الثلاثاء 08 أكتوبر 2024 الموافق 05 ربيع الثاني 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

خبراء: اتجاه النساء للعمل بمهن الرجال هدفه إثبات الذات ومواجهة القهر

الخميس 14/يناير/2021 - 12:00 م
هير نيوز


عاشت المرأة عهدًا ليس قليلا في الأزمان البعيدة من الشموخ والريادة؛ ولكنها عاشت قرونًا أكثر من القهر والتبعية للرجال، وهذا ما دعاها للبحث عن طرق للمساواة بينها وبين الرجل متناسية أنوثتها وكونها الطرف اللين المطيع في الأصل لتتحدى الرجل في القيام بالمهام الصعبة التي يقوم بها وتتطلب قوة جسدية إلى جانب القيام بمهامها المنزلية الأخرى والاهتمام بالأطفال، هكذا بدا الأمر بالنسبة للبعض.

وقد كشفت هذه القضية العديد من الجوانب الخفية على المهتمين والتي فسرها لنا بعض المختصين بهذه الظاهرة.

يرى الدكتور يسري محمد، المستشار الأسري والتربوي أن بعض النساء تلجأ أو تضطر الدخول في معترك العمل الشاق لأن منهن من يسعين في إثبات الذات حتى ولو كان على حساب وضعهن وأنوثتهن، أو على حساب حتى حياتهن في تحمل المسئولية بشكل كبير، بسبب الغيرة والمقارنات وتحقيق مكانة اجتماعية.

وبيّن أن بعض النساء يسعين نحو الأعمال الشديدة حتى يثبتن أنفسهن وهي نظرة قاصرة؛ لكنها - يقينًا - تعبر عن أصحابها ولا نملك المصادرة في ذلك، الشق ثاني وأغلبه حقيقي أن الحياة باتت قاسية ومؤلمة وهناك مطالب وأولويات للمرأة، فنجدها أما مطلقة أو أرملة رحل زوجها عن دنياها ولديها أولاد ومتطلبات معيشة، فترى أنها إما أن تمد يدها أو تجازف لاقتحام ميدان العمل الشاق أفضل من أن تسأل حاجتها من أحد وتطلب العون، فتنزل بقوتها التي أعطاها الله على أمل أن تجد ما يكفي أسرتها السؤال، ويقينا ستثبت نفسها والتجارب والنماذج كثيرة والجانب الآخر هو سعيها على من تعول، وفي المجمل أن تنزل المرأة وتعمل أفضل من أن تمد يدها في مجتمع الذئاب.

وعلى أرض الواقع يبدو أن عمل المرأة من عدمه لم يعد هو المشكلة الرئيسية؛ لأن المجتمع الذي تسيطر على قيادته الرجال هو من يتحكم كثيرًا في نوعية العمل الذي يمكن أن تدخله المرأة سواء كانت زوجة أو أخت أو أم وهو المتحدث الرسمي لخطواتها وما هو مسموح وممنوع، وفي هذا الإطار يقول الدكتور فتحي الكومي الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن ظاهرة المنح والمنع من قبل الرجل لعمل المرأة عامة أو في بعض المهن كالتمريض والعمل الإعلامي ومضيفات الطيران والتسويق الإعلاني وغيرها من المهن التي يرفضها بعض الرجال من باب الخوف على النساء، لم تعد موجودة إلا بنسبة قليلة في الأقاليم البعيدة وبعض المناطق الريفية ربما لبعدها عن المدن.

