الحجامة حلال أم حرام؟ علي جمعة يجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية، سؤالا، جاء فيه: ما حكم الحجامة في الشريعة الإسلامية، وهل هي حرام أم حلال؟
ويجيب عن ذلك السؤال، فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مقتي الجمهورية السابق، والذي قال: لحجامة من الأمور التي أجازها الشرع، ووقعت في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينكرها، بل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجم، وتُسمى الفصد، وهي نوع من أنواع العلاج الذي كان مستعملًا إلى عهد قريب.
وتنصح دار الإفتاء بالالتجاء إلى الأطباء الثقات، وأخذ رأيهم والالتزام بمشورتهم في هذا الموضوع.
عمل الطبيب
وكانت دار الإفتاء المصرية، قالت في فتوى سابقة لها: ممَّا لا مِراء فيه أن عمل الطبيب من أشرف الأعمال وأنبلها؛ لأن به سلامة الإنسان في بدنه، وإذا سَلِم الإنسان في بدنه عبَدَ ربه وسعَى في تحصيل رزقه من علم أو عمل، فينصلح بذلك حاله في دنياه ومعاده.
العلم التجريبي
ومما زاد من شرف عمل الطبيب وعُلوِّ مكانته أنه وإن كان يعتمد في تناوله على العلم التجريبي النافع المقرون بالممارسة إلا أنه لا بد أن يكون مغلفًا بمعاني الرحمة والإنسانية والإتقان والتفاني في القيام به؛ لأنه وإن كانت جميع الأعمال والمهن تتعامل مع الإنسان في حال قوته فإن الطبيب يتعامل مع الإنسان في حال ضعفه ومرضه، فشمل عمله من معاني الرحمة الواجبة ما لم يشمله غيره من الأعمال.
الحاجة إلى علماء الطب
ومن هنا كانت الحاجة إلى علماء الطب الذين بهم ينصلح حال الإنسان في جسده لا تقل عن الحاجة إلى علماء الدين الذين بهم ينصلح حال الإنسان في دينه وروحه، وعلى ذلك تواردت نصوص العلماء.
فروى الإمام أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/ 142) عن محمد بن سهل الطوسي عن الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول: [العلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان] اهـ.
وروي عنه أيضًا أنه قال: [صنفان لا غنى للناس عنهما: العلماء لأديانهم والأطباء لأبدانهم] اهـ؛ كما نقله موفق الدين عبد اللطيف البغدادي (ت629هـ) في "الطب من الكتاب والسنة" (ص: 179، ط. دار المعرفة).
وقال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/ 251، ط. دار الحديث): [حدثنا محمد بن يحيى بن حسان، سمعت الشافعي يقول: العلم علمان: علم الدين؛ وهو الفقه، وعلم الدنيا؛ وهو الطب] اهـ.
ومما يزيد من قَدْر الأطباء وأهمية ما يقومون به من عمل أن الله تعالى قد أناط بهم تحقيق مقصد من أولى مقاصد الشريعة ألا وهو حفظ النفس؛ فاختصهم دون سواهم بعلاج المرضى ومداواتهم ودفع سبل الهلاك عنهم، والإرشاد إلى طرق الوقاية التي بها يحفظ الإنسان نفسه من خطر الإصابة بالأمراض والأوبئة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.