«في عيد الحب» عبد الرحيم ريحان يكشف لـ«هير نيوز» رومانسية المصريين القدماء
"أقسمت بك يا إلهي أن تجعلها نورًا في قلبي لا ينطفئ، وتجعلني عودًا في ظهرها لا ينكسر، فهي مني وأنا منها وكلانا سر وجود الآخر".. بهذه الكلمات الرقيقة من رسائل إخناتون لزوجته نفرتيتي ضمن 283 رسالة عثر عليها بتل العمارنة مدينة إخناتون بدأ خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، يقطف أزهارا من بساتين الحب في مصر القديمة؛ احتفالا بعيد الحب.
ملكة جمال مصر القديمة
وقال الدكتور ريحان لـ"هير نيوز": "إن الآثار المصرية القديمة خلّدت قصص الحب الشهيرة في صورة مباني وتماثيل وأشعار وقد خلّد رمسيس الثاني اسم زوجته نفرتاري جميلة جميلات الدنيا والمحبوبة التي لا مثيل لها والنجمة التي تظهر عند مطلع عام جديد رشيقة القوام وقد أبهرت أزياؤها أعظم مصممي أزياء العالم ، وهى الزوجة الملكية العظمى مليحة الوجه الجميلة ذات الريشتين كما أطلق عليها فى مصر القديمة وبهذا فهي تستحق لقب ملكة جمال مصر القديمة حين بنى المعبد الصغير على بعد مائة متر شمال شرق معبده وخصص للمعبودة حتحور ورمسيس الثاني وزوجته نفرتاري.
الملك أحمس الأول وزوجته
وأشار الدكتور ريحان إلى قصة الحب التي جمعت بين الملك أحمس الأول وزوجته أحمس- نفرتاري حيث أقام لها معبدًا في طيبة وقدّسها الشعب بعد وفاتها كمعبودة فجلست مع ثالوث طيبة المقدس (آمون وموت وخونسو)، وقصة حب الملك أمنحتب الثالث والملكة تيي التي تحدت العادات والتقاليد، ومن أجلها أمر بتغيير القوانين المقدسة لكهنة آمون؛ حيث كانت «تيي» من خارج الدماء الملكية ولا يجوز زواجهما، ومن أجلها أمر بإنشاء بحيرة شاسعة لمحبوبته العظيمة، ومن أجلها أمر بإقامة معبد كرسه لعبادتها في منطقة صادنقا على بعد 210 كم جنوبي وادي حلفا، ويشهد بهو المتحف المصري في القاهرة تمثالًا عملاقًا للملك تجلس إلى جواره محبوبته «تيي» بنفس الحجم في دلالة فنية على علو الشأن وعظيم الحب.
رمزًا للحب الجارف
وتابع: إن المصري القديم صوّرالعلاقة بين الزوجين على الجدران وفى نحت التماثيل بمنظر وقوف الزوج مجاورًا لزوجته أو الجلوس معًا على مقعد بينما تلف الزوجة ذراعها برفق حول عنق زوجها أو تضع يدها على إحدى كتفيه أو تتشابك أيديهما معًا رمزًا للحب الجارف أو تقف أمامه لتقدم له الزهور أو تقف جانبه وتسند عليه ذراعها كناية عن معاونتها له في كل الأمور.
تمثال القزم
ويجسّد تمثال القزم (سنب) وأسرته من الأسرة الخامسة بالمتحف المصرى روح المحبة والعطف التي تسود الأسرة المصرية حيث تجلس الزوجة إلى جوار زوجها وتلف ذراعها حوله برقة ولطف على حين وقف الأبناء بجانب الأب والأم فى أدب واحترام، ومنظر آخر على ظهر كرسى عرش الملك توت عنخ أمن بالمتحف المصرى يصور جلوس الملك دون تكلف والملكة مائلة أمامه وفى إحدى يديها إناء صغير للعطر تأخذ منه وباليد الأخرى عطر آخر تلمس به كتف زوجها برقة ولطف، كما يعد تمثال رع حوتب وزوجتة نفرت من الأسرة الرابعة بالمتحف المصري بالقاهرة تحفة فنية رائعة يقف أمامها الزوار فى صمت وإعجاب شديد وكأنها لوحة ناطقة بحروف ومعانى الحب والجمال.
قصيدة العاشقة العذراء
وهذه الكلمات الرقيقة من قصيدة العاشقة العذراء عن بردية شستربيتى تشبه أغنية ( يا امّا القمر على الباب) كما جاءت فى دراسة أثرية للدكتور خالد شوقى البسيوني الأستاذ بكلية السياحة والفنادق بالإسماعيلية.
لقد أثار حبيبى قلبى بصوته – وتركنى فريسة لقلقى وتلهفى – أنه يسكن قريبًا من بيت والدتى – ومع ذلك فلا أعرف كيف أذهب نحوه – ربما تستطيع أمى أن تتصرف حيال ذلك – ويجب أن أتحدث معها وأبوح لها – أنه لا يعلم برغبتي في أن آخذه بين أحضاني – ولا يعرف بما دفعني للإفصاح بسري لأمي – إن قلبي يسرع في دقاته عندما أفكر في حبي – إنه ينتفض في مكانه، لقد أصبحت لا أعرف كيف أرتدي ملابسي – ولا أضع المساحيق حول عيني ولا أتعطر أبدًا بالروائح الذكية.
وفاء إيزيس لأوزوريس
ويشير الدكتور ريحان إلى أسطورة الحب والوفاء الشهيرة فى تاريخ مصر القديمة المتجسّدة فى وفاء إيزيس لأوزوريس التى تحكى كيف غدر ست بأخيه أوزوريس الذى كان يبغض فيه جمال وجهه ورجاحة عقله وحمله رسالة المحبة والخير بين البشر فدبر مكيدة للقضاء عليه واتفق مع أعوانه من معبودات الشر على أن يقيموا لأوزوريس حفلًا تكريمًا له ثم أعد تابوتًا مكسى بالذهب الخالص بحجم أوزوريس وزعم أنه سيقدمه هدية لمن يكون مرقده مناسبًا له ورقد فى التابوت كل الضيوف ولم يكن مناسبًا لأى أحد حتى جاء دور أوزوريس فأغلق عليه ست التابوت وألقوه فى نهر النيل وانتقل التابوت من النيل عابرًا البحر المتوسط حتى وصل إلى الشاطئ الفينيقى فى أرض ليبانو عند مدينة بيبلوس وهناك نمت على الشاطئ شجرة ضخمة وارفة الظلال حافظت على التابوت المقدس من أعين الرقباء .
الملكة عشتروت
وكان فى بيبلوس ملكة جميلة تسمى عشتروت خرجت لتتريض على الشاطئ فبهرتها الشجرة الجميلة النادرة وأمرت بنقلها لقصرها، وأمّا إيزيس فبكت على أوزوريس وبحثت عنه على طول شاطئ النيل واختلطت دموعها بماء النيل حتى فاض النهر وبينما كانت تجلس بين سيقان البردى فى الدلتا همس فى أذنيها صوت رياح الشمال تبلغها بأن المعبود أوزوريس ينتظرها على شاطئ بيبلوس فذهبت واستضافتها عشتروت وكانت إيزيس تحول نفسها كل مساء بقوة سحرية إلى نسر مقدس تحلق فى السماء وتحوم حول شجرة زوجها أوزوريس حتى حدثت المعجزة وحملت إيزيس بالطفل حورس من روح أوزوريس ورجعت به مصر تخفيه بين سيقان البردى فى أحراش الدلتا حتى كبر وحارب الشر وخلص الإنسانية من شرور ست.