إيفا هابيل.. أول عمدة فى الصعيد والمحروسة
استطاعت إيفا هابيل بكفاءة أن تحكم قريتها، وأثبتت كيف يمكن للمرأة القيام بمهام الرجل، فكان لتمتعها بروح الحكمة والرزانة، أثراً لم يتوقع أحد أن يشهده صعيد مصر فى يوم من الأيام.
وسطرت "العمدة" قصة كفاح امرأة صعيدية كسرت حواجز وعادات خاطئة، فكان حدثًا فريدًا من نوعه، بمولد أول إمرأة قبطية تعمل كعمدة فى قرى ونجوع مصر.
ورغم أن دور العمدة يجب ألا يختلف باختلاف شاغل المنصب، سواء رجل أو سيدة، فإن دخول المرأة هذا الميدان أدى لتغيير واضح فى هذا الدور، خاصةً أن العمدة فى المجتمعات الريفية يستمد قوته من حجم ما يحظى به من احترام وحب بين أبناء قريته، وقوة شخصيته، وقدرته على تسوية أى خلافات قد تنشأ بين الأهالى، قبل أن تنتقل للشرطة أو القضاء، وهو ما نجحت فى فعله إيفا هابيل.
إيفا هابيل كيرلس، ولدت فى محافظة أسيوط عام 1955، تعمل محامية، حصلت على ليسانس كلية الحقوق، جامعة عين شمس عام 1980، عاشت في القاهرة لـ10 سنوات قبل أن تعود لأسرتها.
غيرت الصورة الذهنية التى تأتى للوهلة الأولى فى التفكير عندما تنطق كلمة "عمدة"، ففى مشهد ذهنى داخلى تجد أمامك رجلًا طويل القامة عريض المنكبين "كما يقال"، ولكن فى مفاجأة تولت "إيفا" منصب عمدة كوم بوها بمركز ديروط، محافظة أسيوط منذ 2008، بعد أن طالبها أهالي القرية بالترشح وتقدمت بأوراقها في الساعات الأخيرة قبل غلق باب الترشيح عام 2006.
كانت نشأتها دافعاً لخوض هذه التجربة، حيث إنها حينما كانت لا تزال طالبة فى الصف الأول الثانوى، كانت تحرص على العمل فى مطحن غلال يمتلكه والدها، أثناء الإجازة الصيفية، رغم أنها كانت تتلقى تعليمها فى إحدى المدارس بمنطقة مصر الجديدة فى القاهرة، وبعد أن تخرجت فى كلية الحقوق بجامعة عين شمس، سافرت للعمل فى العراق، قبل أن تعود إلى مصر وتبدأ العمل بالمحاماة، ثم قررت العودة إلى قريتها كوم بوها عام 1990 بعد مرض والدها، للإشراف على المخبز الذى كان يمتلكه قبل وفاته.
نافست " إيفا" 6 رجال على المنصب، ليصبح في نهاية المطاف من نصيبها، فتكمل مشوار والدها، عمدة القرية قبل وفاته عام 2002، وتدخل تاريخ المشاهير، كونها أول امرأة تصبح عمدة في الصعيد ومصر كلها، ففي التاريخ لم يتم تعيين عمدة امرأة من قبل.
كان والدها عمدة للقرية لسنوات، وبعد وفاته عام 2002، وكانت دائمًا تجلس بجواره أثناء الجلسات العرفية، وتعلمت منه كيفية حل المشكلات بكل بساطة، والحرص على الاستماع إلى جميع أطراف المشكل وساعدها عملها بمهنة المحاماة، فهي مهنة شاقة وتكسر كل العادات والتقاليد الصعيدية، فنجحت فى مهمتها، وقدمت أكثر من مشروع خدمى للقرية منها منظومة النظافة، ومشغل لتشغيل السيدات، ومعارض وندوات لتوعية أهالي القرية ودورهم في المجتمع، لذلك الوعي الثقافي لدى أبناء القرية مرتفع ونسبة التعليم عالية، وللعلم كان أهالي القرية في قمة السعادة والفخر عندما أصبحت سيدة قبطية أول عمدة في تاريخ مصر.
بدأت مشوارها بالعمل السياسى، عندا انضمت للحزب الوطني عام 1994، ثم تقلدت منصب أمينة المرأة بقرية كمبوها" بمركز ديروط محافظة أسيوط ، وبعدها ترشحت لعضوية مجلس محلي مركز ديروط، وحصلت وقتها على أعلى الأصوات، وذلك لمدة دورتين متتاليتين من 1996 إلى 2002.
ثم ترشحت لعضوية مجلس محلى المحافظة فارت به من 2004 إلى 2008، وتم تكليفها بالقيام بأعمال أمينة المرأة بالمركز، ثم تقدمت في 2006 لمنصب العمدة، وفي 2010 أصبحت عضوًا بمجلس الشوري بالتعيين، وتم حل المجلس عقب ثورة يناير، وأصبحت عمدة مؤقتًا حتى 2014.
وترى إيفا هابيل أنها جزء من التاريخ الآن، فبعدها اعتاد القرويون على أن يكون عمدتهم امرأة، ولكنهم فى بعض الأحيان عندما يتحدثون معها ما زالوا يستخدمون لغة المذكر، كما ترى أيضاً أن الرئيس السيسي أنقذ مصر فى مرحلة صعبة من تاريخها، وحماها من مخططات كانت ستحولها من دولة رائدة لدولة مفقودة الهوية، لذلك فهى تدعمه منذ الفترة الأولى والثانية والاستمرارية لأنه رجل دولة ووطني من الطراز الأول، وتتوقع أن يكون المستقبل أفضل، إذا تحمل الجميع الفترة الاقتصادية الصعبة، فالإصلاح يتطلب ربط الحزام.
كرمها الرئيس عبدالفتاح السيسى ، باعتبارها أحد النماذج المشرفة للمرأة المصرية، وهو ما تعتبره إعترافا بأن المرأة لم تعد محرومة من تقلد اى منصب لأن الدستور أعطاها هذا الحق، وبالتالى عليها التمسك بحقوقها، فإن أرادت وصدقت، تستطيع القيام بكل ما يقوم به الرجل.
، خاصة وهى تعيش فترة ذهبية، تحتاج فقط للمثابرة حتى تنال جميع حقوقها، ويجب ألا تيأس، فلا يضيع حق وراءه مطالب.