الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

بقلم فاطمة المزيعل: الوهن والاستعباد

الجمعة 12/مايو/2023 - 07:30 م
هير نيوز

يولد حب الوطن مع الإنسان، لذلك يعتبر حب الوطن أمرا فطريا ينشأ عليه الفرد، حيث يشعر بأن هناك علاقة وطيدة تربط بينه وبين هذه الأرض التي ينمو ويكبر في حضنها.

الوطن بعض أحرف تكون كلمة صغيرة في حجمها، لكنها كبيرة في المعنى والدلالة، هو الحضن الدافئ لكل مواطن وهو المكان الذي نترعرع وننشأ على أرضه.

وللأسف هناك من يعملون لتحقيق مصالحهم الشخصية أو الفئوية الضيقة، ولا يحصلون عليها إلا إذا ساروا في دائرة الفساد، بعيدا عن المصلحة العامة لبلدانهم، يجتهدون في البحث عن ثغرات قانونية ليفلتوا من المساءلة والعقاب، ويبذلون الجهود الكبيرة ويستخدمون كل وسائل التحايل المتاحة لإخفاء فسادهم عن الناس، تراهم يستنفرون كل قواهم من أجل إسكات كل صوت يطالب بمحاربة الفساد، فلنضع نصب أعيننا أن إسلامنا الحنيف يحثنا على حب الوطن والوفاء والإخلاص له وعدم استغلاله والخوف عليه، وأن نحفظه كما يحفظنا، وأن نقدره لتوفيره الأمن لنا، فلهذا الوطن حقوق يجب على كل فرد أن يلتزمها ما دام يعيش فيه، والمحافظة عليه، والارتقاء به إلى أعلى المراتب، وحماية ممتلكاته العامة.

وعلى الدولة أن تحافظ على الوطن وتحميه، وأن تعد له الجيل القوي المتين، عن طريق إعداد الشباب، وتعليمهم، فهم الحامي الأول والراعي له، وبالإضافة إلى ذلك فإن للوطن حقوقا على الآباء والأمهات، حيث يتوجب عليهم أن يعلموا أبناءهم حب الوطن، وأن يغرسوا في قلوبهم القيم والمبادئ التي عليهم اتباعها. فالوطن غير قابل للمساومة بأي شكل من الأشكال، لأنه أرض الأجداد وأرض الأحفاد، ولأنه ذاكرتنا وهويتنا، ولأنه أجمل بقاع الأرض في عيوننا، فحب الوطن غريزة والدفاع عنه فرض على كل من هو قادر أخلاقيا ودينيا، لأن الدفاع عن الوطن هو دفاع عن الإنسان وعن ذاكرته وعن عقله وعن هويته، والدفاع عن الوطن دفاع عن الشعب الذي تربى الإنسان بينه.

حب الوطن هو حب غير مشروط، فالوطن هو المبتدأ والمنتهى، هو ما كان وما سيكون هو البوتقة التي تجمع بداخلها كل الإخوة على اختلاف أفكارهم ولغاتهم ومعتقداتهم وثرواتهم، فالوطن هو الحضن الدافئ الذي يلم شمل الجميع، فبذهاب الوطن يتفرق جميع من فيه. فالإنسان بعلمه وعمله هو الوطن والمنتمي إلى الوطن، والإنسان أيضا بجهله وسوء أخلاقه هو المدمر لهذا الوطن أو ذاك، كخلية سرطانية تبدأ بتدمير الجسد شيئا فشيئا، وتلقي به أسير الضعف والتخلف والوهن والاستعباد.

وعندما نذكر الوطن وأهمية حمايته، فإننا نذكر الشباب أصل حضارته، وعمود تقدمه، وطاقته الدائمة المتدفقة الدافعة به في مصاف الدول التي يحسب لها حساب، ومن الدول التي تسمع كلمتها، لذلك فمن واجب الدول صناعة جيل شاب متعلم ومثقف ومتفهم. فالإنسان بلا وطن، هو بلا هوية، بلا ماض أو مستقبل، فهو غير موجود فعليا، ولبناء الوطن الرائع، لابد من بناء لبناته الأساسية بسلامة، واللبنة الأساسية لبناء كل مجتمع هي الأسرة، فإذا كانت الأسرة سليمة نتج عن ذلك وطن سليم.

الوطن غال جدا، والوطن عزيز جدا، والوطن أكبر منا، والوطن أكبر من الجميع، الوطن ليس لفئة معينة، أو لأناس معينين، بل لجميع أبنائه الذين يحبونه، ويحرصون على تقدمه. حب الوطن ليس كلمات تقال، ولا شعارات وهتافات ترفع فحسب، شعارات حفظناها عن ظهر قلب، بل هو تطبيق وسلوك وعمل، يقول أهل الأدب: «إذا أردت أن تعرف الرجل: فانظر كيف تحننه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه»، فالوطنية عقيدة فكرية يجب غرسها في نفوس أبنائنا وبناتنا، وليست مجرد مادة تدرس أو احتفالات ومهرجانات تصنع.

الاستثمار الحقيقي في الوطن يكون ببناء الإنسان أولا، عقيدة وثقافة وفكرا وأخلاقا واقتصادا، فالإنسان هو أول ركن رئيس في أي خطة للبناء في البلدان والأوطان وكما يقولون: «بناء الإنسان مقدم على بناء العمران»، فهو أساس التقدم، وهو عمود الرقي، وهو ركن التحضر.

نقلا عن الأنباء


ads