بقلم فاطمة المزيني: بوصلة الجبهة الإعلامية
في حوار تلفزيوني متداول بثته قناة RT الروسية الناطقة بالعربية، سأل المذيع ضيفه وهو (خبير إيراني): متى ستتحرك إيران لإنقاذ غزة؟ فكان جوابه (بدأت إيران بالفعل تحريك جبهة اليمن والرد سيكون على السعودية) !!
تنفلت مثل هذه التصريحات الهوجاء لتعبر عن واقع الصراع الذي يحاول البعض جر العرب إليه، إذ إن هذا الصراع بحد ذاته هو جزء من نموذج سياسي وضامن لبقائها.
البعض لا يمكنه البقاء في إقليم مستقر مزدهر، لا يمكن لنظام آيديولوجي أن يشتغل على معطيات السلم والاقتصاد والاستقرار والحريات، هو نظام يتغذى على البروباغندا، وليس مفاجئا على الإطلاق الجبهة الإعلامية المفتوحة على السعودية والتي انطلقت بشكل ممنهج ومتزامن مع أحداث غزة!
في الأيام الأولى كان الهدف لإعلام المحور المعروف هو الداخل السعودي فبدأت الدعوات للتظاهر، تلا ذلك الهجوم على موسم الرياض والضغط على الفنانين وشيطنة الفعاليات السياحية. خطة قد تبدو ساذجة ومضحكة، لكنها في الحقيقة تعتمد بشكل كبير على تفاوت الوعي في الشارع العربي المتأزم اقتصاديا ومعنويا.
ونحن لا نذيع سرا إن قلنا إنه بدا مؤخرا أن الجماهير العربية تخلصت من آثار التعبئة الحزبية اليسارية واليمينية ضد السعودية، وقد ساهمت سياسة الانفتاح التي انتهجتها المملكة في بناء الجسور وحدوث التقارب مع العرب على كافة المستويات، لا بل أصبحت السعودية تشكل النموذج المأمول للشعوب العربية، ويمكن ملاحظة كمية المواد الإعلامية التي ينتجها متحدثون ومشاهير عرب لتأييد المواقف السعودية وإظهار الإعجاب بقادتها وشعبها ورؤيتها.
وغني عن القول بأن هذا الالتفاف الشعبي العربي حول المملكة من شأنه تقديم فرصة تاريخية لخلق قوة عربية لا يستهان بها، وتمهيد الطريق للنمو الاقتصادي والتعاون العسكري والسياسي، وهو أمر سيحاربه البعض بكل ما أوتي من قوة، باعتباره نواة المشروع الأممي العروبي القادم، ويحاولوا اختطاف الشارع العربي بتعبئته مجددا ضد السعودية. أما غزة فهي قميص عثمان لا أكثر ولا أقل.
ختاما.. لا توجد سفارة إسرائيلية في الرياض، ولا يقيم في السعودية أي فصيل سياسي فلسطيني. السعودية منحازة للشعب الفلسطيني فقط. وقفت معه بوضوح وإخلاص، ودافعت عن حقوقه وأدانت بأشد العبارات ما يتعرض له من إبادة، كما أعلنت عن حملة تبرعات شعبية مساندة لأعمال الإغاثة في غزة، مع استمرار الجهود الدبلوماسية في أعلى مستوياتها لنزع فتيل الأزمة، وهي جهود سوف تثمر بلا شك وحتى ذلك الحين سيكون علينا رفع الوعي حول الإعلام المعادي للعرب أيا كانت الجهات التي تتبناه أو الدول التي تتخادم معه.