عمرو عبد الفتاح يكتب: تفسير الابتلاء على حسب الأهواء
خلق الله الخلق وكتب أقدارهم وحدّد أرزاقهم
وكتب على كل منهم ابتلاء بعينه، فما الابتلاء؟
الابتلاء هو اختبار يكتبه الله على عبده
ذكرًا كان أو أنثى، عبدًا كان أو سيدًا، غنيًّا كان أو فقيرًا، طيبًا كان أو
شريرًا، صالحًا كان أو فاسدًا.. كلٌّ له ابتلاء كتبه الله عليه.
وقد لخّص الله تعالى قضية الابتلاء في سورة
البقرة الآيات 155 - 157؛ حيث يقول:
{ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من
الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله
وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }.
آيات لا تحتاج تفسيرًا فقد شرحت نفسها
بنفسها وكلماتها واضحة جليَّة لا تحتاج تأويلًا أو شرحًا..
إذن الابتلاء مكتوب على ابن آدم أيًّا كانت
طبقته وأيًّا كانت صفاته..
ولكن لاحظنا هذه الأيام أن الناس جنحوا
وابتعدوا عن هذه الآيات وبدؤوا يفسرون الابتلاء تفسيرات على حسب الأهواء؛ كما يلي:
إذا كان المبتلى غنيًّا قالوا له: أنت محسود
وابحث عن من حسدك واجتنبه وحاول أن تداري على نعمك التي أنعم الله عليك حتى لا
تصاب بالحسد والعين.
وإذا كان المبتلى فقيرًا قالوا له: انظر
حالك مع الله وانظر ماذا فعلت لعلك أخطأت أو أذنبت فعاقبك الله هذا العقاب..
ويطلبون منه الرجوع إلى الله حتى يرفع عنه العقاب.
لا ننكر الحسد ولا ننكر العقاب في الدنيا
للمخطئ قبل الآخرة، ولكن لاحظت أن الناس صاروا على هذا النهج إما الحسد إذا كان
غنيًّا وإما العقاب إذا كان فقيرًا..
والحقيقة أن الابتلاء اختبار من الله لنا
جميعًا لينظر كيف سنتقبله وماذا سنفعل حياله؟ هل سنعترض ونسخط أم نرضى ونتقبل؟
ونمرّ بالبلاء الذي يصيبنا كي نعرف من معنا ومن علينا، فهناك أناس تظهر حقيقتهم عند البلاء، منهم من يقف بجوار المبتلى ومنهم من يفرّ ويهرب ويتركه يغرق.
يقول الشاعر:
جزى الله الشدائد كل خير ***
عرفت بها عدوّي من صديقي
والله
يبشر المبتلى دائمًا في آياته: { فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}.
يقول الشاعر:
لا تجزعن إذا نابتك نائبة ** واصبر ففي
الصبر عند الضيق متسع
إن
الكريم إذا نابته نائبة ** لم يبد منه على علاته الهلع