشل الزيجات الثانية، فتفوق كثيراً الزيجات الأولى، مما يشير إلى أن كثيرين يعيدون ارتكاب الأخطاء ذاتها.

نهاية العلاقات العاطفية تشكّل خطرا على حياة المرأة

سألت هالتزمان، البالغ من العمر 65 سنة، إذا ما كان يرى أن تغول وسائل التواصل الاجتماعي قد فاقم ما يسميه بـ"وباء الخيانة"؟

لكنه لا يرى أن طبيعة الخيانة قد تغيرت كثيراً خلال الـ200 سنة الماضية، بل إن ما تبدل فعلاً هو نظرة الأجيال الشابة إلى "مفهومي الالتزام والواجب بالكامل". يلخص هذا التحول بعبارة: "سألتزم فقط ما دامت الشروط مناسبة لي"، ويلاحظ أن هذه المقاربة تنسحب أيضاً على نظرة جيلي الألفية و"زد" إلى العمل.

كتاب رائع يشرح كيفية إعادة بناء الثقة بين الزوجين بعد الخيانة.. وعلاوة على ذلك فإن عدد المقبلين على الزواج في تناقص، بينما تظل معدلات الطلاق على حالها تقريباً. وربما لهذا السبب، أو بغض النظر عنه، نجد أنفسنا مأخوذين بإعجاب حقيقي تجاه الأزواج الذين يصمدون في وجه العاصفة، حتى لو لم "ندرك تماماً كم الجهد الذي يتطلبه ذلك".

كتاب رائع يشرح كيفية إعادة بناء الثقة بين الزوجين بعد الخيانة

وهنا قررت أن أطرح السؤال الجوهري بلا مواربة: ما الذي يجعل الإخلاص الجنسي مهماً إلى هذا الحد، ما دام البشر، في معظمهم، يبدون عاجزين عن تحقيقه؟ (يعترف هالتزمان نفسه في كتابه بأن كثيراً من علماء الأحياء يشككون في أن الجنس البشري مهيأ بيولوجياً لهذا النوع من الوفاء)؟

إنه يقر برواج موضة عصرية اليوم تعرف بـ"تعدد الشركاء الأخلاقي"، لكنه يعلق بنبرة ساخرة: "أنا شخصياً، لم أصادف كثير من النماذج التي تمكن فيها الناس من إقامة علاقات جنسية مع شركاء آخرين، بينما يفصلون مشاعرهم تماماً، ويحافظون على التزامهم الكامل تجاه زواجهم أو شريك حياتهم"، بل إنه يشك في أن من "ينجحون فعلاً في عيش هذا النمط من [العلاقات المتعددة] لا يمثلون إلا أقلية صغيرة، لكنها تصدح بأصوات مرتفعة لتروج لمدى نجاحها".

ومن أبرز النصائح التي يوجهها هالتزمان للأزواج المصدومين الساعين إلى العلاج أن يطرحوا على المعالج سؤالاً بسيطاً في ظاهره، لكنه بالغ الدلالة: كم مرة تزوجت أنت؟

كنت أظن أن طرح الأسئلة الشخصية على المعالجين أمر غير مقبول، لكن هالتزمان لا يراه مقبولاً فقط، بل ضرورياً. ويضيف أن من تزوج أكثر من مرتين ربما لا يكون مؤمناً حقاً بمفهوم الالتزام الزوجي.

ويحذر أيضاً من أن كثيراً من المعالجين النفسيين تلقوا تدريبهم للعمل مع أفراد، لكنهم يجدون أنفسهم يمارسون العلاج الزوجي [أي مع الشريكين معاً] "بصورة تلقائية"، من دون أن يكون لديهم التأهيل الحقيقي لذلك. يشبه الأمر بمدربي العمل: إذا جاءك شخص يكره وظيفته، فليس الحل الأمثل أن تقول له ببساطة: "لماذا لا تتركها؟". الأفضل أن تبدأ "بفهم بيئة عملك ومحاولة تحسينها". العلاج الزوجي، في نظره، يقوم على المبدأ نفسه: ابحث عن آليات العلاقة المشتركة واعرف ما إذا كان بإمكانك جعلها تعمل بسلاسة أكثر.

يؤمن هالتزمان بأن على المعالج النفسي أن يمتلك فهماً عميقاً لطبيعة الخيانة الزوجية وأثرها العاطفي والذهني، بدلاً من الغوص في تفاصيل الطفولة والماضي. ويشير، إلى أنه ثمة "ساعة تدق" خلال جلسات العلاج - التي غالباً ما تكون مكلفة - وأن الناس لا يأتون "ليكتشفوا تجارب طفولتهم الأولى، بدلاً من الحصول على إجابة للسؤال الملح ’هل سأستطيع النوم بجوار هذا الشخص الليلة؟ أو في أي ليلة على الإطلاق‘؟".

