بقلم أمل بنت محمد المجاهد: حسن الختام المهني
الإثنين 10/فبراير/2025 - 02:00 م
![هير نيوز](/upload/photo/news/11/0/800x450o/910.jpg)
الحياة محطات عابرة، ونحن نتنقل بين تلك المحطات بأسباب ومسببات، وهي إما محطات شخصية أو اجتماعية، وقد تكون مهنية.
في المحطات المهنية تتباين طباع البشر وأخلاقياتهم. وتكشف لك النهايات في كل رحلة مهنية معادن الناس ونفائسهم. فتتجلى المبادئ وتبرز القيم وتظهر الأخلاق وكل هذه العناصر هي ركائز الطباع البشرية، فمتى اختل عنصر منها أصبح هناك خلل في السلوك وضعف في الثقة، تقود إلى نهاية غير سوية.
العمل ليس مجرد وظيفة نؤديها، بل هو ساحة تفاعل بين الأرواح، حيث تتشابك قصصنا مع زملاء جمعنا معهم الطموح والتحديات والإنجازات. وكما أن لكل بداية وهجها، فإن للنهايات أخلاقها، فهي مقياس حقيقي للنضج والوفاء.
اللافت اليوم أن تيار التوعية بأهمية التطوير المهني وصل أعلى درجاته، وأصبح الكثير من الفلاسفة والمطورين يتحدثون وينظّرون حول ضرورة التطوير المهني من شهادات أكاديمية واحترافية وغيرها، وهذا بلا شك مطلوب، ولكن لا بد من التركيز أيضًا على أخلاقيات العمل، فلها صور متنوعة وجوانب مضيئة وعكسها. ولا ننسى أن لكل بداية وجه مضيء فقد يكون أقل ما نقدمه في النهايات، ترك الأثر الطيب والذكر الحسن، حتى وإن افترضنا أن بيئة العمل لم تساعد.
أتحدث عن صورة تتكرر في بيئة العمل وهي النهايات المهنية غير المقبولة، فقد تكون بيئة العمل منفرّة ولا يوجد احتواء للكفاءات المتميزة وتقدير للجهود، أو قد يكون هناك ضعف في إدارة ومتابعة أداء الموظف، وفي أحيان أخرى قد يكون إهمال واستهتار من الموظف وتراجع في الالتزام وضعف في استشعار المسؤولية. بشكل عام لكل وظيفة وبيئة عمل جوانب إيجابية وسلبية ولها تحدياتها، ولكن عند المغادرة لا يكون الوقت مناسبًا لتصفية الحسابات أو انتقاد السياسات. بل بالعكس الموظف المحترف يُظهر أخلاقيات عالية حتى اللحظة الأخيرة، ويتحلّى بالامتنان لما تعلّمه من تجارب وخبرات، حتى وإن كانت بعض المواقف صعبة، فهي بلا شك سترفع من قيمته الشخصية وتجعل الجميع يتذكره بإيجابية.
العمل أمانة، والمغادرة لا تعني التراخي أو ترك المسؤوليات دون إنجاز. ومن أسمى الأخلاق المهنية أن يبقى الأداء بالجودة نفسها حتى آخر يوم، مع ترتيب المهام المتبقية، وتوثيق المعلومات لضمان انتقال سلس لمن سيكمل المهمة من بعدك. فالأثر الطيب في الأداء يبقى شهادة على الاحترافية. وقد حث على ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه».
قد تكون النهاية بابًا جديدًا لحياة أكثر إشراقًا، لكن لا شيء يبرّر حرق الجسور السابقة. وقد تكون مغادرة مكان العمل نهاية فصل، لكنها في الحقيقة بداية جديدة. والاحترافية في وداع مكان العمل تعكس نُضج المرء، وتترك أبوابًا مفتوحة لفرص غير متوقعة. فالذين يرحلون برقيّ، يجدون دائمًا مكانًا مرحبًا بهم في أي طريق يختارونه. لذا، فلنحرص على أن تكون نهاياتنا أنيقة، لأن الأخلاق لا تُختبر في البدايات، بل عند الوداع. وكما قال الكاتب الأمريكي Zig Ziglar «موقفك، وليس كفاءتك سيحدد ارتفاعك» ولنتذكر أن: الأعمال بالخواتيم.
نقلا عن الوطن السعودية