الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

حكم تلاوة المرأة القرآن أمام الرجال الأجانب؟ «الإفتاء» تجيب

الأحد 12/فبراير/2023 - 10:59 م
هير نيوز

تلقت دار الإفتاء المصرية، سؤالا حول حكم تلاوة المرأة القرآنَ الكريم في حضور من الرجال الأجانب، أو تسجيلها تلاوتها ثم إذاعتها ونشرها على العموم بعد ذلك؟ 

حكم تلاوة المرأة القرآن 

وتجيب عن ذلك السؤال، دار الإفتاء من خلال أمانة الفتوى، والتي قالت: تلاوة المرأة للقرآن بحضرة الرجال الأجانب تجوز مع الكراهة؛ لأن شؤون النساء مبنية على الستر، وشأنها الإسرار في العبادات؛ كالأذان، والفتح على الإمام، والتلبية في النسك، ونحوها، أما تسجيلها الصوت وسماعه مسجلًا فلا كراهة فيه؛ لأن المسموع حينئذٍ ليس هو عين صوتها، بل هو حكايته ومثاله، أشبه صدى الصوت. 



صوت المرأة ليس بعورة 

هذا، وصوت المرأة في حد ذاته ليس بعورة، وإنما الممنوع أداءً واستماعًا هو ما يخشى معه من الفتنة كما قال تعالى: ﴿فلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب: 32]، والخضوع بالقول: تليينه وترقيقه عند مخاطبة الرجال.

رَغَّبَ الشرع الشريف في قراءة القرآن والاشتغال به وملازمته؛ فروى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَثَلُ المؤمن الذي يَقرأُ القرآن مثل الأُتْرُجَّة ريحُها طَيِّب وطَعمها طَيِّب، ومَثَلُ المؤمن الذي لا يَقرأ القرآن مَثَلُ التمرة لا ريح لها وطعمها طَيِّب حُلو» متفق عليه، وروى الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» متفق عليه، إلى غير ذلك من النصوص السَّنِيَّة. 
وبشكل عام فإن الناظِر في هذه النصوص يَجِد أن الترغيب في قراءة القرآن فيها قد جاء مُطْلَقًا غير مُقَيَّد، والقاعدة المقررة في علم الأصول أن: "المطلق يجري على إطلاقه في الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال حتى يأتي ما يقيده". انظر: "البحر المحيط" للزركشي (5/ 8، ط. دار الكتبي)، و"التوضيح مع شرحه التلويح" للسعد التفتازاني (1/ 117، ط. مكتبة صبيح). 
وبناءً عليه: فإن قراءة القرآن مرغب فيها مندوب إليها في كل وقت وعلى أي حال إلا ما أتى الشرع باستثنائه منها. 

 

نصوص شرعية 

وأما عند النظرة التفصيلية ومزيد التأصيل فإن صوت المرأة بمجرده ليس بعورة على الصحيح، وقد دلَّ على هذا عدد من النصوص الشرعية؛ فروى الشيخان عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كَانَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّحْلِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. 
وروى البخاري ومسلم -واللفظ له- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ مِن الِاسْتِغْفَارِ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ»، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: «أَمَّا نُقْصَانِ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ، فَهَذَا مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ. وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي، وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانِ الدِّينِ». 
وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قالت النساء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: غَلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا، لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن..." الحديث. 
ووجه الدلالة من هذه الأحاديث ونظائرها: أن صوت المرأة لو كان عورة ما سمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما أقر أصحابَه على سماعه. 



المنع من الإصغاء والاستماع إلى صوت المرأة 

وأما المنع من الإصغاء والاستماع إلى صوت المرأة فمَحَلُّه عند خوف الافتتان؛ بمعنى قيام الداعي إلى الوقوع في محرم؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (3/ 110): [أما النظر والإصغاء لما ذكِر عند خوف الفتنة؛ أي: الداعي إلى جماع أو خلوة أو نحوهما، فحرام، وإن لم يكن عورة؛ للإجماع...قال الزركشي: ويلتحق بالإصغاء لصوتها عند خوف الفتنة التلذذ به، وإن لم يَخَفْها -أي الفتنة-] اهـ. 

