نيهال كُريّم تكتب: نبتدي منين الحكاية !!!!

ذات الشعر البرتقالي ( نرمين )

رغم اختلاف الزمان والمكان

رغم مرور الأيام والسنين

تجد نفسك دائما واقفا في منطقه من الماضي

ولا تعرف كيف تصف كيف عشت هذه التجربه؟ وكيف تخطيتها؟

وهل تخطيتها فعلا؟ أم أنها ما زالت عالقة في جنبات عقلك اللاواعي

وقلبك النابض بدقات تأه بين الألم والأمل..

في الصف الثالث الابتدائى وبالتاريخ في عام 81

في مدرسة الاينجليش سكول

لا أعرف لماذا هذا العام بالذات

اذكر فيه تفاصيل أكثر مما قبله أو بعده من أعوام

كنت اذهب للمدرسة بحقيبة سوداء من الجلد الطبيعي

كنت احملها على ظهرى وفيها كل كتب وكراريس المواد

خوفا من تحاسبنى أي مدرسة على أي شيء

نعم فانا كنت اخاف من اللوم والعقاب حتى لو كان بالنظرات

نذهب لطابو المدرسه وبعد تحية العلم الرتيب

نسير في صفوف واضعين ايدينا على اكتاف بعضنا حتى نصل للفصل

بين الممرات وصوت الاجارس ونظرات المدرسين والمدرسات

كنت طفله منطويه قليلة الكلام ليس لى اصدقاء

في ذلك العام كان هناك مدرسة لطيفه جدا كانت تختار لكلا منا صفه

وتناديه بيها على يا قشطه وداليا القطه واسلام الخواجه..

تكلك هى الحصه الوحيده التى اشعر فيها بالامان والبهجه

كان يجب عليا ان اجد لنفسى صديقه حتى لو كنا فقط نجلس صامتين جوارا لبعض

واختار لى القدر نرمين البنت البيضاء ذات الشعر البرتقالى والوجه المستدير

ذات العيون العسليه والنظاره المستديره

كنت اجلس بجانبها وليس بيننا اى حديث او حتى نظرات وكلمات

كل ما اعجبنى فيها انها كانت هادئة ومنطويه وليس لها في الشغب والمناكفه

كنت اريد فقط رفيق اشعر معه اننى لست وحدى

وعندما تسالها المدرسة في شىء تتلعثم مثلى بل اكثر منى؟

وانا كذلك كنت مثلها اتلجلج اذا نادت المدرسه اسمى لاى سبب..

وحين توطدت علاقتى بها اصبحت اخذ سندويتشاتى واذهب لاتمشى

معها في البريك..

وفى مره من تلك المرات حدث شىء بشع صدمنى واخافنى كثيرا

كنا نتمشى كعادتنا على مهل ونحن نقضم اكلنا ونحن نتابع الاولاد والبنات

وفجأة جرى علينا ولدين من الفصل وصدمها واوقعوها على الارض

واذا بى اجدها مفصوله الساقين من تحت الركبه

وتنهار من البكاء وانا اقف مشلوله مذهوله من المنظر

فيما وقف الولدان بعيدا يضحكان

واتت الداده والمدرسات ليساعدوها على اعاده هيئتها على ما كانت عليه

مازال الموقف كله معلقا في صدرى كدلايه تجرحنى كلما رايت مصابا في قدميه

عدنا للفصل وهى لم تتوقف عن البكاء لحظة واحده

كنت اجلس بجوارها وانا عاجزه عن حتى المسانده

كل ما اذكره اننى كرهت جدا رامى وجورج فاعلين تلك الفعله الشنيعه

في تلك المحطه تعلمت معانى جديده

الشر القسوه الخيانه والغدر..

كلها معانى رايتها عملينا متصوره في هذين الولدين

ومعنى الانكسار الضعف الهزيمة الرحمه المسانده..

 بينى وبينها

جلست معها باقى ايام العام دون الذهاب للبريك

نفتح حقائبنا وناكل السندويتشات في صمت

وكنت افتقدها ايضا في حصه الدين فقط

حينما كانوا ينادوها هى وبعض الاولاد والبنات منهم جورج الشرير

ويبقى معنا في الفصل في وقت الحصه رامى الشرير ايضا

يبدوا ان هذا طبعى ان اختار من الناس ما يريحنى ولا ابحث عن الاختلاف او العيوب

لم اركز ابدا انها كانت تحجل وتعرج طوال الوقت الا بعد وقوعها عرفت السبب

ولم اعرف ابدا لماذا كانت هى واخرين يخرجون من الفصل في حصه الدين

الا بعد ان حكيت لامى على القصة كلها

فضحكت كعادتها بضحكتها الحانيه الصافيه

وكانها حمدت الله انها هى من جعلتنى لا اعرف عن المحيطين بى الا ما احب منهم وفيهم

لم اعرف انها باطراف صناعية ولا انها مسيحية الا بالصدفه بل لم تفرق معى اصلا بشىء

بل كنت احب جدا وجهها المستدير وابتسامها الصافيه وانها هى اول طفله اعرفها شعرها برتقالى

هى مميزه جدا عندى عن كل من عرفتهم في حياتى..

بل اننى نسيت اغلب اسماء من كانوا في مرحله الدراسه الا هى وكريم ورامى وجورج

قصة تجازت اثنين واربعين عاما

صديقة لم ارها بعدها واكمل معها باقى الطريق لكنها اخذت قطعه من قلبى

لكنها مازالت تسير معى في الفسحه وتجلس بجوارى وتاكل معى

لكم وددت ان اراها واعتذر لها عما بدر منهم او كنت انا من اوقعونى على الارض بدلا عنها

ولكن قدر ان تسير الحكاية بتلك التفاصيل حتى النهاية

نحن نكبر في العمر والظاهر ولكن يبقى في داخنا هؤلاء الاطفال..

لا ننساهم ولا نتخطاهم بل كثيرا ما نعود لهم في اوقات الوحده والالم

لا نذكر الدروس ولا المعلمين حتى..

 نحن فقط نذكر الطرق والناس والحساس..

عفوا.. يا صديقتى الطيبة نرمين..