معاذ أنقذ شقيقته وحصل على جائزة التلميذ المثالي.. ثم لقى مصرعه
عمره لم يتجاوز التسع سنوات، مجتهد في دراسته، ويرسم الفرحة والسعادة على الجميع، بوجهه البشوش، وقلبه النقي، وتصرفاته الرجولية التي كانت تتخطى عمره بمراحل، وكأن قلبه كان يحدثه أنه سيموت صغيرًا، تسع سنوات عاشها معاذ، كلها كانت مليئة بالأمل والسعادة، وكان محبوبًا من الجميع، يحن على شقيقه وشقيقته، مطيعا لوالديه، تسع سنوات، كانت كافية حتى يجني ثمار المحبة من الجميع، وفي ثانية كانت كفيلة أن توجع القلوب، لحظة وفاته، التي كانت كالصاعقة التي دوت بأحزانها في قلوب الجميع، فأقاربه انهاروا في البكاء، ووالدته أصيبت بصدمة نفسية، وزملائه لم يصدقوا ما حدث.
"ولد الموت بيبان عليه"، بهذه المقولة، التي دوت في أذهان الجميع، فور سماعهم نبأ وفاة الطفل معاذ، عقب سقوط جدار منزله عليه، وأصيب والديه، في نفس الحادث الأليم، بقرية" هو" بمركز نجع حمادي شمالي محافظة قنا، الحزن خيم على الجميع، مشاهد الفراق كانت صعبة ليس فقط على أقاربه، بل على معلميه وزملائه في المدرسة، الذين لم يكفوا عن البكاء، بعد تذكرهم ذكريات جميلة له معهم ولكن سرعان ما انتهت قبل أن تكبر.
حصل على لقب "الطالب المثالي"
كان معاذ تلميذا متفوقا في دراسته بارا لوالديه، حنونا على إخوته، مطيعا لمعلميه، ودودوا لزملائه محبا لهم، كان يصفه معلميه، أنه يعيش مرحلة عمرية أكبر من سنه، تم تكريمه بحصوله بلقب" التلميذ المثالي" هذا العام، بعد أن انقض على شقيقته المتواجدة أسفل تنورة لحمايتها، خوفًا عليها من أن تصدمها التنورة خلال احتفال المدرسة بأعياد السادس من أكتوبر والمولد النبوي، في مشهد نال استحسان وإعجاب الجميع، وحصلت الصورة التي التقطتها كاميرات الهاتف، للتلميذ معاذ وهو يحتضن شقيقته، على أفضل صورة مشرفة للمدرسة لهذا العام.
لم يكن يعلم معاذ محمود، طالب الصف الثالث الإبتدائي بمدرسة النصر الابتدائية بقرية هو في نجع حمادي، أن نهايته ستكون بهذه الطريقة، ولم يكن يعلم أنه حصوله على التكريم من إدارة المدرسة، هو الأخير له في حياته التعليمية، التي كان يخطط لها بالتفوق والالتحاق بإحدى كليات القمة، فأثناء تواجد معاذ مع أسرته في المنزل، انهار جدار المنزل عليهم، مما أسفر عن مصرعه، وإصابة والديه، اللذان تمنيا الموت مكانه، خبر وفاته كان كالصاعقة على الجميع، حتى والديه وهما في أشد الألم من الإصابات البالغة التي ألمت بهما، جراء انهيار الجدار عليهم، فلقد مات حلمهما في وفاة معاذ.
مديرة المدرسة، ناهد يوسف، وصفت معاذ بأنه البطل، في كل شيء وقالت إن فراقه أبكى الجميع، ومواقفه التي فعلها داخل المدرسة، ستظل خالدة في أذهان الجميع، فكل ركن في المدرسة، يشهد على إخلاصه وأدبه و"روحه الحلوة".
كان أكبر من سنه
تروي مديرة المدرسة قائلة: " معاذ كان أكبر من سنه، مختلف جدا عن زملائه وتصرفاته كلها تصرفات كبار في السن، كان متحمل مسئولية أخواته التوأم فى رياض الاطفال "ولد وبنت" بيسلمهم للمس رغم أنه فى ترتيب أخواته الثالث، بيسأل عنهم وعن مستواهم ويتابع واجباتهم.. مضيفة، معاذ كان راجل بمعنى الكلمة، وهذا لوحظ فى اهتمامه بشقيقته، في واقعة التنورة لأنها الأنثى فى التوأم، انقض عليها وحماها، ولم يخش أن يتعرض هو ربما للإصابة، ولذلك قررت تكريمه، ومنه لقب البطل ولقب التلميذ المثالي، وصورته كانت مشرفة للغاية، وموقفه كان بطولي يدل على شخصيته الكبيرة التي نجح من خلالها أن ينال حب الجميع، وهذا ظهر على محبيه لحظة سماعهم خبر وفاته.
وأوضحت قائلة: لحظة تكريمه، ذهبت له فصله ومعي شهادة التقدير وعلبة أدوات مدرسية وضعها على الديسك ولم يهتم بها ، وكان معتز بالشهادة، وطلب من خالته ألا تخبر والدته بالتكريم "علشان تكون مفاجأة منه لها".
وتصف مديرة المدرسة، قصة وفاته بالمأساوية، فوالدته فقدت وعيها وهى تهذى باسمه كإشارة منها أو تنبيه أنه تحت الأنقاض ولم يتم اكتشاف ذلك إلا بعد فوات الأوان.