«بطان وجرتق ودلكة».. أغرب طقوس الزواج في السودان
لكل دولة طقوسها الخاصة في الزواج ، حتى داخل الدولة نفسها نجد اختلافات بين الطقوس من منطقة إلى أخرى أو من قبيلة إلى أخرى بل من أسرة إلى أخرى داخل المجتمع الواحد، ولكن يظل الزواج بمثابة بناء كيان أسري أساسي في كل مجتمع بشري يهدف في المقام الأول إلى إنشاء أواصر القرابة والحفاظ عليها .
في السطور التالية تستعرض "هير نيوز" آخر طقوس الزواج السوداني الشهيرة بــ "الجِرتق". وهي من العادات القديمة والمتوارثة التي تنتهي بتباري العروسين ببخ اللبن (الحليب) وتراشقه كل في وجه الاخر في طقس احتفالي وغنائي يعرف بطقس الفأل الابيض أملاً في استدامة الزواج.
رش العروسين باللبن
فبعد انتهاء حفل الزفاف ينصرف المدعوون، فيما
عدا أهل العروسين المقربين "خشم البيت" كما يطلق عليها بالسوداني، حيث يتوجهوا إلى
بيت أهل العروس لإقامة "الجرتق" وهو من العادات القديمة جدا، حيث يتم خلاله
إلباس العروس ثوبا أحمر اللون خصيصا لهذه المناسبة، وتقوم كبار نساء الأسرة
"بجرتقة" العريس والعروس عن طريق وضع "ضريرة" حمراء اللون
فيها هلال ذهبي اللون مطرز على جبهة العروس، و"حريرة" حمراء اللون مدلي
منها عناقيد زرقاء في يد العريس.. ثم يتم "بخ اللبن" بأن يأخذ كل من
العريس والعروس من لبن في إناء ويقوم ببخه (نفثه) في وجه شريكه المستقبلي، وذلك في
إشارة لجلب الفأل الحسن
.
البطان
"البطان" عادة سودانية القصد منها إثبات الرجولة أمام النساء، إذ يعمد العريس إلى "جلد" الرجال الحاضرين لحفل الزفاف بالسوط، لقياس مدى قدرتهم على التحمل، ويمكن استبدال السوط بسكين صغيرة. ومهما ساءت حالة المضروب فالعريس فقط هو الذي له الحق في إعفائه من استمرار الضرب، وإذا حاول أحد إخراجه فعليه أن يحل مكانه، وهو أمر لا يحدث عادة، لأنها ستكون وصمة في حق من ينسحب.
يتم خلال "الجرتق" ذبح خروف يسمي "حليلة" مع تقديم أنواع من الفاكهة للأهل المقربين ممن حضروا، في إشارة إلى أن العروس أصبحت حلا للعريس.
وبعد اكتمال زينة العروسين يأتي دور
"السيرة"، وهي موكب يتم بعد اكتمال مراسم الزواج حيث يكون العريس في
كامل زينة السيرة، وهي الجلباب السوداني التقليدي والطاقية والعمامة والحذاء
الجلدي المعروف باسم (المركوب) والسيف، ويكون العريس مخضوب اليدين والرجلين
بالحناء، وتغطي رأسه طبقة من العطر الجاف النفاذ الرائحة، وتتدلى من عنقه مسبحة
طويلة تسمى بمسبحة (اليسر) وحباتها خليط من العقيق والخشب العطري،
ويسير العريس في المقدمة ويهز سيفه يمينا ويسارا في زهو
.
الدلوكة
وأثناء "السيرة" تحمل إحداهن "الدلوكة"، وهي آلة إيقاعية تشبه الطبلة، لكن هيكلها من الفخار وتكون فتحتها مغطاة بالجلد، حيث تسير المغنية وهي تضرب عليها عند الأداء وخلفها اثنتان تضربان على طبلتين صغيرتين، ويكون إيقاع "السيرة" قويا لأن الأغاني هنا تقتصر على أغاني الحماسة، ومن أكثرها شيوعا الأغنية التي مطلعها (عريسنا ورد البحر.. العديله وقطع جرايد النخل.. العديله)، والمعنى أن عريسنا في طريقه إلى البحر، وفي السودان تطلق كلمة البحر على النهر، أما كلمة العديلة فتعني أن المغنيات يتمنين الخير للعريس والمستقبل الزاهر له، والذهاب إلى النهر أو النيل أو أي منهل مائي هو تقليد يرجع بأصوله إلى زمن سحيق من تاريخ السودان والقصد منه التبرك. أما قطع جريد النخل فالقصد منه أن يكون فألا حسنا بأن مستقبل العريس سوف يكون دائم الخيرات والرزق الوفير.