بقلم منصور الضبعان: فلوس.. فلوس يا وجه الفقر
(1)
المال قوة، وزينة، وحسب، ولكنني لم أبغض شيئًا في الحياة كبغضي لـ«جمعه»، ولم أكره أحدًا ككرهي لـ«اللاهثين» خلفه، ولم أمقت أحدًا كمقتي لباعة المبادئ والقيم من أجله. ألفت المال وسيلة لا غاية، يجمعه الكدح خلال ردح، ليعيش جامعه برهة في ندح، ويتلف في فدح، ويفوز به دون لغوب ورثة يكتفون بالمدح.
(2)
ولا أجد المال سببا للسعادة، فالسعادة في قيمة الإنسان، وبصمته، ومبادئه، وقيمه، وثقافته، وفكره، وإيمانه، وليس في جمعه أي عبقرية، فقد جالستُ أثرياء، فوجدتهم فقراء لا يملكون سوى المال، يملكون القصر، وسيارة العصر، وعقلا «قاحلا»، لا علم، ولا معرفة، ولا أدب، ولا حديث، فآمنت أن المال لا الذي يأتي، بل الذي يُساق. وقد اتفق العوام أن «المليون يبحث عن صاحبه»!، ولكن الأغنياء والأثرياء أفنوا صحتهم في جمع المال، لضعف إيمانهم بأن الرزق من الله، الذي «يعطي الحلق للي مالوش ودان».
(3)
ماثيو كيلينجسورث، باحث السعادة في كلية «وارتون» بجامعة بنسلفانيا، قاد فريق دراسة توصلت إلى أن المال يمكن أن يشتري السعادة، وأظهرت النتائج أن أصحاب الملايين والمليارديرات أكثر سعادة من أولئك الذين يكسبون أقل من 500 ألف دولار سنويا.
(4)
ورغم أنف «ماثيو» الأحمر، وسور «وارتون»، وشوارع «بنسلفانيا»، أقول: إن السعادة لا تُشترى، السعادة تنبع من الداخل، الداخل المفعم بالإيمان، والثقافة، والمعرفة، والرضا، والكرامة.
(5)
ينفعل صديقي، ويقول: تملك وسائل الشهرة في السوشيال ميديا، فلم لا تنطلق؟!، قلت: من أجل ماذا؟
قال: الشهرة والمال، فلووووس!، قلت: الأمر يستلزم الانقلاب على المبادئ، والقيم، والقيمة الاجتماعية، لذا لا أجدني ملائما لتقديم إعلانات.. هل تقبل مني أن أقدّم إعلانا لـ«صابون»، وملابس داخلية؟!.. قال: ما المانع إن كان هناك مبلغ جيد!، قلت: لا أقبل!، فنفث دخان «أرجيلته» إلى الأعلى، وهو يتمتم: وجه فقر!
نقلا عن الوطن السعودية