الإثنين 06 مايو 2024 الموافق 27 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

باحثة متزوجة حصلت على منحة دراسية بالخارج.. هل يجب أن يرافقها محرم؟ الإفتاء ترد

الجمعة 29/يناير/2021 - 04:32 م
هير نيوز

أرسلت امرأة متزوجة تعمل في مركز بحثي كبير، رسالة إلى الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، قالت فيها:" تيسَّر لى الحصولُ على منحة علمية فى خارج مصر تستمر مدة ثلاثة أشهر، فهل يجوز لها السفر من غير زوج أو محرم لحضور هذه المنحة؟".

من جانبه، قال الدكتور محمود شلبى، أمين الفتوى بالدار، إن هناك خلافٍ بين الفقهاء في مسافة السفر التى تحتاج لمحرم أو لتقصير الصلاة؛ فيرى الأحناف أنـها مسيرة ثلاثة أيام سير الإبل ومشي الأقدام، بينما يرى الـمالكية والشافعية والحنابلة أنـها مسيرة يومين معتدلين بلا ليلة، أو ليلتين بلا يوم، أو يوم وليلة.

وأضاف أمين الفتوى، أن سفر المرأة لحضور منحة علمية من دون زوج أو محرم، هو جائز مع الرفقة المأمونة بشرط الأمان وموافقة الزوج أو الولي، فقد روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟» قلت: لم أرها وقد أنبئت عليها، قال: «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ». قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله. فدلَّ ذلك على الجواز؛ لأنه لو لم يجز ذلك لـما مدح به الإسلام. "البيان شرح الـمهذب" في مذهب الإمام الشافعي للعمراني.

وقال أمين الفتوى إن بعض المالكية ذهبوا إلى القول بجواز ذلك، وهو رواية عن الإمام مالك؛ ففي "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" للعلامة الحطاب نقلًا عن "شرح الرسالة" للزناتي قال -عن سفر المرأة-: [إذا كانت في رفقة مأمونة ذات عَدَد وعُدَد أو جيش مأمون من الغلبة والـمحلة العظيمة، فلا خلاف في جواز سفرها من غير ذي محرم في جميع الأسفار الواجب منها والـمندوب والمباح من قول مالك وغيره، إذ لا فرق بين ما تقدم ذكره وبين البلد، هكذا ذكره القابسي.

وأضاف أنه جاء في "المجموع شرح المهذب" للإمام النووي: هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطوع أو لسفر زيارة وتجارة ونحوهما مع نسوة ثقات أو امرأة ثقة؟ فيه وجهان: وحكاهما الشيخ أبو حامد والـماوردي والمحاملي وآخرون من الأصحاب في باب الإحصار، وحكاهما القاضي حسين والبغوي والرافعي وغيرهم: (أحدهما) يجوز كالحج، وقد وافق على هذا الرأي الشيخ تقي الدين بن تيمية: [تحج كل امرأة آمنة مع عدم الـمَحْرَم. وقال: إن هذا مُتوجِّه في كل سفر طاعة].

وأوضح أمين الفتوى، أن جمهور العلماء ذهب إلى عدم جواز سفر المرأة في مثل هذه الحالة بغير زوج أو محرم، وفي ذلك تفصيل: فذهب الحنفية إلى اشتراط ذلك في السفر الطويل دون القصير، بينما ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى اشتراط الزوجِ أو الـمَحْرَمِ في السفر مطلقًا دون تفرقة بين طويل وقصير، وحجة الحنفية: أن الـمنع المقيد بالثلاث مُتَحَقِّق، وما عداه مشكوك فيه، فيؤخذ بالمُتَيَقَّن.

وتابع: كان العلامة ابن بطال قد قال في "شرحه على صحيح البخاري": [واحتج الكوفيون بحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلاَثًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»، وقالوا: لما اختلفت الآثار والعلماء في المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وكان الأصل الإتـمام، لم يجب أن ننتقل عنه إلا بيقين، واليقين ما لا تنازع فيه، وذلك ثلاثة أيام]، وقد أجاب الحافظ ابن حجر في "الفتح" عن هذه الحجة: [بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر، فينبغي الأخذ بـها وطرح ما عداها؛ فإنه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية: تقديم الخبر العام على الخاص، وترك حمل الـمطلق على المقيد. وقد خالفوا ذلك هنا].

واحتج الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على ما ذهبوا إليه بعموم الأحاديث التي دلت على حرمة سفر المرأة بلا مَحْرم، ومنها: ما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا، أَوِ ابْنُهَا، أَوْ زَوْجُهَا، أَوْ أَخُوهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا»، وما رواه الشيخان في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ».

وقد نوقش هذا بأن علة النهي في هذه الأحاديث هي حالة خوف الطريق وعدم الأمن، فإذا تحقق الأمن انتفى شرط وجود الـمَحْرَم.

وقد نقل العلامة ابن الـملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام": [أن الذي عليه جمهور أهل العلم أن الرفقة المأمونة من المسلمين تنـزل منـزلة الزوج أو ذي الـمَحْرَم، ثم ذكر عن عائشة رضي الله عنها أن الـمرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم، وقالت: ليس كل النساء تجد محرمًا].

واحتج الجمهور أيضًا بأن هذا السفر ليس واجبًا، هكذا علله البغوي من الشافعية، ومن ثم لا يجوز، وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع": [ولأنـها أنشأت سفرًا في دار الإسلام؛ فلم يجز بغير محرم، كحج التطوع].

وأوضح أمين الفتوى، أنه قد نوقش هذا الـملحظ الذي عليه الـمُعَوَّل في الفتوى وهو حصول الأمن وتحققه أو عدمه، لا كون السفر واجبًا أو لا، أو كونه مُنْشأً في دار الإسلام أو لا، فإذا تحقق الأمن -كما هو حاصل في هذا الزمان عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة؛ من موانئ ومطارات ووسائل مواصلات عامة- أُجيز السفر بلا محرم، وعند عدمه مُنع.

وقال الدكتور محمود شلبى أنه بمناقشة كل هذه الملاحظات وبخاصة توافر الأمن والأمان فى السفر والمطارات وغير ذلك فإنه يجوز لهذه للمرأة السفر لحضور هذه المنحة العلمية مع الرفقة المأمونة بشرط الأمان وموافقة الزوج أو الولي؛ عملًا بقول الـمجيزين.

ads