 

تحريك الشهوات 

وقد صرح بعض من أطلق أن صوت المرأة عورة من الفقهاء أنه ليس المراد الصوت في نفسه، بل إذا صحبه تكسر وتدلل وتمطيط من شأنه تحريك الشهوات وحصول الافتتان؛ فقال الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه في السماع: [ولا يظن من لا فطنة عنده أنا إذا قلنا: (صوت المرأة عورة) أنا نريد بذلك كلامها؛ لأن ذلك ليس بصحيح, فإنا نجيز الكلام مع النساء للأجانب، ومحاورتهن عند الحاجة إلى ذلك, ولا نجيز لهن رفع أصواتهن، ولا تمطيطها، ولا تليينها، وتقطيعها؛ لما في ذلك من استمالة الرجال إليهن، وتحريك الشهوات منهم] اهـ. بواسطة "حاشية ابن عابدين" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية). 

وروى أبو داود أيضًا بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للرجل الذي أراد الزواج: «مَا تَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ؟» قَالَ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ، أَوِ الَّتِي تَلِيهَا، قَالَ: «قُمْ فَعَلِّمْهَا عِشْرينَ آيَةً، وَهِيَ امْرَأَتُكَ». 
والاستدلال بهذا الحديث يتجه بحمل معناه على أن التزويج فيه كان معَلَّقًا على التعليم -وهو يحتمله-، فيكون هذا أمرًا مطلقًا بالتعليم، يَعُمُّ صوره وكيفياته، والتي منها: أن تقرأ وهو يسمع. 




قراءة القرآن 

ولكن قراءة القرآن قد تزيد شيئًا على مجرد القراءة، وهو التغني به أمام الأجانب، وهذا لا ينافي أصل الجواز أيضًا؛ وقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: «دَعْهُمَا»، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا. 
وروى أيضًا عن خالد بن ذَكْوان قال: قالت الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ رضى الله عنها: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لَا تَقُولِي هَكَذَا، وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ». 

 

وروى الترمذي عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج في بعض مغازيه، فلما انصرف جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي، وَإِلَّا فَلَا». فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلْقَتِ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا، ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتِ الدُّفَّ». 
 



التغني بالقرآن 

فإذا جاز تغنيها بغير القرآن أمام الأجانب، فتغنيها بالقرآن أولى بالجواز؛ لأنه مطلوب شرعي؛ بدليل ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ»؛ قال الإمام ابن بطال في شرح البخاري (10/ 529، ط. مكتبة الرشد): [وتلخيص معناه -أي الحديث المذكور-: الحض على تحسين الصوت به، والغناء الذى أمر النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن يقرأ القرآن به، وهو الجهر بالصوت، وإخراج تلاوته من حدود مساق الإخبار والمحادثة حتى يتميز التالي له من المتحدث؛ تعظيمًا له فى النفوس وتحبيبًا إليها. فإن قال قائل: فإن كان معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» ما ذكرت من تحسين الصوت به، أفعندك من لم يحسن صوته بالقرآن فليس من النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ قيل: معناه لم يستنَّ بنا فى تحسين الصوت بالقرآن؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُحَسِّن صوته به، ويرجِّع فى تلاوته على ما حكاه ابن مغفل، على ما يأتى بعد، فمن لم يفعل مثل ذلك فليس بمتبع لسنته صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مقتديًا به فى تلاوته] اهـ. 



الفتنة في سماع صوت المرأة 

وكذلك فإن الفتنة في سماع صوت المرأة بالقرآن أبعد منها في سماع صوتها بالغناء، فإذا جاز السماع في الأقرب للفتنة كان في الأبعد أولى بالجواز. 
ومع ذلك فإننا نقول إن جهرها بالقراءة على الوجه المذكور دون حاجة وإن قلنا بجوازه إلا أنه مكروه شرعًا؛ وذلك لأمرين: 
الأول: أن المتتبع لنصوص الشريعة وأحكامها الجزئية يجد أن شؤون النساء مبناها فيها على الستر، وأن الشأن هو الإسرار فيما يتعلق بالمرأة من عبادات: كالأذان، والفتح على الإمام، والتلبية في النسك، وإمامة الرجال. 

