الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم إيمان محمد: حرية الإنسان والسلطة الوالدية

الجمعة 07/يوليه/2023 - 11:08 ص
هير نيوز

«متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا».. تبقى هذه الجملة الأشهر في أدبيات حرية الإنسان والتي أطلقها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قبل أن تتكون أحزاب التأسلم والتدين وتتهم بسطحية وجهل معرفي المطالبين بها بالتصنيفات الجاهزة ( الشيوعية/ الليبرالية/ العلمانية).. وقبل أن يتشوه معنى الحرية وتصبح جريمة، كما يحدث اليوم من توزيع للتهم وتصنيف للبشر.

كانت البداية مع الخليفة عمر قبل أن تصدر الفكرة بقرون لفرنسا، ويصيغها (لافاييه) خطيب الثورة الفرنسية في عبارته «يولد الرجل حرًا ولا يجوز استعباده»، باقتباس لا يتعارض مع المعنى الأساسي لجملة الخليفة عمر بن الخطاب، غير أن البعض يكابر حينما يرن في مسمعه مصطلح الحرية، فيراها تغريبًا ويعدها تقليدًا وانسلاخا ونهاية الزمان.

الصحابي الجليل عمر اختار لفظ (أمهاتهم) تحديدًا في اكتساب هذا الحق أو منحه إشارة إلى مسؤولية كل صاحب سلطة بما فيها السلطة الوالدية التي - أيضًا - لا تبرأ من سلب حرية أبنائها وإلغاء خياراتهم في الحياة، والوقوف أمام رغباتهم كأعداء، ثم ابتزاز برهم بعد ذلك بالسيطرة على حريتهم في الحياة نسمع اليوم الكثير من القصص التي يقيد فيها الآباء أو الأمهات حرية أبنائهم في اختيار التخصص الدراسي أو المهنة أو شريك الحياة، أو حتى الاستمرار بالزواج أو إنهائه، وقد تمتد في بعض الأحيان إلى تقرير مصير الحياة المتطرفة، والوقوف سلبًا ضد قوانين الدولة الإنسانية التي وضعتها من أجل حقوق أفرادها.

ليست فقط السلطة الوالدية وحدها المتهمة في مصادرة حرية الأبناء، بل المناهج أيضًا، والتربويون رسخوا لهذه الفكرة، وخلقوا فجوة بين الوالدين وأبنائهم بسكوتهم السلبي وتغذيتهم الفكرية غير الصحيحة لمفهوم الحرية، وتركت المتعلمين وهم شريحة كبيرة في حيرة من أمرهم أمام مايحدث من تهجم وتشويه لمعنى (الحرية).

لا أنسى قصة الابن التي تتكرر في المناهج الدراسية حتى اليوم، مع أمه التي طلبت منه أن يجلب لها كأس ماء، وحينما عاد وجدها قد نامت، فخاف أن يوقظها فيأثم، أو يضع الكأس جانبها فيأثم أيضًا، فظل واقفًا طوال الليل حتى لا يأثم، في صورة من المبالغة والجمود الفكري الذي يلغي خيارات التفكير ويصادر الحرية ويسميها بالعقوق.

يفترض أن تستوعب مناهجنا هذه الفجوة، حتى لا تملأ بما لا نرغب، وحتى لا تنحدر بتطرف، فنبكي ونأسف.

وكما أن على الوالدين استيعاب حرية أبنائهم، على المربين ومؤلفي المناهج الدراسية إنشاء محتوى يؤسس لجيل حر منطلق ومبتكر ومبدع، يعرف حدود الحرية ومتطلباتها ومسؤوليتها أمام الآخر.

نقلا عن الوطن السعودية


ads