غزل المرأة عند شعراء العرب شكل تاني.. ديوان زهير بن أبي سلمى في زوجته

لم تكن البشرية تعرف الغزل إلا على يد العرب، وبخاصة الذين عاشوا في شبه الجزيرة العربية، وكانوا قبائل تتحدى بعضها في الشعر، وكان الشعر قديما يأتي في المدح والغزل.

والغزل هو التغنّي بالجمال، وإظهار الشوق للحبيب والشكوى من فراقه، كما يأتي في وصف الحبيبة عبر إبراز محاسنها ومفاتنها، وقد قسمه الأدباء إلى قسمين: الغزل العذري، والغزل الصريح.

قصيدة غزل

ومعنا اليوم قصيدة من قصائد الغزل في المرأة وهي قصيدة زهير بن أبي سلمى في حبيبته سلمى، يقول فيها:

صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَأَقصَرَ باطِلُه ... وَعُرِّيَ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه

وَأَقصَرتُ عَمّا تَعلَمينَ وَسُدِّدَت ... عَلَيَّ سِوى قَصدِ السَبيلِ مَعادِلُه

وَقالَ العَذارى إِنَّما أَنتَ عَمُّنا ... وَكانَ الشَبابُ كَالخَليطِ نُزايِلُه

فَأَصبَحتُ ما يَعرِفنَ إِلّا خَليقَتي ... وَإِلّا سَوادَ الرَأسِ وَالشَيبُ شامِلُه

لِمَن طَلَلٌ كَالوَحيِ عافٍ مَنازِلُه ... عَفا الرَسُّ مِنهُ فَالرُسَيسُ فَعاقِلُه

فَرَقدٌ فَصاراتٌ فَأَكنافُ مَنعِجٍ ... فَشَرقِيُّ سَلمى حَوضُهُ فَأَجاوِلُه

الشاعر ومناسبة القصيدة

وشاعر هذه القصيدة هو زهير بن أبي سلْمى ربيعة بن رباح المُزَنِي، من قبيلة مُضَر أجداد النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية.

وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء وهم: امرؤ القيس وزُهير بن أبي سُلْمى والنابغة الذبياني. وقد توفي قبيل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، بسنة واحدة.

أما حبيبته فهي فهي سلمى وكنيتها أمّ أوفى، وقد تزوجها ولكن لم تدم طويلا معه، حتى طلقها لأنها كانت شديدة الجمال، وكان شباب القبائل يبهمون الشعر فيها دون ذكر اسمها، فطلقها.

لكن سلمى ماتت في حرب داحس والغبراء، فأدرك ذلك وقعا في قلبه، وتحرك العشق من مكنونه وندم على صنعته وتطليقه إياها، فراح يصدر ديوانه هذا ليمدح في زوجته أم أوفى.

ثم تزوج زهير من زوجة ثانية فأنجبت له ولدين هما: كعب بن زهير وهو الصحابي من نظم قصيدة البردة الشهيرة والمعروفة بمطلع "بانت سعاد فقلبي اليوم متبول"، وألقاها في حضرة النبي عليه الصلاة والسلام، عندما دخل الإسلام، والابن الثاني بجير وكان من أوائل من دخل الإسلام.

اقرأ أيضًا..

كثير وعزة.. قصة حب نادرة في العصر الأموي والنهاية حزينة فماذا حدث؟