ولا شك في أن أسلوب هالتزمان في العلاج حازم وصادم للبعض. فهو يرى أن الأزواج الخائنين كثيراً ما يعانون مما يسميه "إدمان الإثارة العاطفية" - أي الارتهان الكيماوي لما تمنحه المغامرات العاطفية من دفعات هرمونية، كالأوكسيتوسين والدوبامين والسيروتونين. وهو يرفض التوصيفات الشائعة مثل إدمان الحب أو إدمان الجنس، لأنها في رأيه تستخدم كـ"ذريعة"، تمنح "المدمن الجنسي" فرصة التنصل من المسؤولية عبر الادعاء أنه واقع تحت سطوة رغبة لا يستطيع كبحها. أما إدمان الإثارة العاطفية، فيرتبط غالباً بحالات إدمان أخرى كالكحول والمخدرات، وهي بدورها تضعف القدرة على "كبح الذات"، وتدفع الإنسان إلى أن يكون أكثر استعداداً للانتظام في علاقات خارجية.

كتاب رائع يشرح كيفية إعادة بناء الثقة بين الزوجين بعد الخيانة.. والمفارقة اللافتة أن هالتزمان لا يتحدث كثيراً عن الجنس نفسه. فمسألة المعاشرة لا تحظى بحضور ملحوظ في كتابه إلا في الصفحات المتأخرة، قرابة الصفحة 200 ثم 300. وهو أمر أثار دهشتي، ولا سيما أن كثيرين ممن أعرفهم يرون أن التفاوت الكبير في الرغبة الجنسية بين الشريكين هو السبب الجوهري للخيانة. في حين أنه يعترف بأن "الحرمان الجنسي قد يدفع الناس للبحث عن الإشباع في مكان آخر غير ذاك الذي يفترض أن ينالوا فيه حاجتهم"، إلا أنه يشير إلى كتابيه الآخرين "أسرار الرجال السعداء في زواجهم" The Secrets of Happily Married Men ونسخته النسائية، حيث ينصح الطرف المحروم من العلاقة بأن "يطلبها صراحة ويتفاوض في شأنها مع شريكه"، لأن ذلك "جزء أساس من العلاقة".

ما يزعجه في حق هو حين يوصي بعض المعالجين الأزواج بأن يكونوا أكثر إغواءً أو إسرافاً في المجاملات أو في أداء أعمال المحبة، لأن "الرغبة الجنسية لا تنبع من هذه الأشياء". ما يصعب فهمه بالنسبة إلى الطرف الأقل اندفاعاً جنسياً، برأيه، هو أن الرغبة لا تولد دائماً من تلقاء نفسها، بل تحتاج أحياناً إلى جهد واع لإيقاظها. وهو يستشهد بدراسات كثيرة تؤكد أن النساء - في كثير من الحالات - لا يشعرن بالإثارة إلا بعدما تبدأ الملامسة الجسدية الفعلية.

ولعل إحدى أكثر القضايا الشائكة التي لا يتوانى هالتزمان عن التطرق إليها هي قضاء وقت طويل مع أصدقاء جذابين الذين غالباً ما يكونون من الجنس الآخر. إنها مسألة يتردد صداها كثيراً في عيادته، وتشكل مصدر توتر كبيراً داخل العلاقات الزوجية. وكما اعتدنا منه، فهو لا يهادن: "أعتقد أن الأشخاص المستنيرين، المنفتحين، العقلانيين، يقولون ’لا بد أنني قادر على إقامة علاقة عاطفية متعمقة ومقربة مع أي شخص، من أي جنس، لأنني أتحمل مسؤولية التحكم بمشاعري. ولا ينبغي لي أن أتنازل عن هذه العلاقة لمجرد أن شريكي يشعر بالقلق"، لكنه يرى أن هذا التفكير "ساذج".

كتاب رائع يشرح كيفية إعادة بناء الثقة بين الزوجين بعد الخيانة.. ويقدم الكاتب نصيحة مفادها دمج كل الأصدقاء المقربين في نسيج العلاقة الزوجية، بحيث يعرفهم الشريك جيداً. هل من داعٍ للقلق إن وجدت الثقة؟ يجيب هالتزمان بأن المشكلة قد لا تكون في الشريك، بل في الصديق نفسه (أو بخاصة زميل في العمل) الذي قد لا يمكن الوثوق بنياته. وغالباً ما يكون أحد الزوجين عديم الحساسية لمثل هذا النوع من الاهتمام الموجه... إلى أن يفوت الأوان.

