الأربعاء 08 مايو 2024 الموافق 29 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم مها عبدالله: ختلة

الخميس 17/أغسطس/2023 - 02:59 م
هير نيوز

طبيعة النفس البشرية أن يكون لديها انطباع عن أي شيء يصلها عن طريق حواسها الخمس، قد يكون الانطباع الأولي صحيحًا، وقد يخطئ، وهنا لا ضير، طالما أنك ما زلت تتعامل على أنه مجرد انطباع لم يُثبت، الكارثة عند المبالغة في هذا الانطباع، ويصل إلى الحكم وتحديد وصمة محددة المعالم، دون التأكد منها.

قبل الثورة التقنية، كان الأفراد يأخذون انطباعا عما حولهم من أشياء وأفراد وعن داخل محيطهم، فيتسنى لهم التأكد من هذا الانطباع سواء السلبي أو الإيجابي. لذا كانت طبيعة الحياة لا تسمح بالحكم المسبق إلا في حالات الإساءة للسمعة ومن عدد قليل جدًا من الأفراد. المجتمعات كانت تنبذ «ناقل السوء» حتى إن كان حقيقة، لكن الآن الأمر اختلف تمامًا.

في يومنا يكاد أن يكون للجميع حسابات شخصية في مواقع التواصل، وهي مساحتهم للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وثقافتهم واهتماماتهم، والمتوقع كنتيجة أن تكون العلاقات أكثر وضوحًا، وأكثر تقبلًا للآخر المختلف، لوضوح جوانب في شخصية الإنسان قبل أن تلتقي معه في الاهتمامات والطموحات والأفكار أو حتى التعاون المهني، لكن ما يحدث عكس التوقع تمامًا.

سأضرب أمثلة ومتأكدة أن أحدها ينطبق على نمط التعبير في حساباتك الشخصية، وسأقول كيف أصبحت ضحية حكم مسبق دون أن تعلم.

فرد مهتم بكل ما يخص الفن والموسيقى أو الألعاب أو الرياضات (مجال واحد مركز) وليس ممارسًا لها، يُحكم عليه بالفراغ والتفاهة، ويعتقد البعض أنه حساس لدرجة الهشاشة، أو يعاني هوسًا يحتاج العلاج منه. لاحظ مدى الإجحاف فقط لأنه لا يريد مشاركة أي جانب آخر له، يرى أن الاهتمامات العامة أمر آمن ولطيف في مشاركته مع الأغراب.

فرد يلتزم بمحتوى رسمي بارد التفاعل، أو يلتزم بمحتوى مهني يرتبط بصاحب عمله أو مهنته. يركز على تفخيم أعماله ومكانته، المصيبة أن هذا الشخص الوحيد الذي يُحكم عليه بإيجابية كونه كما يعتقدون (محترف)، وهو بالحقيقة يخفي تفاصيل شخصيته الإنسانية كاملة لعدم ثقته في نفسه، ويرى أن قيمته تكمن في مسمى مهني يتقاضى عليه مقابلا، ولا يرى أي جانب بشخصيته له قيمة قد يشاركها الآخرون، بل يؤمن أنه سيخسر إن تم كشفها - وغالبًا نعم سيخسر لأنه فعلًا يحمل شخصية مشوهة يحتاج لإخفائها عن الآخرين.

فرد مهتم بطرح أفكاره الجريئة والحادة، أو الموضوعات والأخبار المثيرة، يُحكم على شخصيته بالاندفاعية المتهورة، وعدم المرونة الاجتماعية، بل يُظلم بمنع بعض الفرص التي تستحقها مهاراته، فقط لنمط حساباته الشخصية. وهو في الحقيقة هدفه وضع أفكاره التي يراها أو الأخبار الصادمة تحت مشرحة النقاش والنقد ليسهل له تقييمها، وما كان جيدا منها كانت مشاركته للآخر هدفًا لوعي اجتماعي أكبر.

كم مرة حكمنا مسبقًا على آخر، وتبينت حقيقته غير ما جزمنا به، سواء سلبًا أو إيجابًا، ونندم أننا سمحنا لهم بالقرب، أو نندم أننا لم نكسب قربهم في وقت أبكر؟، حسابات التواصل الاجتماعي ليست مرآة لشخصيات أصحابها، إنما هي ما يختار أصحابها إظهاره لك.

أخيرًا.. قد نرى من ينادي بالعبادات، هدفه إبعاد شبهة الانحلال أو الحزبية السياسية!، ومن يسخّر حساباته لمساعدة الآخرين يريد طريقًا آمنًا للاستغلال!، ومن ينقل أخبارًا يومية هدفه كسب ثقتك واعتمادك عليه كمصدر حتى يمكنه التحكم برأيك لصالح أجندته أو مموله.. وهذه ليست أحكامًا مسبقة.. إنما أحكام مُثبتة.

نقلا عن الوطن السعودية

ads
ads