عمرو عبد الفتاح يكتب: سر علبة الجاتوه الفارغة!!
كثيرًا ما نجد أمام أبواب الشقق وتحديدًا
على السلّم علبة جاتوه فارغة، ظننا في بادئ الأمر أن أصحاب الشقة يضعونها حتى
يأخذها جامع القمامة الذي يأتي مرة أو مرتين في الأسبوع، ولكن جاء جامع القمامة
ومر على العمارة كلها وجمع قمامة الشقق كلها وما زالت تلك العلبة موجودة.. فهل
نسيها أم ماذا؟
الغريب أن صاحب الشقة أحيانًا يطلب من جامع
القمامة أخذ القمامة ما عدا تلك العلبة الفارغة لمدة يومين أو ثلاثة حتى يتأكد أن
الجيران كلهم قد رأوها.
عادة سيئة انتشرت في بعض الأسر المصرية وهي
ترك علب الجاتوه أو البيتزا الفارغة أمام باب الشقة حتى يعلم الجيران أنهم يأكلون
جاتوه أو بيتزا أو حلوى معينة.. من باب التفاخر والتباهي..
يظن البعض أن الأمر بسيط وما هي إلا عادة لن
تضر أو تنفع..
ولكن لو نظرنا لأصحاب تلك العادات سنجد أن
في أنفسهم مرضًا بسيطًا تظهر آثاره في العلاقات الإنسانية بالجيران وكذلك بأهلهم
وبأولادهم..
لو عدنا للوراء قليلا وتحديدا فيلم أفواه
وأرانب للراحل محمود ياسين والراحلة فاتن حمامة وغيرهما من الفنانين الذين تألقوا
في هذا الفيلم، سنجد مقطعا للفنانة رجاء حسين حين كانت تنظف الدجاج وفي نهاية
المقطع أعطت ما تم تنظيفه من الريش لابنتها وقالت لها: "ارميهم قدام البيت
وخلي الجيران كلهم يشوفوه علشان يعرفوا اننا بناكل فراخ...".
وجاءت اللقطة وابنتها توزع الريش يمينًا
ويسارًا أمام البيت، ثم عادت لأمها وقالت لها: رمتهم وشافوهم..
الأصل أن يدخل الإنسان بما معه من طعام
ولحوم وحلوى في حقيبة مغطاة؛ لمراعاة الفوارق المادية بين الجيران والأهل، فما
يدريك لعل الذي يسكن أمامك لا يملك قوت يومه وليلته، وأنت تدخل وتخرج متباهيًا
فرحًا متفاخرًا بما معك.. وتزيد الطين بلة بأن تترك الفوارغ على باب الشقة بغرض
إخبار الجيران بحياتك وطعامك وشرابك..
وللرسول حديث معناه أن يحرص المؤمن على ألا
يبيت شبعانًا وجاره جائع وهو يعلم.. وإذا كان معه شيء ولن يعطي منه للجيران شيئًا
فعليه أن يخفيه وهو داخل لبيته..
نصيحة لمن يريدون أن يبنوا بيوتهم ويربوا
أولادهم على الطريقة الصحيحة، ثوروا على تلك العادات وغيرها، وانصحوا وتناصحوا،
واحرصوا على الجيران ومراعاة شعورهم، والتفكر في أمورهم قدر المستطاع، كنا في زمن
مضى نتبادل الأطباق المليئة بالحلوى والفواكه، ارجعوا لتلك العادات الجميلة
وانظروا أثرها في المجتمع والعلاقات بين الجيران والأهل، التي نتفنن في قطعها
يومًا بعد يوم..
ونختم بحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سَيُوَرِّثُه".