لكن ماذا تفعل عندما يقع الأسوأ؟ حين تكون أنت أو شريكك قد خضتما مغامرة خارجية، والعلاقة بينكما تهوي بلا كوابح؟ هنا أيضاً، يأتي هالتزمان بصراحته المعهودة. أشد وصاياه صرامة هو الأمر الحازم بقطع كل صلة مع العشيق أو العشيقة، وهو ما يجد فيه الطرف الخائن صعوبة شديدة، وقد يحاول المراوغة وطلب تنازلات، لكن هالتزمان لا يترك مجالاً للتأويل، بل يقترح حتى نصاً حازماً لرسالة يمكن إرسالها، يقول فيها: "يقوم زوجي/ زوجتي بكتابة هذه الرسالة معي. لا يمكنني رؤيتك مجدداً. عليَّ العمل على إنقاذ زواجي. أرجو ألا تتواصل/ي معي. أتمنى لك التوفيق. لا تتواصل/ي معي" (التكرار في الجملة الأخيرة مقصود للتشديد على القطيعة المطلقة).

أما التوصية الثانية، فهي أن يمنح الشريك المتضرر صلاحية كاملة للاطلاع على الهاتف والبريد الإلكتروني وحسابات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك كلمات المرور. فالنية وحدها لا تكفي، بل لا بد من إثبات الالتزام بالأفعال.

بكلمات واضحة، ينبغي على الطرف الخائن أن يتحمل كامل المسؤولية عن أفعاله، ويكون صريحاً في شأن ما حدث، حتى وإن بدا الأمر صادماً، مثلما حين يسأل الشريك المصدوم: "كم مرة مارستما الجنس معاً؟"، وعليه أيضاً أن يقدم تعويضاً فعلياً عن الخيانة، من خلال الالتزام الواضح بالزواج، سواء من حيث الوقت أو الجهد أو الحضور العاطفي. لا شك أن طريق الترميم سيشهد عثرات، لكن إعادة بناء هيكل العلاقة إلى أن يصبح الغفران ممكناً... هو عمل شاق لا يحتمله إلا من قرر بصدق القيام به.

وفي المقابل، تكون مهمة الشخص المتضرر من الخيانة هي مقاومة إغراء توجيه اللوم والانتقاد المستمر لشريكه، بل ينبغي عليه تشجيع نفسه على تبني العلاقة والزواج مجدداً. ينصح هالتزمان بإعادة صياغة المحادثات الصعبة من خلال الابتعاد عن استخدام كلمة "أنت"، حيث ينصح: لا تقل "أنت جعلتني غاضباً عندما لم تستمع"، بل قل "أشعر بالانزعاج عندما لا يستمع أحد". كما يضع هالتزمان الحد الأدنى من التركيز (كما يفعل عديد من المعالجين الآخرين) على ربط تصرفات الشخص المتضرر بأنها السبب في خيانة الشريك. اللوم ليس جزءاً من منهجه.

ومع تقدم القراءة في الكتاب، أجد نفسي أكثر تقبلاً لموقفه الأخلاقي الثابت. لا وجود هنا لمقولة "يحتاج تدمير الزواج إلى شخصين" بمعناها الفضفاض، بل هو رسالة واضحة أن الخيانة هي أكثر الأشياء تدميراً قد يواجهها الزوجان، وأن كل جلسات الاستشارة يجب أن تركز على ذلك وعلى شفاء الجرح الناتج منها.

يبدو أن موقف هالتزمان العلاجي قريب من مفهوم "الحب القاسي" القديم. وهو يحرص على التأكيد أنه لا يسعى إلى "إلقاء اللوم على الناس وجعلهم يشعرون بالذنب في شأن ما فعلوه". في الغالب، يعتقد أن الخيانة تحدث لأن الناس لا يستثمرون أفضل ما لديهم وهدفهم في علاقتهم. استنتج أحد "خبراء الخيانة" أن علاقة الخيانة تستهلك بالمتوسط 15 ساعة من أسبوع الشخص الخائن، وفي هذا السياق، يحث هالتزمان على أن تستثمر تلك الساعات في الزواج بدلاً من ذلك، سواء كان من خلال الطهي معاً أو التنزه أو مشاهدة برنامج مفضل.

لكن النصيحة الوحيدة التي وجدتها أكثر إلهاماً جاءت قرب النهاية. نحن جميعاً اعتدنا على عبارة أنه يجب علينا معاملة الآخرين بالطريقة التي نرغب أن نعامل بها. إلا أن هالتزمان يقلب هذه الفكرة رأساً على عقب في إطار الزواج، مشيراً إلى أن تفضيلاتنا وحاجاتنا الشخصية (مثل حبنا لـ[الفنانة الأميركية] دولي بارتون، والحفلات، والأعمال المستوحاة من كتابات جين أوستن) غالباً ما تكون مغايرة تماماً لتفضيلات شركائنا. باختصار: عامل شريكك بالطريقة التي يحب هو أن يعامل بها، على أمل أن يبادلك بالمثل.

تم نسخ الرابط