الشاعرة ميسون بنت بحدل.. زوجة معاوية التي عشقت حياة البداوة وتركت نعيم القصور
قد يتخيل للبعض أن نساء وزوجات خلفاء الدول التي كانت في عصر صدر الإسلام يعشن في رغد وترف وفي قصور فخمة، لكن الحقيقة أن بعضهن عشقن حياة البداوة والصحراء، وتركن القصور وعشن في خيمة وسط الصحراء.
ومن هؤلاء النساء الشاعرة العربية الجميلة عاشقة الصحراء وجميلة البيداء ميسون بنت بحدل، التي تركت قصر زوجها معاوية بن أبي سفيان، وعاشت وتغزلت في الصحراء.
من هي بنت بحدل
هي الشاعرة البدوية العربية التي أحبت حياة البداوة ميسون بنت بحدل بن أنيف الكلبية، وأبوها هو بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن زهير بن حارثة بن جناب الكلبي، وهو زعيم قبيلة بنو كلب، وبنو كلب ينتمون لابن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة وهي قبيلة عريقة من قبائل العراق.
وهي غير ميسون بنت جندل الفزارية حيث يختلط بينهما الأمر، وهي زوجة الخليفة الأموي الأول ومؤسس الخلافة الأموية معاوية بن أبي سفيان، ووالدة الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية.
وكان لها دور كبير في الحياة السياسية في الخلافة الأموية، كما أنها من أقدم الشاعرات العربيات ذوات السمعة الطيبة، حتى أن سبب زواجها كما ذكر بعض المؤرخون من معاوية عندما سمع شعرها.
وزوجها هو ابو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي،
من صحابة النبي، وأحد كتاب الوحي، وهو سادس الخلفاء في الإسلام، ومؤسس الدولة الأموية
في الشام وأول خلفائها.
حياتها وزواجها من معاوية
لم تكن ميسون بنت بحدل كباقي نساء الخلفاء مسلمة، وإنما كانت مسيحية سريانية أرثوذكسية من تدمر، ووفقا لما ذكرته المستشرقة نابيا أبوت، فإن ميسون كانت تميل إلى حياة البدو الأقرب إلى الرهبنة، وانشغلت بعد زواجها من معاوية بتربية ابنها يزيد الذي كان طفلا صغيرا، وأخذته معها إلى البادية في جنوب تدمر.
وقد
زعم بعض المؤرخون بأن معاوية تزوجها معا لدواع سياسية، و اسكنها فى قصره الملكي ووفر
لها كل ما تحتاجه من رخاء عيش، وكان السبب السياسي أنه عندما أودى الطاعون بحياة الكثيرين
من جيش المسلمين في دمشق، استطاع معاوية بزواجه من ميسون أن يجند المسيحيين السريان
الأرثوذكس ضد الرومان في حربه معهم.
تركها للقصر وحياتها في البادية
وكانت ميسون تحتقر حياة البلاط في قصر الخليفة بدمشق، فبعد أن تزوجها معاوية وهيأ لها قصرا مشرفا على الغوطة وزينه بأنواع الزخارف، ووضع فيه من أواني الفضة والذهب ما يضاهيه، ونقل إليه من الديباج الرومي والموشى ما هو لائق بقصرها.
وهنا تذكرت باديتها فحنت إليها وإلى أهلها وتذكرت مسقط رأسها، فبكت، ولما سألوها ما يبكيك وأنت في ملك يضاهي ملك بلقيس، فأنشدت قائلة:
لبيت تخفق الأرواح فيه .. أحب إلي من قصر منيف
ولبس عباءة وتقر عيني ... أحب الي من لبس الشفوف
وأكل كسيرة فـي كسر بيتي ... أحب إليّ من أكل الرغيف
وأصوات الرياح بكل فج ... أحب إلى من نقر الدفوف
وكلب ينبح الطراق دوني ... أحب إلي من قط أليف
وبكر يتبع الأظعان صعب ... أحب الي من بعل زفوف
وخرق من بني عمي نحيف ... أحب الي من علج عنوف
فلما بلغ معاوية شعرها فيه، فقال لها: مارضيت ابنة بحدل حتى جعلتني علجا عنوفا، إلحقي بأهلك، فطلقها وسيرها إلى أهلها بنجد، وكانت حاملا بابنها يزيد بن معاوية، فولدته في البادية وعاش معها حتى أخذه أبيه وهو في عمر الثانية.
وقد نقل بعض المؤرخون بأنها أنجبت فتاة صغيرة قبل يزيد واسمتها أمة رب المشرق، ولكنها توفيت قبل انتصاف عامها الأول، لتحمل في يزيد بن معاوية، وقد توفيت الشاعرة ميسون في عام 80 هـ في حياة خلافة يزيد ابنها.