بينما يرى الدكتور محمد طاهر مزيد، المتخصص فى علم النفس الإكلينيكي والخبير النفسي بوزارة العدل، أن هناك عدة عوامل متداخلة تتفاعل مع بعضها في جعل الرجل لا يقبل عمل المرأة وخصوصًا إذا كان عملها في مجالات كمهن التمريض والإعلام وغيرها، أولها الموروث الثقافي الذي يرتبط بعمل المرأة في تلك المجالات وخصوصًا إذا كان المجتمع يتعامل مع تلك المهن بشيء من الشك والريبة والتنميط لصفات على العاملين في تلك المجالات، ثانيًا متغيرات الشخصية، فكلما تميز الرجل بثقة بالنفس وتقدير للذات المرتفع والإنجاز، والمفهوم الذاتي الإيجابي والرقي والمستوى الثقافي والمكانة، كلما كان أكثر تفهمًا لعمل المرأة في تلك المجالات وأنها مهن سامية، ثالثا الجانب الإعلامي والذي يعزز السلبيات في تلك المهن بالتضخيم لها والسخرية منها دون أن يمارس الجانب التوعوي السليم عن دور المرأة بها.

وعلى ما يبدو يفضل بعض الرجال في مجتمعاتنا عمل المراة في مجال التعليم أو التوظيف الإداري؛ مما يجعلها أقل تعاملا مع الذكور حسب أفكاره، إلا أنها برعت في هذين المجالين إضافة لمجالات أخرى كالطب وريادة الأعمال والموارد البشرية والعمارة الداخلية، العمل الإعلامي والصحفي، أعمال التجميل وفنون الطهي، وكتابة النصوص على منصات الإنترنت فضلا عن إدارة محتوى تلك المواقع.

وتطور عمل المرأة الذي تتحدى فيه الرجال على الجانبين، فكما برعت في الريادة والقيادة بدءا من إدارة المدارس والمراكز الطبية، والشركات الحكومية والخاصة والمؤسسات المحلية والدولية وحتى العضوية في مجالس النواب والشورى والشيوخ، هي أيضا برعت في معترك العمل الشاق الذي يقوم به الرجل في الأصل، فأصبحت تعمل سائقة تقود الحافلات الكبيرة والقطارات وعاملة في الكهرباء والسباكة وتصليح السيارات، والنجارة والحدادة والجزارة، أعمال الرفع والبناء، فضلا عن العمل في التدريب الرياضي وصالونات الحلاقة الرجالية، بالإضافة لعملها في مكافحة الجرائم والحرائق أيضًا، وهي أعمال تطلب بنية جسدية قوية لا تملكها المرأة.

من جهته، قال الدكتور عادل قراعين الحاصل على الدكتوراه في علم النفس الكوني والطاقة الحيوية، إن النساء تواجه عدة تحديات عندما يدخلن بمجال الأعمال الذي يهيمن عليها الرجال بالغالب، بما في ذلك المعتقدات والموروثات المجتمعية المغلوطة حول القدرات القيادية للمرأة، الصور عن المرأة على انها لا تستطيع القيام بأدوار أبعد من دور الأم أو ربة المنزل، كذلك نقص فرص التطور الوظيفي مقارنة مع الرجال على الرغم أن درجات التقارب كبيرة في علم النفس والسلوك بين الجنسين مع أفضلية للنساء بمجالات كثيرة، ناهيكم عن التحرش والتعرض للمضايقات الجسدية والنفسية المختلفة من محيط العمل.

ومع ذلك، قد تدخل بعض النساء في أعمال تتطلب جهدًا بدنيًا عاليًا وبدرجة مخاطر عالية أحيانًا كمهن الميكانيكا والبناء والوظائف الأمنية وحتى صيد الأسماك ببعض الدول، وذلك لعدة أسباب أهمها: الحاجة للعمل خصوصًا بالظروف والتحديات الاقتصادية المتزادية، مصحوبة بارتفاع نسب الطلاق والتفكك الأسري مما يجعل المرأة تتخلى ولو نسبيًا عن سحر الأنوثة من أجل لقمة العيش والستر بأحيان كثيرة. أيضًا تقوم النساء بممارسة بعض المهن التي كانت محصورة بالرجال فقط ولزمن قريب، وذلك لإثبات أنهن قياديات ويستطعن التميز بحياتهن مثل الرجال، ويمكن أفضل بكثير.