نماذج مشرفة وشهيدات.. "الشرطة النسائية" مسيرة وطنية حافلة بالبطولات
السبت 23/يناير/2021 - 10:24 ص
محمد فؤاد
الشرطة المصرية مسيرة وطنية عريقة حافلة بالأبطال، والبطولات، والنجاحات، والإنجازات.. على مر التاريخ والأجيال المتلاحقة.. قدمت للوطن، في كل مرحلة من مراحل النضال الوطني، أبطالًا، إما مازالوا أحياء يحكون بطولاتهم لأبنائهم وأحفادهم .. أو شهداء حفروا أسماءهم بحروف من نور.. وهؤلاء وهولاء باتوا نبراسًا، وصورًا مضيئة للجيل الجديد للتأسي بهم.
ومنذ ميلاد الشرطة على أرض المحروسة، من عقود كثيرة، واسم الضابط عندما يتردد أمام الناس يرتبط بالرجال، نظرًا لقسوة المهام الموكلة إليهم وصعوبتها، من الحماية الداخلية للمواطنين والممتلكات، ومطاردة اللصوص والفاسدين، وإعادة الحقوق لأصحابها .. مهام - لا شك - تحتاج إلى قوة بدنية، وصلابة نفسية، وسرعة حركية، لا تتوافر لدى الجنس الناعم..
الضباط الرجال، من كل الأعمار، والمستويات، حققوا تاريخًا مجيدًا، في البطولة والتضحية والفداء، ولم يكتفوا، ومازالوا يقدمون المزيد والمزيد من الأبطال والبطولات..
خارج الصندوق
وفي منتصف ثمانينيات القرن الماضي، قررت الشرطة المصرية أن تتوسع، وتفكر خارج الصندوق، ففتحت أبواب أكاديميتها، لأول مرة، أمام الفتيات، للالتحاق بها، وتركت الباب مفتوحًا على مصرعيه، 4 سنوات كاملة، لتمنح الفرصة لنوعية معينة من الفتيات، اللاتي يمتلكن مواصفات خاصة جدًا من الالتزام، والانضباط، والثبات الانفعالي، وسرعة البديهة، والذكاء، لتحقيق أحلامهن في نيل لقب "ضابط" ..
باب آخر
ولكن.. بعد كل تلك السنوات، خاب ظن قيادات الشرطة في تحقيق طفرة نسائية في هذا المجال، ولم تحقق تلك الخطوة النتيجة المرجوة منها، نظرًا لقلة عدد المتقدمات، فاضطروا لغلق باب الالتحاق، وبرروا ذلك بصعوبة المهام المطلوبة، والشروط الموضوعة على حواء، حتى تتمكن من الوصول لهذا الحلم الذي يداعب الخيال، وقاموا بفتح باب آخر، يلائم الطبيعة الأنثوية، يعيد الأمل في نجاح الفكرة، والهدف منها، ويجلب للشرطة المصرية المزيد من الفتيات، وهو باب الإدارات التخصصية..
وبالفعل.. نجحت الفكرة أخيرًا، وبدأت الشرطة المصرية في تلقي طلبات عديدة من خريجات الطب، والخدمة الاجتماعية، للعمل بتلك الإدارات الجديدة، التي فتحت أبوابها لهن، لأول مرة في تاريخ الشرطة..
نجاح التجربة
ولم يمر وقت قصير، حتى انهالت الطلبات النسائية على وزارة الداخلية، التي قبلت أعدادًا كبيرة من خريجات الجامعات، بعد أن استوفين الشروط، وتم إلحاقهن بكلية الشرطة، قسم الضباط المتخصصين، تمهيدًا لشغل وظائف طبيبات، وأخصائيات الاجتماعيات، برتب شرطية، في تلك التخصصات التي تحتاج إليها الوزارة، لتعلن قيادات الشرطة عن نجاح التجربة في استقطاب نون النسوة إلى عالم جديد وبلوغ الطفرة المرجوة .
وفي أكاديمية الشرطة، تتلقى الفتيات الملتحقات بقسم الضباط المتخصصين نفس التدريبات التي يتلقاها الفتيان، ويشاركن معهم في الطوابير، ويحضرن معهم كذلك المحاضرات في القاعات المخصصة نفسها، ويدرسن المناهج نفسها في القانون والدراسات العملية التي تؤهلهن لطبيعة الأعمال المطلوبة منهن، وحتى الرماية، والاشتباك القتالي، يشاركن الفتيان فيها، حتى يتمكن من التعامل مع الجمهور.
الرائع في الأمر، أن الفتيات أثبتن كفاءة عالية في الدراسة، والتدريب، فحققن نجاحات لافتة في التعامل مع جرائم العنف ضد المرأة، والعمل في إدارات العلاقات العامة، ورعاية الأحداث، والمؤسسات العقابية، والرعاية اللاحقة، وزادت أعدادهن في ميناء القاهرة الجوي، وأقسام الخدمات الطبية المختلفة بمستشفيات وزارة الداخلية.
نماذج مشرفة
وبرزت ضابطات قطاع حقوق الإنسان، ضمن الضابطات المتخصصات، بالعديد من المشاركات المجتمعية، مثل زيارة مستشفى سرطان الأطفال، لتقديم الدعمين النفسي والمعنوي للأطفال وكبار السن .
واكتمل عقد النجاح بميلاد نماذج مشرفة للشرطة النسائية، تقلدن أعلي مناصب بالداخلية، مثل اللواء عزة الجمل، أول سيدة تحصل على رتبة لواء بوزارة الداخلية .
شهيدات
ولم تكتف الشرطة النسائية بما قدمت، ورسمت في الختام أجمل صورة لكل أجيال الوطن، من مختلف الأعمار، حينما قدمت الشهيدات، أسوة بالشهداء، فكانت أول شرطية شهيدة في تاريخ الشرطة المصرية، هى العميد نجوى الحجار، في حادث تفجير الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، تلتها النقيب أسماء إبراهيم، فالعريف أمينة رشدي.. ومازال النجاح مستمرًا .