الخميس 31 أكتوبر 2024 الموافق 28 ربيع الثاني 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم مريم النويمي: ماذا يغير الحيوان في الإنسان؟

الأربعاء 03/يناير/2024 - 02:01 م
هير نيوز

(لا تربِّ القطط لأنها ستصيبك بالحساسية، ابعدي فتياتك عن القطط لأنها تصيبهن بداء القطط، ومن الممكن أن تسبب لهنّ عقمًا أو تشوهات في الأجنة، لا تقترب منها فقد تُصاب بأمراض جلدية!).

تحذيرات طبية مرعبة من كائن لطيف، فمن ألطف من القطط، التي استأنسها الإنسان منذ 8000 سنة؟

(ماو) هكذا سماها قدماء المصريين، وكانت جزءًا من ثقافتهم الدينية، حتى أنه تمّ تحنيطها كالبشر تمامًا، وصُنعت لها التماثيل. أحب المصريون قططهم لحد حلق حواجبها حدادًا على وفاتها.

رأى قدماء المصريين والإغريقيون كذلك أن القطط كائنات نافعة بسبب مكافحتها للحشرات، وقدرتها على قتل الثعابين مثل الكوبرا، بينما اعتبرها الأوروبيون القدماء أكثر الحيوانات حنانًا وألفة، ولا يُسمح باقتنائها إلا للملوك والأمراء. في الصين كانت رمزًا للخصوبة، وفي الحضارة اليابانية حظيت القطط بمكانة رفيعة، فارتفع سعرها ولم يتمكن سوى النبلاء من الفوز بها. ولأن في كل حضارة حظٌ من الخرافة اعتبرها البوذيون مسكنًا للأرواح المقدسة.

وجاء الإسلام فجعل ( في كل كبدٍ رطبةٍ أجر)، دين الرحمة والحب، أسبغ عليها نبي الأمة صفة الطهر (إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات) واعتبرها من متاع البيت.

مرور القطط بالمنازل ليس بنكرة وتعايشها مع الإنسان ليس بمضرةٍ يجب دفعها. نعم ننصح المصابين بالحساسية والأمراض الصدرية بالابتعاد عن كل الوبريات بما فيهم القطط.

الفتيات الصغيرات السليمات لا ضرر في تربيتهن للقطط طالما ليست هناك سيدة حامل في المنزل. قطط المنازل عادة لا تتعرض لداء القطط إذا كان طعامهم جيدًا، ولا يحتوي على لحوم نيئة أو جرذان وطيور. القطط بريئة من عقم النساء، وإذا كانت هناك امرأة حامل من الأفضل ألا تحتك بالقطط وألا تلاعب قطط الشارع لأنه من الممكن أن تكون مصابة بالتوكسوبلازما (داء القطط) فينتقل ذلك للأم ومنها لجنينها ما سيضر به.

رغم أن داء التوكسوبلازما التصق بالقطط وأخذ اسمها ليصبح داءها، إلا أنها ليست المتهمة الوحيدة، حيث إن تناول اللحوم النيئة من الممكن أن يسبب ذلك أو تقطيع خضار السلطات بالسكين ذاتها التي قطع اللحم النيء بها، قبل غسلها.

لتربية القطط والحيوانات الأليفة الكثير من المنافع الصحية، وأولها تخفيف التوتر والشعور بالراحة، وبالتالي ينخفض هرمون الكورتيزول، ما يساعد على انتظام ضغط الدم، وبالتالي يحافظ على صحة القلب والشرايين.

أثبتت الدراسات أنّ الحيوانات الأليفة تساعد في تغيير المزاج للأفضل وتحسينه، كما أنها تقلّل من فرص الإصابة بالاكتئاب والإحباط. اللعب مع الحيوانات الأليفة كالقطط يرفع معدل هرمون الدوبامين والسيروتونين، أي ترفع معدل هرمونات السعادة.

كذلك كان معدل الدهون الثلاثية والكوليسترول أقل لدى أصحاب الحيوانات الأليفة أكثر من غيرهم.

تقل نسبة زيارة المسنين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا من مربي الحيوانات الأليفة لأطبائهم بنسبة %30 مقارنة بمن ليس لديهم حيوانات أليفة، وبالطبع هذا لأن لديهم روتين حياة أفضل ويتمتعون بصحة نفسية جيدة.

حتى رعي الأغنام رغم صعوبته إلا أن رعاتها أفضل صحة، تأمل الأسماك بألوانها في حوض الأسماك كفيل بأن يقلل من توتر العضلات ويخفض معدلات نبض القلب لتشعر بالهدوء والسكينة.

التطور فرض على الإنسان نمطا معينا من الحياة، خلق حاجزًا بينه وبين الطبيعة، بحيواناتها وأشجارها، بينما كل ذلك خُلق من أجله، حتى هذه الألفة التي نشعر بها حينما نداعب قطة ليست بغريبة، فقد تشاركنا سفينة نوح من قبل، نعرفهم ويعرفوننا، نألفهم ويألفوننا.

وأخيرًا.. إن كنت لا تستطيع الاهتمام بحيوان فلا تؤذه، فهم شركاؤنا في هذا الكون.

نقلا عن الوطن السعودية

ads