 

نصوص الجواز 

ومن نصوص الجواز قول العلامة ابن قاسم العبادي في "حاشيته" على "تحفة المحتاج" للإمام ابن حجر الهيتمي (1/ 466، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقد صَرَّحوا بجواز رفع صوتها بالقراءة في الصلاة، ولو بحضرة أجنبي، فكذا خارجها] اهـ. 
وقال العلامة القليوبي في "حاشيته" على "شرح المحلي على المنهاج" (1/ 145، ط. دار إحياء الكتب العربية) تعليقًا على عبارة "شرح المهذب": [والخنثى المشكل في هذا كله كالمرأة -أي في أحكام الأذان والإقامة-": "وخرج بالأذان: قراءة القرآن والغناء ممن ذُكِر -يعني: الخنثى والمرأة-، فلا يحرمان، ولو برفع الصوت] اهـ. 
غير أن تلك الكراهة تزول وتنتفي بمطلق الحاجة؛ كالتعلم، وعرض القراءة على الشيوخ، ونحو هذا. 

 

الممنوع أداءً واستماعًا 

أما الممنوع أداءً واستماعًا هو القراءة المصحوبة بأداء يخشى معه من الفتنة؛ لأنه سيكون حينئذٍ من باب الخضوع بالقول، المنهي عنه في قوله تعالى: ﴿فلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب: 32]، والخضوع بالقول: هو تليينه وترقيقه عند مخاطبة الرجال، قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (6/ 408، ط. دار طيبة): [هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك] اهـ. 
وقال العلامة القليوبي في "حاشيته" على "شرح المنهاج" (1/ 145): [واعلم أنه يحرم سماع الأجنبي لشيء من ذلك -يعني: قراءة القرآن، والغناء- مع الشهوة، أو خوف الفتنة] اهـ. 



تسجيل تلاوة المرأة للقرآن 

وهذا التفصيل والحكم إنما هو في التلاوة المباشرة والسماع المباشر، أما مجرد تسجيل التلاوة وسماعها مسجلة، أو سماعها مبثوثة حية عبر المذياع ونحوه، فلا كراهة فيه أصلًا حتى وإن انتفت الحاجة؛ لأن المسموع حينئذٍ ليس هو عين صوت القارئة، بل هو حكاية صوتها ومثاله، أشبه صدى الصوت. 
ومن اللطائف، أن التاريخ المصري قد عرف جملة من النساء؛ بعضهن عُرف بالقراءة في المحافل للنساء، وبعضهن قرأ في الإذاعة المصرية في الربع الأول من القرن الماضي؛ منهن: السيدة أم محمد في عصر محمد علي، وكانت تحيي ليالي شهر رمضان في حرملك الوالي، وأمر محمد علي بسفرها إلى إسطنبول؛ لإحياء ليالي الشهر المعظم في حرملك السلطانة. 
ومنهن: السيدة نبوية النحاس (ت: 1973م) كانت آخر سيدة مصرية ترتل القرآن الكريم في الاحتفالات العامة، والمناسبات الدينية، وفي المآتم والأفراح، وكان الاستماع إليها مقصورًا على السيدات. 
ومنهن: السيدة كريمة العدلية؛ كانت تقرأ القرآن في الإذاعة إلى الحرب العالمية الثانية. 
ومنهن: الشيخة منيرة عبده؛ قرأت في الإذاعات الأهلية المصرية، وأول ما قرأت كان ذلك عام 1920م، وكانت في الثامنة عشرة من عمرها. انظر لذلك: "ألحان السماء" للأستاذ محمود السعدني (ص59-63). 
ومما سبق يعلم جواب السؤال. 
والله سبحانه وتعالى أعلم. 


ads