بقلم فاطمة المزيني: الولاء الوظيفي والإنتاج
العمل شريك حياة حقيقي، هو أول شيء يتبادر للذهن في كل صباح، هو أول اليوم أو كل اليوم أحيانا، وهو منظور الحياة الذي نتشكل فيه ونكتسب منه خبراتنا. محبة الإنسان لعمله وسعادته أثناءه ليست نوعا من الرفاهية، بل هي ضرورة تنعكس على أدائه وإنتاجه بالدرجة الأولى، كما ترفع من مستوى جودة حياته وقدرته على التفاعل مع مجتمعه.
يشتكي كثر من عدم الانسجام مع أعمالهم، سواء مع طبيعة العمل أو مع انظمته وقيوده الوظيفية.
ونظراً إلى أهمية الولاء الوظيفي والانسجام مع المهنة أو الوظيفة نلمس حرص عدد من المؤسسات على استقراء واقع موظفيها، وتعزيز كل ما من شأنه دعم العلاقة بينهم وبين أعمالهم. لكننا أيضا نلمس تفاوتا كبيرا في العناية بهذا الأمر بين الجهات المختلفة، إذ إن كثيرا منها ترسل استبانات شكلية غير مدروسة وغير ذات أثر.
في اعتقادي أن بوصلة أي وزارة أو جهة عمل هي نوعية الإنتاج، ولا يعد أي عمل ناجحا إذا كان منتجه ضعيفا، حتى وإن تحسنت التفاصيل البينية واللوائح التنظيمية.
أعتقد أن إعادة تقييم الأعباء البيروقراطية الملقاة على عاتق الموظفين هي الخطوة الأولى نحو التحسين والتجويد.
كما أنه من المهم مساعدة الموظف في التركيز على المخرج وتقليل الاهتمام بالشكليات والورقيات واللجان والفرق والبرامج التي تستنزف الموازنات والوقت وطاقات العاملين، ولا يرى لها أي أثر في تجويد المخرجات.
من جهة أخرى فإنه من المعلوم أن التجارب الجديدة من شأنها تطوير العمل ورفع معاييره، ولكن بالقدر الذي لا يخلخل استقراره.
إن كثرة التجارب الإدارية والتنظيمية وإشغال العاملين بها هو ضياع للوقت وإضعاف لعامل تراكم الخبرة. فالخبرة لا تقاس بكم السنوات التي قضاها الموظف في عمله بل بنوع التجربة التي مارسها مرارا ونقدها وحسنها على مر هذه السنوات. وهو أمر غير متحقق إن كان الموظف يواجه في كل عام فكرة عمل جديدة وآليات مختلفة.
ختاما... لفت نظري حديث لستيف جوبز مؤسس شركة آبل قال فيه: إن عدد اللجان في شركته يساوي صفرا، وإنهم يعملون كشركة ناشئة. يثق كل منهم بأن الآخر سيؤدي مهامه ويركز كل منهم على مهمة محددة مطلوبة منه. والحديث هنا عن واحدة من أكبر الشركات في العالم.
هي خلطة منطقية بسيطة يمكن أن تساعد في تجويد العمل وتعزيز الولاء الوظيفي، تتمثل في تقليل الأعباء وتحديد المهام مع إعطاء الموظف الثقة الكاملة، وربط دائرة المحاسبة بالمخرج المتوقع من عمله فقط.