حازم البهواشي يكتب: ( السيستم واقع )!!
الجملة السحرية التي تريح الموظفين، وتصيب
العملاء بالإحباط، البديل العصري للجملة الشهيرة ( فوت علينا بُكرة يا سيد ) بصوت
الفنان الراحل ( رأفت فهيم ) _ رحمه الله _ في البرنامج الإذاعي الشهير ( همسة
عتاب ).
هذه الجملة التي أصبحت نظام حياة، وليست
جملة عابرة تسمعها في أماكن بعينها مثل البنوك؛ ففي حياتنا يكون (السيستم واقع)
بالمقارنة ببلاد كثيرة عرفت النظامَ في حياتها، وتركت العشوائية إلى غير رجعة،
وللأسف حين فسد ذوقنا بفعل عوامل كثيرة، أصبحنا نتعجب من ( النظام الصح )!!
حكت سيدةٌ فاضلة أنها كانت في متجر شهير، واشترت
قطعة ملابس كُتِبَ عليها سعرٌ ما، وحين ذهبت (للكاشير) وجدت السعر أعلى من
المكتوب، فقالت المرأة التي تسافر كثيرا لبلدان مختلفة: هذا ليس ذنبي ولا خطئي،
وعليكم تحمل خطئكم!! رفض المتجر الشهير هذا المنطق المعمول به في كل الأماكن
المحترمة، بل وبدأ البعض يهاجم السيدة؛ لأنها تريد أن تأخذ سلعة بأقل من ثمنها!! حدث
ذلك كله لأن ( السيستم واقع )!!
تتعدد الشكاوى من سوء المعاملة، سوء
المنتَج، سياسة البضاعة المباعة لا تُرد ولا تُستبدل إلا بالخناق، النصب في البيع
أونلاين، ذلك كله لأن ( سيستم الرقابة واقع ) رغم ما حدث به من تطور، و( سيستم
الضمير ) مستتر وليس له تقدير إلا عند من رحم ربي!!
عبارة ( السيستم واقع ) تمثل أزمة للمواطن،
وتَزيد من معاناته، وهي كذلك تبتعد بمجتمعنا خطواتٍ كثيرة نحو عالم احترام النظام
والقانون وتحمُّل مسؤولية الخطأ، وتُقربنا أكثر من عالم ( البيضة والحجر ) عالم
الفهلوة، الذي يتنصل ويتهرب من أي مسؤولية، المهم ( ما يغرمش )، المهم ( الغلطة مش
غلطتي )، وحين لا تعجبك الخدمة المقدمة، تظل في حيرة من أمرك، وإذا لم تعجبك خدمة
إحدى الشركات وتود التغيير لأخرى، فيكون رد الجميع (كلهم زفت)!!!
أما مَن تعاملَ في الخارج وسافرَ كثيرًا،
فتراهم حين يتحدثون أو يحكون عن شركات الخدمات أو أي جهة تقدم خدمة، يقولون: هذه
الشركات تعتذر لك عن الخطأ، تتحمل نتيجة خطئها، تقدم إليك التسهيلات، تعيد إليك
حقك.
إن حديث رسول الله ( إن اللهَ يُحب إذا عمِل
أحدُكم عملًا أن يُتقنَه ) جاء شاملًا جميعَ الأعمال الدينية والدنيوية، فالجودة
أهم من الكثرة، والعبرة ليست في أداء العمل فقط، ولكن في صفة الأداء أيضًا "…
وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" ( البقرة _ 195 ).
حين يقتنع كثيرون _ بالشواهد والدلائل من
مواقف مروا بها _ بأن المشروعات الناجحة والسلاسلَ العالمية حين تستثمر في مصر (
تتمصر ) والمقصود أنها تُصْبَغ بصبغة الفهلوة وعدم النظام والتعامل السييء مع
العميل، _ والتعميم مرفوض طبعًا _ فذلك دليل على أن ( السيستم واقع )، على أن
حياتنا تحتاج لمزيد من النظام، لمزيد من الوعي والأخلاق في التعامل، حتى لا نستيقظ
يومًا فنجد أخلاقياتِ التعامل أصبحت حبيسةَ مُتحف، ويظنها البعضُ حفرياتٍ انقرضت!!