المعيد وتبخير الذبائح والفراشيح والجريشة من مظاهر الاحتفال بالعيد بجنوب سيناء
رغم أن الكثير من القبائل البدوية ، قد أصابتها الحداثة ، والعديد من مظاهر الحياة الاجتماعية الحديثة التي بدأت تتسلل إلى حياتهم، ومن أبرزها البيوت المزودة بالكهرباء وأجهزة الستالايت، والهاتف المحمول إلا أن للأعياد طبيعة خاصة جدا عند بدو جنوب سيناء كما أن الخيمة والمندرة يتمتعان بخصوصية شديدة طيلة أيام العيد .
وبدو جنوب سيناء يحرصون على استقبال عيد الأضحى ، بالعادات والتقاليد متوارثة منذ مئات السنين وبروح هذه العادات يحيون لياليه الكريمة .
قال الكاتب سلام مدخل ، صاحب كتاب "الأمثال والمأثورات عند قبائل سيناء" ، رئيس نادي أدباء جنوب سيناء الأسبق ، والملقب بشيخ المثقفين في تصريح لـ"هير نيوز" : "لا تختلف عادات البدو في العيدين سواء في عيد الفطر أو عيد الأضحى ، مثل اختيار مكان التجمع ، المعيد ، وسباق الهجن الذي يسمى الهلّال وفى المساء الدحية والمربوعة ، فمن من مظاهر الاحتفال بالعيد في البادية أنهم يعيشون في تجمعات صغيرة ربما لا يتعدى التجمع خمسة بيوت وعندما يقترب العيد يختارون مكان متسع يطلقون عليه " المعيد " فتتجمع التجمعات الصغيرة لتكون تجمع كبير يصل إلى ٢٠ بيت يبنون بيوت الشعر جنبا إلى جنب فتكون صفا طويلا ، ثم يبنون
بيتا من الشعر ليكون المقعد الذي يتجمع فيه الرجال حيث البيوت الأخرى للأسر يصلون العيد معا وتصنع النساء طعام الفطور فتخرج البواطي .. الصحون الكبيرة ، كل بيت يخرج باطية فتكون تشكيلة من الطعام منها فت باللبن ، فت بالسمن ، جريشة قمح ، وهي عبارة عن طبخة يتم إعدادها من القمح المجروش المطبوخ باللبن، وهي تسمّى أيضاً الجريشة، لأنها تُصنع من القمح المجروش، وليس من البرغل الذي يُصنع من القمح المغسول والمنزوع القشرة ، وفت بالعفيق ، وهي عبارة عن جبن يصنع من لبن الماعز لافتا أن الجبنه تسمى عفيق لأنها تترك
حتى تجف وتصبح أقراص صغيرة أو مكورة ، وعند عمل الفته تبشر هذه الأقراص وتخلط بالفتة فالعفيق هو جبنة مجففة .
وأضاف : والأهالي ينتظرون من يأتي من تجمعات أخرى للتهنئة ثم يجرون مسابقة للهجن تسمى "الهلال" بتشديد اللام الأولى والهلال عبارة عن عصى طويلة تربط بها خيوط مختلفة الألوان ، مجرد رمز او شعار ، يستلم الهلال أحد الهجانة وينطلق وخلفه بقية الهجانة فمن يسبقه يستلم الهلال ويكون هو الفائز وعليه أن يعود به بسرعة متقدما عن الآخرين ثم يلقى الهلال على ظهر البيت المقعد ليشاهده الجميع ، الأطفال والنساء يخرن من البيوت أثناء السباق يشاهدن ويزغردن ويغنين ، يمكث بعض الرجال والشباب فى المعيد لإعداد وجبة الغداء تذبح بعض الذبائح وبيوت أخرى تعد الرقاق ، أو الفراشيح ، أو أرغفة لافتا أن الفراشيح من أشهر وأشهى أنواع الخبز الذي يشتهر به أهل جنوب سيناء، وهو خبز أساس يعتمد عليه في الوجبات الأساسية اليومية والعزائم عندما يضاف له اللحم، ويقدم فى الأساس بالمناسبات والأعياد .
وأشار مدخل ، أن بعض الرجال يذهبون معا إلى معيد آخر للتهنئة ثم يعودون في المساء وبعد صلاة العشاء يجرى السمر وتقام الدحية وهى رقص توقيعي بخطوات قليلة وتصفيق بالأيدي وغناء وترقص أمام صف الرجال إحدى النساء وهى ملتفة بعباءتها لا تعرف أحيانا تمسك سيف وأحيانا عصا ، ينشد أحد الرجال تلقائيا ويرد عليه آخر ، مبارزة بالشعر وتردد المجموعة بعد كل مقطع .
وأوضح مدخل ، أن الاختلاف في العيدين ، الأضحية في عيد الأضحى ، حيث يحرص البدوي على الأضحية حتى لو كان فقيرا فهو يربى إحدى الشياه ويخصصها للعيد ربما يذبح الأغنياء أكثر من أضحية وخاصة عندما يكون متزوج بأكثر من زوجة ، يأكلون معا في المقعد ، ويشهد ذبح الأضحيات النساء والأطفال فالذبح يتم في مكان واحد بعيد نسبيا عن البيوت ثم يأخذ كل واحد شاته لسلخها وتقطيعها مع يحتفظون بجزء من اللحم لليوم الثاني ورغم عدم وجود ثلاجات للحفظ فإنهم يعلقونه في مكان ظليل مفتوح يتعرض لتيار الهواء .
وأكدت سميرة يوسف من أهالي مدينة طور سيناء: أن مظاهر العيد تختلف عن مثيلاتها في المحافظات الأخرى، لافتة : أن وجبة "الفراشيح" من أكثر الوجبات المشهورة في العيد .
وأضافت: أن الشيء الذي يحرص عليه الجميع الكبار والصغار هو أداء صلاة العيد في الخلاء وبعدها يتجه المصلون إلى الأقارب لتهنئتهم وهناك ناس تمر على كل البيوت لتقديم التهنئة مضيفة: أن "المقعد او المندرة " ملتقى الرجال موجودة داخل كل بيت ومفتوحة للقريب والغريب وتكون في مكان منعزل عن البيت .
وتابعت قائلة:" بعد صلاة عيد الأضحى وذبح الذبائح هناك البعض من يصعد الجبال ويأخذ الذبائح ويسوي الفراشيح وهى نوع من الخبز يتم فرشه في قاع الإناء ويوضع أعلاه الأرز الأبيض وفوقه لحم الضأن .
ودعت الحاجة سميرة، المولى عز وجل أن يحفظ مصر من كل سوء ويجعل أيامها كلها أعيادا .